“المرأة نكدية” عبارة متداولة واظنها خاطئة في اطلاقها العام ، نعم لها مصاديق من وجهة نظر الرجال بل ومن خلال تجاربهم ، لكن اليك الذي يحدث : المراة كائن يحب ان يكون سعيدا ويعيش برغد وهذا متفق عليه وانت ايضا تردده بقناعة ، فإذن كيف يتناسب هذا مع قولك انها نكدية ، لا يتناسب منطقا قطعا ، فالذي يحب السعادة وينشدها لن يفرط بها إن ظفر بها ولن ينغّصها ان لمسها ، الرجل ليس نكديا ايضا ، ليس لأنه يفضل رغد العيش والسعادة كالمراة فهو بعيد نسبيا عن هذا ، بل لأنه منشغل البال بامور اكبر واهم من عمل وسياسة ورياضة ومسؤوليات فلذلك لا يجد متسعا للتنكيد على الاخرين فضلا عن نفسه فحياته منكّدة اصلا بسبب الضغوط سواء كان غنيا او فقيرا لا فرق ، فهو يهرب الى الراحة قليلا ، ولكن الاسترخاء عند الرجل هو السعادة ويختلف بذلك عن السعادة عند المراة ، فالتنزّه والتبضع والثرثرة والصحبة والمشاركة والمشاهدة والسماع حتى وان كان لأشياء تظنها انت “تافهة” هي السعادة عندها .
هنا تتضارب الغايات ولذلك تتصادم الوسائل ، فالمراة تريد ان تتكلم والرجل يريد ان يصمت وهي تريد ان تتنزه وهو يريد ان يضطجع امام التلفزيون ،هو يريد ان يحسب امور الغد وهي تريد ان يتغزل ويلاطف ، هي تريد متابعة احداث المسلسل ومالذي حصل لحبيبة بولانت وهو يريد ان يعرف ماذا حدث في اوكرانيا وما الذي سيفعله بوتين ، وهي مستغربة مستفزة كثيرا من هذه الفكرة فزوجها لا علاقة ولا تاثير له حتى في شؤون الزقاق فكيف سيؤثر على اوكرانيا !، وبعد هذا كله لا موضوع مشترك ولا صحبة ولا تواصل ممتع تحتاجه المراة بشكل كبير ،
فتبدا بالتململ و بالتذمر ثم الشكوى “وهذا واقع تلمسه” وهو يبدا بالتبرّم من تلك الشكوى “وهذا حاصل تعايشه ” لكنه لا يريد ان يعترف به او يلقي اللوم على نفسه وتقصيره -ليس لانه لا يحب ان يواجه اخطاءه مثل المراة- ولكن لانه يستسهل اسقاط السبب على المراة بقضية “التنكيد والثرثرة وكثرة الشكوى” المتهمة بها اصلا ، ولكن الحقيقة انه لو كان قادرا منذ الاصل على الاحتواء والانصات والمشاركة والمداراة لما ظهرت الشكوى ولا وصلت حد التنكيد ، والسر من ناحية الرجل هو “عَتبة التحمّل” واجتيازها بصبر ، والمراة اذا عاشت في اضطراب واحتياج وقلة اهتمام وقلة استماع صارت تعيسة ، واذا تعست المراة تعس من حولها فهي لا تحب التضحية والتحمل بصمت “وهذا حق وطبيعة ” فاذا حزنت وخاب املها كل يوم قلبت البيت الى جحيم او على الاقل الى خربة شبه مهجورة هذا ان كانت ممن يخفن الله -و هنّ قليل- ، وذلك لان هذا في طبعها لا تسيطر عليه ، اما اذا كانت سعيدة فستجعل من حولها سعداء ، فهي ليست كالرجل الذي لا يهتم بنشر السعادة حتى و إن حازها لانه لا يمتلك ادوات النشر التي يمتلكها كل من الاطفال والنساء ،
فاذا كنت تريد ان تجعل حياتك سعيدة فاجعل زوجتك سعيدة فالوصفة بسيطة حث عليها النبي عليه الصلاة والسلام بالتوصية بمعاملة الاهل باحسن ما يمكن للرجل ان يفعل “ويعني إسعادهم” ، وقد لخّصت تلك المعادلة حديثا الجملة الانكليزية الشهيرة التي صارت مثلا :”Happy wife , happy life”