18 ديسمبر، 2024 9:00 م

زواج المتعة بين الحلال والحرام؟!

زواج المتعة بين الحلال والحرام؟!

جاء الدين الأسلامي رحمة للناس وما أحكامه التي تناولت كل مفردة من مفردات حياة الأنسان ألا بمثابة الحصن الحصين لحمايته من الوقوع في الخطأ والزلل. ولأن الرسول العظيم(ص) هو من حمل تلك الرسالة السمحاء وبشر بها ،فقد توقع صلوات الله عليه وعلى آله وأصحابه السلام وهو في أواخر أيامه بظهور الفتن والبلاء في الأسلام ،وكما توقعها من بعده الخليفة الراشد عمر بن الخطاب (رض)، وهو ما حدث فعلا حيث ظهرت الكثير من الشروخ على الأسلام هددت ذلك البنيان العظيم، وكاد الاسلام وكتاب الله العظيم أن ينكفيء على وجهه من جراء ذلك، لولا أرادة ومشيئة الله في حفظ القرآن الكريم والرسالة الأسلامية( انا أنزلنا الذكر وأنا أليه لحافظون) صدق الله العظيم.وبعد زوال النظام السابق وأشتداد عضد الأحزاب والتيارات الأسلامية في العراق، بدأت تظهر على السطح الكثير من المفاهيم الدينية والتي لم يعرف الناس عنها الكثير ولم يتطرقوا بها أبان الأنظمة السابقة التي حكمت العراق منذ تأسيسه وتحديدا فترة النظام السابق، وأن تكلموا بها فيكون ذلك همسا! . وبعد التغير الكبير الذي حدث بالعراق في 2003 أصبح النقاش والأجتهاد بهذه الأمور الدينية يظهر للعلن ويأخذ أبعاد خطيرة وصلت حد التشويه!، وهذا ناتج عن الفهم السطحي لأمور الدين وفقهه. وعراقنا اليوم بكل أطيافه ومذاهبه ومكوناته يمر بمرحلة خطيرة جدا تحتاج من الجميع عدم الخوض في أمور الدين بلا معرفة ولا أطلاع واسع كي لا نقع في الخطأ، وأن لا ندخل في مساجلات ومجاملات لا تؤدي بنا ألا الى مزيد من الفرقة!، قال الأمام علي (ع) ( لا تجادلوا في الدين فأن الدين قلاب ذو وجوه). ومن الأمور الدينية المهمة التي يكثر الحديث عنها في الشارع العراقي وبين الناس هو (زواج المتعة)، وهل هو حلال أم حرام؟. نقول: ومع الأسف الشديد أن الكثرة الكثيرة من الناس أساءت فهم وتطبيق هذا المفهوم الأسلامي الرائع حتى أصابه التشويه! ولا زالت حالة اللبس عن هذا الموضوع قائمة.فقد روي عن أحمد بن حنبل في مسنده عن عمران بن حصين قال : (((نزلت آية المتعة في كتاب الله تبارك وتعالى ( فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة). سورة النساء آية 23 ، وقد عملنا بها مع رسول الله فلم تنزل آية تنسخها كما لم ينه عنها النبي (ص) حتى مات))). وقد نقل هذه الرواية أيضا مسلم في صحيحه (باب جواز المتعة) وقد ورد ذلك أيضا عن الطبري- النيسابوري- الفخر الرازي- السيوطي في الدر المنثور- أبو داود- بن جريد. ولكن الذي حدث! هو أنه في خلافة عمر بن الخطاب (رض) أسيء فهم هذا الموضوع وتطبيقه وأحكامه. فخاف عمر(رض) أن يؤدي ذلك الى حالة من الأنحلال والتفسخ في المجتمع الأسلامي، فحرصا منه على وحدة وقوة المجتمع الأسلامي نهى عن ذلك! وقال: (متعتان كانت على عهد الرسول(ص) وأنا أنهي عنهما وأعاقب عليهما… متعة النساء ومتعة الحج). وهنا يظهر صدق الخليفة عمر (رض) مع نفسه ومع الآخرين حين نسب التحريم الى نفسه لأنه يعرف أن المتعة لم تكن منسوخة أيام النبي (ص) حتى وفاته ،وعمل بها بعده الخليفة أبو بكر (رض). وللتوضيح أكثر سنذكر هنا أوجه التشابه بين زواج المتعة والزواج الدائم والفوارق بينهما
أوجه التشابه بين زواج المتعة والزواج الدائم:
1 – مهر معلوم الى أجل معلوم
2 – عقد نكاح جامع للشرائط التي تتوقف على صحة العقد
3 – يكون العقد مباشر بين الرجل والمرأة أو من يتوكل عنها
