8 مارس، 2024 4:57 ص
Search
Close this search box.

زومبي الثائر المسلم…وزومبي هوليوود

Facebook
Twitter
LinkedIn

اُعتُمِد مصطلح الزومبي للإشارة الى اسطورة الموتى الذين عادوا الى الحياة، كجثث متحركة.عادوا بنصف حياة وبلا شعور. على اساس أن عودتهم تتم بفعل السحر الأسود، واستحضار الأرواح والأشباح والشياطين. وقد استخدم هذا المصطلح في افلام الرعب والخيال حيث يقوم الزومبي الميت الحي المتحرك ببث الرعب في كل مكان، وينقل الامراض، وقد ينقل صفاته القبيحة الى الأحياء غير المصابين. أو يقتلهم ويقتات عليهم.
من المعلوم ان تاريخ الرواية والسينما الغربية ومنذ القرن التاسع عشر، قد طرحت في نتاجاتها فكرة الأموات الأحياء. ودرجت ستوديوهات هوليوود على انتاج العديد من افلام الخيال والرعب التي اتخذت من الجثث المتحركة موضوعًا لها. ولكن أُصطُلح على ان العام 1968م هو بدء هذا النوع من الأفلام. لأن هوليود انتجت فيه فلم بعنوان (ليلة الحي الميت) Night of the Living Deadللمخرج “جورج روميرو” وحقق هذا الفلم إيرادات خيالية في حينه. وأشادت به مكتبة الكونجرس. واختارته للحفظ في السجل الوطني للأفلام. وبهذا اُعتبر أول افلام الزومبي. والواقع ان مخرج الفلم لم يطلق على شخوصه في الفلم لقب زومبي، إنما أرادهم أن يظهروا بشكل مخيف، كالغول والسّعلاة في الأساطير. ولاقت هذه الأفلام الرواج والمشاهدة. ويرى البعض: أن الناس هم من أطلق مصطلح الزومبي على هذه الغيلان المتحركة. وعَلِقَ الاسم من حينها في الأذهان.!. وانا اتحفظ على هذا الرأي وسأعود للتعقيب عليه في نهاية هذا البحث.

أصل كلمة زومبي الهوليودية:
هنالك مصدران يمكن ان تكون كلمة زومبي قد اكتُسبت من أحدهما. المصدر الأول: انها كلمة تعني (صنم) تمت ملاحظتها سنة 1819م مستخدمة في ديانة تعرف بـ (الفودو) وهي ديانة غارقة في طقوس السحر والشعوذة وتقديس الطبيعة وارواح السلف. وتخضع لها بعض القبائل الوثنية الافريقية في غرب افريقيا، ديانة قائمة على إثارة الخوف لدى الناس بإعتقاد ان الأطباء السحرة المشعوذين لديهم القدرة على اعادة الموتى الى الحياة، والتحكم بهم كجثث بشرية بقوى سحرية. وهي اعتقادات الهدف منها في تلك القبائل السيطرة على المجتمعات بالتخويف. وأسباغ الهيبة والإحترام على من يمارسون هذا النوع من السحر الأسود والشعوذة. وانتقلت هذه الديانة مع الأفارقة الذين اختطفتهم البرتغال كرقيق في القرن الثامن عشر والتاسع عشر، واستخدمتهم في مستعمراتها في امريكا اللاتينية. ثُمَّ انتشرت هذه الديانة كثقافة شعبية خاصة في هاييتي. (اي الاعتقاد بامكانية عودة الأموات الى الحياة).

