23 ديسمبر، 2024 3:32 ص

زواج المسيار بين تحرير الكويت واحتلال اليمن !

زواج المسيار بين تحرير الكويت واحتلال اليمن !

هو التأريخ يكتب ولا ينسى وإن كانت نعمة النسيان واحدة من بركات الله سبحانه وتعالى تكريماً لصناعة الأمل بالنفس البشرية ، ولكن قد أستخدمها أتباع الشيطان لتكون نقمة يستخدمونها في السطوة على عقول الجهلاء والبسطاء ، ظناً منهم أن الجميع يمكن استغفاله .

عندما نجحت السفيرة الأمريكية في بغداد في نهاية سنة 1989 بالتعاون مع زعماء الرجعية العربية ( الطناطل ) في جزيرة وخليج العرب من إيقاع النظام العراقي السابق بالفخ العميق لأجل أن يكون البداية في تدمير الدولة العراقية وتشجعيه على الدخول للكويت من أجل تأديب عائلة أل صباح الفاسدة بعدما لعبت بمقدرات لقمة عيش العراقيين من أجل تجويعهم ولم تحفظ جميل حماية أماراتهم الفاسدة من المد الخميني طيلة سنوات من نزيف الشباب العراقي وضياع مستقبل التنمية والتطور في بلادنا ، كان الجميع متفقاً من أن تلك الأمارات النائمة بسبات لا ينتهي ولا يزال ، أن يحولون القدرات العسكرية العراقية التي أصبحت تضاهي الدول الأولى عسكرياً ، أن يتم القضاء عليها ، وجميعهم يعلمون جيداً أن تلك القدرات ستوظف لمصلحة الأمن القومي العربي في نهاية المطاف .

بعد دخول الجيش العراقي للكويت الذي لم يستغرق إلا ساعات معدودة ، لأن أل صباح وجميع من معهم قد هربوا وتناثروا في الأصقاع ، لأنهم لا يمتلكون الارتباط الحقيقي بتلك الأرض ، ويعلمون بسريرتهم أنهم موجودين كمستثمرين مؤقتين لا أكثر ، وأنهم مجرد بيادق شطرنج تتلاعب بهم القوى الاستعمارية التي أوجدتهم أصلاً .

تحول الخطاب السياسي الذي قادته السعودية حينما اختطفت ما يسمى بالجامعة العربية واعتبار دخول الجيش العراقي للكويت جريمة واعتداء وتدخل بشؤون دولة مستقلة !! لها مقعد في الجامعة العربية وفي الهيئة العامة للأمم المتحدة ، فقامت بعدوانها الذي حشدت لها أكثر من أربعون دولة من الشرق والغرب ، ودمرت البنية التحتية للجيش والقوات المسلحة العراقية ، وضربت المنشآت والمصانع والأسواق والبيوت وقتلت ما قتلت وأزهقت الأرواح ، تحت عنوان استعادة الشرعية لحكومة الكويت .

واليوم تقوم السعودية بنفس الدور الذي قام به الجيش العراقي بالكويت ، وهي مطمأنة لتصرفاتها ، لأن في كلا الحالتين كانت تعمل بنفس الأوامر ومن السيد الأمريكي والصهيوني نفسه ، ولم تبالي لقواعد اللعبة التي انتقدتها بالأمس وجيشت لها الجيوش أن تعكس التوجهات وتقوم هي بما انتقدته بالأمس لتنفذه اليوم باليمن من دون خجل ، أو رجوع للتأريخ ، لأنها تعلم علم اليقين أن المال الفاسد الذي تمتلكه ، يمكنه أن يقلب الحق إلى باطل ، والباطل إلى حق بما يتلاءم ومصالح تل أبيب وواشنطن ولندن .

وهي تعلم كذلك وجميع حلفائها من الأعراب المستعربة ، أنها بجريمتها التي فعلتها بالعراق وبجريمتها التي تفعلها الآن باليمن ، أنها لا تخدم سوى جهتين أساسيتين ، يكونان هما المنتفعين الأوائل عما جرى ويجري ، وهي إسرائيل من جهة حينما تتحطم القدرات العسكرية والبشرية

العربية ، ومن جهة أخرى ، إيران التي تستثمر دائماً بقايا موائد الصراع ، حينما تدغدغ الأنفاس الطائفية لدى تلك الشعوب المقهورة من تصرفات عائلات فاسدة قد استحكمت السلطة بدعم استعماري واضح وجلي بعنوان عروبي مزيف .

وبعدما تحدث الكارثة ، تقوم السعودية وحلفائها بنصب مجالس العزاء على ضياع العراق وغيره لأنه أصبح تحت السطوة الإيرانية .

كل ما جرى ويجري هو ضمن العقيدة الوهابية المتجذرة بالمدرسة التي قام عليها الكيان السعودي الذي لا يعترف بشيء أسمه العروبة أو الإسلام ، وكلما نسمعه بالأعلام السعودي حول الغيرة العربية التي تعمل فيها لمواجهة المد الصفوي الشيعي كما تسميه هو فقط لخداع الشعوب ، ولكن المؤلم أن نجد جزء كبير من شعبنا العراقي وخاصة بعض السياسيين اللذين يعتقدون أن السعودية حامية لطائفتهم وعروبتهم ، والعربي على العموم ، يصدق من دون تحليل وتبحر في تصديق تلك الخديعة السعودية القديمة المتجددة ، ومن يعمل إحصائية علمية للأنظمة التي تساند عادة المخططات السعودية يجدها جميعاً هي أنظمة مرتبطة بشكل وثيق بالمشروع الصهيوني الأمريكي ، الذي يقدم عادة النتائج المرجوة لتنفع في أضعاف الدور الإسلامي الموحد والدور القومي العربي ، ويخدم بشكل مباشر التوجهات الإيرانية ، وما حصل في لبنان وسوريا والعراق وما يحصل اليوم باليمن هو خير برهان ودليل .

لو كان المواطن العربي في تلك البلدان يشعر بحمية السعودية عليه كمواطن عربي لا يتم النظر إلى دينه أو طائفته ، لما أضطر إلى التناغم مع الاحتواء الإيراني حينما يبرز العنوان الطائفي على حساب العنوان القومي أو الديني الشامل .

هو زواج المسيار الذي يفعله السعوديون بحياتهم اليومية ، قد تم تطبيقه في معالجة هموم الكويت بالأمس واليوم باليمن .