4 – أذا أنتهت المدة عليها ألتزام العدة وجوبا
5 – للولد من النكاح المؤقت مثل الولد من الزواج الدائم.. وله من الأحكام ما للولد الدائم من حيث أنه يلحق بأبيه ويدعي به ويرث أباه وفي حالة واحدة ينتفي من أبيه، وهي أذا نفاه من دون لعان.. وهناك قول/ ينتفي باللعان كما في العقد الدائم.
الفوارق بين زواج المتعة والزواج الدائم:
1 – عدم التوارث بين الزوجين بالمتعة.. وأذا اريد فيتم بشروط.
2 – عدم النفقة.. وأذا اريد ذلك فيتم بشروط أيضا.
3 – يحق للرجل أن يعتزلها دون أذنها
4 – ليست من الأربعة المباح الزواج منها.
نعود الى صلب الموضوع ، فبعد كل ما ورد آنفا نخلص الى نتيجة وهي ((أن زواج المتعة هو زواج حلال أحله الله ورسوله)). ونأتي الى النقطة الأهم وهي كيفية تطبيق زواج المتعة ومتى؟!، وهنا يكمن جوهر الموضوع، مما لا شك فيه أنه ليس هناك أي خطأ في تعاليم الدين الأسلامي، لا سامح الله لأن القرآن الكريم هو كلام الله سبحانه وتعالى ودستوره على العباد ، ففي صدر الرسالىة الأسلامية لم تكن هناك وسائط نقل حديثة كالتي هي عليه الآن سوى الدواب بأنواعها، فكان الذهاب للحج مثلا يأخذ وقتا يطول الى أكثر من خمسة أو ستة أشهر ونفس الشيء عند الغزوات والفتوحات الأسلامية، أو من يذهب الى بلدان بعيدة طلبا للعلم والمعرفة ، ففي الحالة هذه يأتي تطبيق زواج المتعة ليحصن المسلم من الوقوع في المعصية وحتى لا يقرب الزنا وهو من المعاصي والكبائر عند الله سبحانه وتعالى. فنخلص من ذلك أن الأسلام عندما حلله حلله عند ظرف معين لا مجال للشك والتشويه فيه. ومن الضروري أن نذكر هنا: أن الغريزة الجنسية التي وضعها الله في الأنسان جعل لها العقل الذي هو زينة الأنسان وهو الذي فرقه عن الحيوان، ويجب ان يكون هذا العقل هو المسيطر على تلك الغريزة ويوظفها بالشكل الصحيح الذي يرضي الله أولا وضمير الأنسان ثانيا، فليس كلما تتحرك الغريزة والرغبة الجنسية معناه الأندفاع لأرتكاب المعاصي والأخطاء؟!. ففي عصرنا الحديث ويومنا هذا نرى أن هناك أفق ضيقة جدا لتطبيق هذا التشريع الأسلامي ولا يقدم عليه ألا المؤمنون الصادقون الذين يخافون الله ويتجنبون معصيته. فلا نعتقد مثلا أن الشخص الذي يروم زيارة الأئمة الأطهار(ع) أو الذهاب للحج أو الذي يسافر للأيفاد من قبل دائرته والتي لا تتجاوز كلها بضعة أيام أو أسبوع أو أسبوعين تعطيه المبرر أن يتزوج زواج متعة!، فالأنسان العادي قبل كل شيء والمؤمن خاصة يجب أن يمتلك القوة لكبت رغباته ( والنفس كالفرس الجموح.. وعقلها لجامها). أما ما نسمع عنه الآن من أنتشار ظاهرة زواج المتعة حتى وصل الى الجامعات! فهذا هو التشويه بعينه لأحكام الدين لأن مثل هذا الزواج في هذه الحالة لا يتعدى كونه أجتماعا لتفريغ حالة الكبت الجنسي! مغطاة بقشرة خفيفة من الدين دون التطبيق لكل أحكامه وشروطه ولا يقدم على هذا ألا الطائشون من الشباب والشابات والذين هم في حقيقتهم لا يعرفون ولا يفقهون شيئا من الدين ألا الأسم فقط!. وهنا تكمن خطورة الفهم والتطبيق لتصل الى تشويه أحدى أحكام الله سبحانه وتعالى وتشريعاته. نقول أخيرا: ماذا طبقنا نحن المسلمين من تعاليم الأسلام وأخلاقه؟، حتى نذهب بكل مكر و خبث لتطبيق أحدى شرائع الله(زواج المتعة) الذي ما زال الجدال والنقاش فيه يأخذ الكثير الكثير بين المراجع العليا لكل مذاهبنا الأسلامية، ونحن في أعماقنا نحمل في ذلك غاية السوء والتحايل على الدين؟! فعلينا أن لا نجعل من الدين العظيم وأحكامه وسيلة لفسادنا ولتبرير الكثير من غاياتنا المريضة!!.