المصدر الثاني: إنها مقتبسة من اسم حقيقي لزعيم شاب مسلم عظيم، قاوم الإستعمار البرتغالي، وقاد ثورة تحررية للخلاص من الرق والإستعباد. في القرن السابع عشر. واستطاع تأسيس دولة مسلمة للعبيد في البرازيل. وأميل الى ان اقتباس مصطلح الزومبي أُقتبس من اسم الزعيم المسلم. وسأورد لاحقًا دواعي هذا الميل، بعد ان أُورد نبذة تعريفية لكفاح الزعيم (زومبي) وثورته التحررية:
تجارة العبيد:
في القرن السادس عشر كانت تجارة العبيد الافارقة تجري على قدم وساق. في رحلات بحرية لا إنسانية منهكة، يصفد فيها الأفارقة بسلاسل الحديد. ويودعون في جو خانق في قعر السفن. يذوقون فيها الموت الزؤام طوال الرحلة، بلا ماء ولا طعام الا ما يسد الرمق. فمن مات أو مرض مرضًا عضالًا او أصيب بوباء، أو تَمَرّدَ أو اعترَضَ، القي في البحر طعامًا للأسماك. وقد لا يصل منهم الى البر أحيانًا إلا القليل.
لقد كانت الدول الأوربية التي تستعمر افريقيا، تقوم بنقل الافارقة من السواحل الأفريقية. كعبيد وأيدي عاملة، الى مستعمراتها الجديدة في القارة الأمريكية. ليقوموا بما لهم من خبرات ومهارات، ببناء المستعمرات وزراعة الحقول بالمحاصيل، كالبن والذرة وقصب السكر والبطاطا… وقد نقلت البرتغال من “رقيق” افريقيا الى امريكا اللاتينية اعدادًا هائلة كان نصيب البرازيل، ما يزيد عن نصف مليون أفريقي، اغلبهم مسلمون. يقرأون ويكتبون، ويقرأون القرآن الكريم باللغة العربية. في وقت كان “الأسياد المستعمرون” أُميين لا يعرفون القراءة والكتابة. فإذا أراد سيد ان يبعث برسالة طلب من عبده ان يكتب له ما يملي عليه. فان وصلت الرسالة الى السيد الآخر طلب من عبده ان يقرأها له. ومن العبيد الأفارقة بدأ المستعمر يتعلم فنون العمران، واصول الزراعة، وغيرها من الحرف.
كما شحنت البرتغال الى البرازيل، بعد سقوط الأندلس، اعدادًا كبيرة من مسلمي الأندلس قسرًا كعبيد وخدم ضمن الممارسات القمعية التي قامت بها محاكم التفتيش. ومعلوم ان كل مسلمي الأندلس متعلمون وليس فيهم أُميين. في وقت كانت الأمية هي السائدة في البرتغاليين، بما فيهم النخب القيادية والمتحكمة.
ثورة باهيا التحررية:
الظروف القاسية المهينة والعقوبات الوحشية، التي كان يخضع لها العبيد من قِبَلِ الأسياد البرتغال في البرازيل، جعلت بعض العبيد يلجأون للهرب في الغابات والأدغال. ويعملون على بناء مجتمعات حرّة (مستوطنات) خاصة بهم. كان يطلق عليها اسم أحراش الزنوج. ولم ينس المسلمون ألأفارقة والأندلسيون دينهم الحنيف، فقد كان بينهم شيوخ ومعلمين منهم. يشحذون هممهم، ويوقدون فيهم سرًا شعلة الوعي، وضرورة التحرر من نير العبوية والإستعمار. ولا مناص أمام العبيد إلّا التمرد على اوضاعهم اللاإنسانية والسعي للتحرر. فكان من يجد فرصته للهرب يلتحق بهذه المستعمرات الصغيرة. وتدريجيًا بدأ تقارب هذه المجتمعات والتجمعات المتمركزة في مقاطعة (باهيا) الواقعة في شرق البرازيل. لتشكل ظهور أول التجمعات الرافضة للعبودية والمطالبة بالحرية. ولكن البرتغاليين رأوا أن تلك المستوطنات الإفريقية الحرة، في تلك المناطق غير المأهولة من قبل، قد أصبحت خطرًا على تجارة العبيد. لأنها تستقطبهم. وأنهم على أي حال متمردون في نظر المستعمر. فقاموا بحملات عسكرية، ضد هذه التجمعات، واخمدوا حركة العبيد المسلمين التحررية هذه في سنة 1576م.
جنجا زومبا قائد دولة بالماريس الإسلامية:
فشل هذه التجربة لم يفُتَّ في عضد المسلمين المستَعبَدين. وانما استمروا في محاولاتهم التحررية كلما وجدوا الفرصة للتجمع وإعادة التنظيم واعداد العدة.. فكانوا يواجهون على الدوام بالقمع من القوات المستعمِرة. ومن ضمن محاولات التحرر قيامهم بثورة (مستوطنة بالماريس) التي تعرف اليوم بـ (ولاية الأغواس) وتقع في شمال شرق البرازيل، والى الشمال من (باهيا).
توسعت مستوطنة بالماريس. بتحالفها في سنة 1630م مع تسع من المستوطنات (المحصنة) المجاورة لتشكيل كيان أو دولة إسلامية كبيرة موحدة مركزها (بالماريس). فأصبحت بالماريس( وتعني مملكة او جمهورية النخلة) ذات تنظيم مدني سياسي وعسكري وخدمي. وكانت ملاذًا للعبيد الهاربين، فبلغ مجموع سكان الدولة الجديدة قرابة الثلاثون الفًا. ووقع الإختيار على (جنجا زومبا) ليكون القائد والملك للدولة الوليدة. (يعتقد ان إسم جنجا زومبا من الأسماء ألإنغولية أو الكونغولية. وانه كان ابنًا لابنة ملك الكونغو الذي قاد معركة كبيرة ضد البرتغاليين في افريقيا، وخسر المعركة). وكان ابن اخته الشاب المسلم (زومبي) احد القادة الشجعان لإحدى مستوطنات الدولة الجديدة. فنمت دولة بالماريس اقتصاديًا وعسكريًا. وكان الخوف يتملك البرتغاليين من تمرد العبيد ومن وحدة المسلمين. فدخل المستعمر البرتغالي ضد بالماريس في عدّة حروب صعبة.
رأى الملك (جنجا زومبا) ان الثورة والدولة الجديدة، كانت تستهدف تحرير العبيد من قيود العبودية والرق، لذا فحين عرض عليه الحاكم البرتغالي، ايقاف الحملات العسكرية على بالماريس. وتحرير جميع العبيد فيها ، مقابل خضوع بالماريس ودخولها تحت السلطة البرتغالية الحاكمة. قبل الزعيم (جنجا زومبا) هذا العرض، وآثر السلام بإعتباره يحقق هدفًا أساسيًا من أهداف الثورة. فعقد اتفاقية الصلح مع البرتغاليين.
زومبي قائد ثورة بالماريس:
رفض القائد المسلم زومبي هذه الإتفاقية التي عقدها خاله. واعتبرها مجحفة بحقهم وحق دولتهم الوليدة. إذ ستبقى دولتهم الوليدة خاضعة للإستعمار البرتغالي، وأن الاتفاقية لاتغطي منظومة العبيد خارج بالماريس. كما انه لا يثق بالبرتغاليين ولا بوعودهم. وانه من مصلحة العبيد الأفارقة المضي بالمقاومة الى أبعد مدى. فقام بانقلاب على خاله الزعيم جنجا زومبا، ونحّاه عن الحكم. ليتولى هو زمام الامور في المملكة.

واصل القائد الملك زومبي قيادة المواجهة مع البرتغال، ولسنوات تالية امتدت للفترة من عام 1678 ولغاية عام 1694م. حقق خلالها انتصارات كبيرة، وتوسع في النفوذ فاحتل أكثر من 20 موقعاً من مقاطعة (باهيا) جارته الجنوبية التي كانت تحت الاحتلال البرتغالي. وعكف على تنمية قدرات بالماريس وشعبها وقوانينها الخاصة بها. فحرص على رفع مستوى الوعي الديني للناس، ببث العقيدة الاسلامية الصحيحة، ونشر القيم، وأتاح المجال لتولى المعلمين ومشايخ الدين، للوعظ والإرشاد، فقد كان للدين دوره البارز في شحذ الهمم. وتقوية الإيمان في النفوس، وتعليمهم احكام الشريعة، وتذكيرهم بإصولهم الإسلامية، وبث روح التحرر والانعتاق من الرق والعبودية “للأسياد”، وأحيا فيهم الوعي.

عاشت مملكة بالماريس الإسلامية الإكتفاء الذاتي لشعبها. إذ قاموا بزراعة التبغ، والفاصولياء، وقصب السكر، والبطاطا. وغير ذلك…كما قاموا بتربية الدواجن والمواشي. واعتمدوا نظام المقايضة في السلع والمنتجات الزراعية والصناعية مع المستوطنات المجاورة، ووضعوا القوانين المدنية، والجنائية المنظمة للحياة اليومية، كقوانين السرقة والغش والزنا والأحوال الشخصية… كما فرضوا الضرائب للخدمة الاجتماعية،. ودعموا المنظومة العسكرية للقتال وحماية الحدود، وأقاموا التحصينات الطينية والأبراج العالية من أجل الدفاع عن دولتهم ضد أي غزو إستعماري. كل هذه الترتيبات بثت فيهم روحًا من الاستقلال والحرية والعزيمة الإيمانية الراسخة. وسط أعماق الغابات البرازيلية، وأضحت مملكة بالماريس رمزًا للتحرر من العبودية والظلم الاجتماعي.

واجهت مملكة بالماريس حملات عديدة من الجيوش الغازية سواء البرتغالية أو الهولندية والتي كانت متنافسة ومتقاتلة فيما بينها من اجل السيطرة على الأراضي البرازيلية. وقد تأخذ الحملات طابعًا دينيًا تحت مسمى (حملة الصليب). ورغم ذلك صمدت مملكة بالماريس لعدة عقود من الزمن. واصل فيها الملك القائد زومبي المقاومة والثورة، ولم تستطع السلطات البرتغالية إيقاف مد المسلمين ومملكتهم.
جَهّز البرتغاليون قوتهم القتالية لحملة ضروس. واستعانوا بجنود على مستوى عالٍ من التدريب من المقاطعات المجاورة الخاضعة لسيطرة البرتغال. وقطعوا طرق الإمداد ووضعوا مملكة بالماريس تحت الحصار الإقتصادي والعسكري طويلاً، حتى هلك الناس من الجوع. فأساليب المستعمر في تجويع الشعوب مازالت هي هي في القديم والحديث. (وحصار الشعب العراقي في التسعينات نموذجًا لهذا الصنيع). واستمرت هذه الحملة الظالمة من عام 1694 حتى عام 1697م . ولم تكسر وحشية المستعمر، ارادة الشعب الأبي شعب بالماريس (البالمارون)، ولم تحل بينه وبين المضي في المقاومة. حتى بعد ان اصيب الزعيم زومبي بإصابة بليغة في قدمه.
وبما أن مملكة بالماريس محصنة، قررت السلطات الاستعمارية اقتحام المدينة بدك اسوارها بالمدفعية الثقيلة. ولتعذر وصول المدفعية عبر الأدغال والغابات والأحراش الى أسوار بالماريس. فقد جرى العمل على شق طريق لها يخترق كل العقبات، ولمسافة 350 كم. وجِيءَ بها أخيرًا لتدك اسوار بالماريس.
ومن الطبيعي ان قوة النار واستخدام المدافع، وزخم الهجوم والحصار، أمام الإمكانيات القليلة والمحدودة للمسلمين. فقد آن للحرب أن تنتهي الى ما انتهت اليه.

بحلول عام 1695م، سقطت مملكة بالماريس تحت نيران البرتغال وهُزم البالمارون. وتعرضت مدنهم وقراهم لاكبر عملية سلب ونهب واحراق، وتدمير لكل شيء. وإتلاف لكل الوثائق المتعلقة بالحركة التحررية التي قادها الملك الشجاع زومبي. أما الذين نجوا وفروا من بالماريس فقد لاحقتهم القوات البرتغالية في السنوات التالية ولقرابة عقدين من الزمن. حتى لا يبقى لمملكة الملك زومبي تاريخ يذكر.
مقتل الملك القائد زومبي:
عندما عثروا على مخبأ القائد زومبي وقبضوا عليه في 20 تشرين ثاني من عام 1695، بسبب خيانة أحد الأتباع المقبوض عليهم. والذي ساومُوه على حياتِهِ مُقابل أن يدلَّهم على مكان المخبأ. تمّ قتله. وتعاملوا بجثمانه بأبشع صورة، فقطع رأسه، وأعضاؤه التناسلية، وتم التمثيل بجثته، وشوهوها. وطافوا بها في إحدى المدن الكبرى. لإثارة الرهبة لدى أي “عبد” تسول له نفسه الثَّورة على “الأسياد” البرتغال. كما تعاملوا مع أتباعه بالقتل والبيع في سوق العبيد.
اطلق المستعمِر حملة من التشويه والتزييف لكل ما يمت للمملكة وللثورة بِصِلة. فقاموا باتلاف كل الكتب والوثائق المتعلقة بالمملكة، لطمس معالم هذه الحقبة من التاريخ. (لاحظ ذات الفعل تم في حرق السجلات والوثائق والمكتبة الوطنية….أيام الإحتلال الأمريكي للعراق). وعليه يؤكد الباحثون ان التواريخ في قصة مملكة بالماريس هي على وجه التقريب وليست دقيقة لفقدان الوثائق.
تمّ ترحيل الأسرى وبيعهم في مناطق متفرقة في أقصى شمال البرازيل حتى لا تتاح فرصة لتجمَّع رفاق السلاح مرة ثانية، وأن لا يجدوا طريقًا سهلاً للم الشمل من جديد.
لم تكن ثورة زومبي ضد المستعمر البرتغالي هي الثورة الوحيدة في تاريخ البرازيل ، ولم تكن بالماريس المملكة الوحيدة التي قاومت وتوهجت فيها شعلة الحرية حينًا من الزمن، فقد حدثت سلسلة من الثورات في اكثر من موقع. امتدت على مدى قرون ضد الإستعباد واملاً في قيام ممالك اسلامية للأفارقة والأندلسيين، لكن ثوراتهم كانت على الدوام تقمع بمنتهى القسوة والوحشية، وكانت اساليب محاكم التفتيش الإسبانية، هي ذاتها السائدة في التعامل مع العبيد المسلمين. فقد أجبرهم المستعمر على التنصر وترك دينهم. وتغيير أسمائهم. وفعلًا تنصّر من المسلمين من تنصّر بالإجبار، واستشهد من استشهد، وعاد البعض الى الوثنية وطقوسها الأفريقية القديمة. وما زالت بعض شعائر الوثنية وطقوسها، من تركة ذلك التحول، تقام في مهرجانات “البرازيل” إلى اليوم.

الإحتفالات الشعبية البرازيلية بذكرى زومبي:

ويبقى الملك القائد زومبي الأكثر شهرة في ثورات العبيد نظراً لقوة وامتداد ثورته ومملكته، ويُعَدُّ شخصية تاريخية عظيمة في تاريخ البرازيل. ورمزًا وبطلًا قوميًّا برازيليًا. حارب العبودية والمستعمر. ورائدًا من رواد مقاومة الرق والعبودية. كما صُنِعت الأفلام حوله في السينما البرازيلية. وتحتفظ البرازيل اليوم في العديد من الميادين في العاصمة برازيليا، والاغواس وغيرها بتماثيل من البرونز للقائد زومبي، تخليدًا لنضاله الطويل في التحرر من العبودية والإستعمار. كما ويقام احتفال شعبي سنوي، في العشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام (وهو يوم اعدام الزعيم زومبي) إحياءً لذكراه تحت عنوان يوم الوعي الأسود (اي وعي العبيد الأفارقة البرازيليين).

زومبي السينما الغربية (هوليوود):
يمكن ملاحظة إن التحامل على العرب والمسلمين في افلام هوليوود كثيرة جدًا. وعمدت الثقافة والإنتاج في السينما الغربية، على استخدام افلام الرعب والألعاب الإلكترونية التي تنتجها، لشخصيات (الجثث المتحركة) إسقاط اسم القائد المسلم زومبي. ومصير جثته عليها. لخلق مشهد من الإثارة والخوف والرعب. بُغية تشويه ثورة (العبيد) المتمردين على (الأسياد). وغمط نضالهم التحرري. وقطعًا لم يكن يستهدف منتجو ألأفلام، إثارة الخيال والمتعة لدى المشاهد في انتاجهم فحسب، وانما هناك قصد محدد في اختيار الإسم (زومبي).
أمّا مسألة الزعم ان أسم الزومبي مقتبس من عبادة الفودو، وان الناس هم من اطلق الاسم على تلك الجثث المتحركة، فإن ذلك قد يكون بعيد عن الصواب لأمور:
1- ان عبادة الفودو المعروفة للكثير، تتعلق بفكرة عودة الأموات الى الحياة كهياكل يتم التحكم بها من قبل العرافين السحرة. ولا إشكال في ذلك. ولكن الإشكال في معرفة وجود مصطلح الزومبي ضمن هذه الديانة، فهذه المعرفة مقصورةً على نطاق ضيق ومحدود عند المتخصص بدراسة عبادة الفودو. ولنا ان نتسائل: كم من الناس إطّلَع على هذه الديانه؟. وكم عدد من لاحظ هذا الإسم بالذات في طقوس هذه الديانه؟. ليربط فكرة الحي الميت بمصطلح الزومبي. هذه الاسئلة تجعل من المستبعد ان يكون الجمهور مصدر التسمية. ثُمَّ إن (زومبي) في عبادة الفودو تعني (صنم)، وقطعًا لا تجانس بين الصنم، والكائن المرعب الميت المتحرك.
2- وجود ثقافة شعبية او إعتقادات لدى طوائف من الناس في الوقت الراهن، بأن هناك أموات أحياء، لايعني ان مصطلح الزومبي حاضر في تلك الثقافة. بدليل ان السينما الغربية تعاملت مع هذه الأعتقادات، واظهرت هذه الكائنات الإسطورية في العشرات من افلامها منذ القرن التاسع عشر. ولم يُعرَف انها استخدمت هذا المصطلح.
3- الاحتفالات الشعبية السنوية التي تقام في البرازيل لإحياء ذكرى الملك زومبي تشهدها اعداد غفيرة من السواح والزائرين. ولطالما التقطوا بكامراتهم صورًا لتماثيل زومبي المنصوبة في بعض الميادين. فشهرته ليست موضع شك.. فالإسم وتاريخه حاضر في الأذهان.
4- كون الملك زومبي حاضرا في الاذهان ولانه يرتبط بالاسلام. فالمتوقع أن تكون هنالك فئة من المتعصبين والعنصريين، من اصحاب الأقلام أو منتجي الأفلام في هوليوود. ستضمر الامتعاض منه. وستسعى للتشويه والتعمية على مثل هذه الشخصية “الأفريقية السوداء!”. لتجعلها شخصية تقتات لحوم البشر، مغيبة عن الوعي وعن السيطرة الذاتية.
5- غالبًا في الافلام الهوليوودية التي تتعرض لعظماء التاريخ الإسلامي، يمكنك وبشكل عام، ان تخرج بانطباع كلّي، انها تعطي صورة سيئة عن العرب والمسلمين ، وتظهرهم على أمثال هذه الشاكلة: مسلوبي الإرادة، كسالى، حوش، قراصنة، متمردين. متخلفين…. وهذا يضع السينما الغربية في خانة القصد وعدم الحيادية. ونذكر هنا الصورة المشوهة، في أفلام ذات شهرة بلغت الآفاق. اظهروا فيها أبطال البحر المسلمين: كيوسف الريّس (جاك سبارو)، وخير الدين بارباروسا (ذو اللحية الحمراء)، وغيرهم. وتقديمهم كرمز للهمجية، أوللهزء والسخرية بطابع كوميدي.
6- الملك او الزعيم زومبي له حضور تاريخي. وشهرة في اوساط الشعب البرازيلي. فهو يشكل في تاريخهم رمزًا من رموز المقاومة. وقائد ثورة تحرير العبيد. ويأتي اسقاط هوليود لإسمه على (الميت المتحرك) يوحي بالنظرة الاستعمارية التاريخية المهينة للأفريقي الأسود. والتي ما زال يدين بها بعض العنصريين من الجنس الأبيض.. وهذا الإسقاط، يهدف الى مسخ اسم زومبي من الذاكرة الشعبية. فلا يعود له ذكر في التاريخ، سوى الصورة النمطية المعروضة على الشاشة.
7- تَعَمُّدت هوليود في اسقاط صفات (الزومبي) على العربي والمسلم صراحة. ولا ادل على ذلك من فلم (حرب الزومبي العالمية World war Z) والذ قام بدور البطولة فية الممثل والمنتج الأمريكي ”براد بيت” حيث اسقط صفات الزومبي على العرب والفلسطينيين. فصورهم كزومبي بالغ الوحشية. بل وليس كالزومبي المتعارف عليه بطيء الحركة. وانما زومبي له قدرات خارقة في سرعة الحركة والتسلق واقتحام الجدار الفاصل. ليعيثوا في الناس على الجهة الأخرى القتل والدمار. وهذا يعطيك فكرة عن مقدار التحامل في هذا الفلم… وفي الختام زومبي الأفلام تسمية، لا يمكن تجاهل مُسمّاها.

الرابط والصفحة https://kitabat.com/author/khaladabdelmagid-com/
البريد الالكتروني [email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب