23 ديسمبر، 2024 8:13 ص

زواج القاصرات بالمعنى الشرعي والمصطلح العام

زواج القاصرات بالمعنى الشرعي والمصطلح العام

ان كلمة قاصر اصطلاحا باللغة العربية هو العاجز عن التصرف بالامور الحياتية والشرعية حتى يبلغ الرشد . والرشد هو تمام الادراك للاشياء .ومن هنا لا ينبلغي اطلاقا ان نطلق تسمية قاصر وقاصرة على من هم دون الثامنة عشر كما حددها القانون الوضعي اذ يمكن للفرد الانساني التمييز بين الاشياء وادراكها وهو بسن العاشرة الى الثانية عشر .
ومن هذا المنطلق لابد لنا نعرف المعاني التالية الاكثر ضمانا للحديث متى يطلق كلمة طفل وطفلة ومتى يطلق تسمية رجل وامرة . اذ لايمكن ان نجعل التسميات الوضعية اساس للتعامل الشرعي والقانوني لانها وضعت من قبل القانون الوضعي . واذا اردنا ان نميز كلمة طفل وطفلة فابلغ كتاب عربي معروف هو القران وقوله تعالى ( اذا بلغ الاطفال منكم الحلم فليستئذنوا كما استئذن اللذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم اياته والله عليم حكيم ) النور 59 وقوله تعالى ( أوالطفل الذين لم يطهروا على عورات النساء ) النور 31
يتبين لنا ان الطفل اصطلاحا وشرعا هو الذي لم يبلغ الحلم الذي يؤهله للزواج او يؤهلها للزواج واذا بلغ هذا العمر او امتلك تلك الصفة صار لزاما عليه ان يساذن قبل الدخول وان لا يظهر على عورات النساء .
وعليه نذهب الى الطب لنساله متى يمكن ان يبلغ الطفل او الطفلة حد الحلم كي يتحول الى رجل وامراة يصلح لهم الزواج الفعلي . وعند تعريف البلوغ او الحلم هي المرحلة التي يكتمل فيها النضوج الجنسي للذكر والانثى وتتمثل بمجموعة من التغيرات الفيسيولوجية التي تحدث في المرحلة العمرية بين 10 – 14 عام عند الاناث و في المرحلة العمرية بين 12 – 16 عام للذكور . يتسارع نمو الذكور والاناث في هذه المرحلة ولمدة 2- 3 أعوام مما يجعلهم مقاربين لأطوالهم بعد انتهاء مرحلة البلوغ اي بمعنى اصح هي تلك المرحلة التي تؤهل الفتاة او الشاب للزواج الفعلي والتكاثر .
وبعد المعرفة الطبية للوقت الذي يؤهل الانسان للزواج والمعرفة اللغوية كذلك لابد لنا ان نعرف هل اجاز الشرع الاسلامي الزواج بهذا الوقت وما هي المعايير الخاصة بذلك وهل من اثر في ذلك في كتب المسلمين وهل خصها القران ولو باية . وبما ان من اثار هذا الموقف وعرضه لكي يكون قانونا يتلائم مع الشرع الاسلامي وهم الشيعة اذن لابد لنا نعرف هل هذا الحكم كان بالاجماع ام هو مختص بطائفة دون اخرى .وقبل الدخول بهذه الحورات لابد ان نسئل انفسنا اذا كنا مسلمين ونحتكم الى الاحكام الاسلامية التي فيها اجماع المسلمين ام مجرد اعترضات يراد منها تشويه الاسلام والمسلمين ؟ وعليه تذكير بالايات المباركة قبل الخوض باي حكم والحديث عن شرعيته وعدم شرعيته قال الله تعالى إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ( النور 51 -52 ) وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ( الاحزاب 36 ) .
اذا هنا لابد لنا ان نبين الحكم الشرعي الذي اجمع عليه علماء المسلمين جميعا ولا نجادل فيه الا اذا تفقهنا في الدين وانا هنا لست مدافع عن قانون ولا على جهة معينة وانما ابين للناس الاحكام الفعلية وهل لها نص قراني وروائي ام لا .
وبما ان الولاية للاب والجد في تزويج البنات البكر حسب الحكم الشرعي والذي تعمل به العوائل المسلمة اثناء تزويج بناتهم ولا تتم الا بموافقة الاب والجد هنا لابد ان ان نقول ان كل ما يتعلق بالبنت الباكر متعلق بما يراه الولي صالحا لها وبعد ان بينا ذلك لا بد لنا ان نبين النص القراني والروائي الذي يجيز تجزويج الفتيات وهن صغيرات وليس قاصرات حسب العرف القانوني الوضعي . قال تعالى ( وابتلوا اليتامى حتى اذا بلغوا النكاح فان انستم منهم رشدا فادفعوا اليهم اموالهم ) النساء 6 . هنا اشار الرحمن اشارة واضحة ان النكاح يبدا بالبلوغ والتصرف بالاموال يبدا بالرشد اي التصرف الحكيم وهنا قد اجمع العلماء ان النكاح الفعلي لا يتم الا بالبلوغ وقد عرفنا البلوغ اصطلاحا طبيا وشرعيا سلفا ومن الرويات في الصحيحين اتى حديث ام المؤمين عائشة وقد ورد في شروحاتهم انه حديث صحيح وكما جاء (تَزَوَّجَنِى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَنَزَلْنَا فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ خَزْرَجٍ ، فَوُعِكْتُ فَتَمَرَّقَ شَعَرِي فَوَفَى جُمَيْمَةً ، فَأَتَتْنِي أُمِّي أُمُّ رُومَانَ وَإِنِّي لَفِي أُرْجُوحَةٍ وَمَعِي صَوَاحِبُ لِي ، فَصَرَخَتْ بِي فَأَتَيْتُهَا لاَ أَدْرِي مَا تُرِيدُ بِي ، فَأَخَذَتْ بِيَدِي حَتَّى أَوْقَفَتْنِي عَلَى بَابِ الدَّارِ ، وَإِنِّي لأَنْهَجُ ، حَتَّى سَكَنَ بَعْضُ نَفَسِي ، ثُمَّ أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ مَاءٍ فَمَسَحَتْ بِهِ وَجْهِي وَرَأْسِي ، ثُمَّ أَدْخَلَتْنِي الدَّارَ ، فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِي الْبَيْتِ ، فَقُلْنَ : عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ ، وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ . فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِنَّ فَأَصْلَحْنَ مِنْ شَأْنِي ، فَلَمْ يَرُعْنِي إِلاَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضُحًى ، فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِ ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ ) رواه البخاري (3894) ومسلم (1422 ) .
حدثنا عروة: تزوّج النبيّ عائشة وهي ابنة ستّ وبنى بها وهي ابنة تسع ومكثت عنده تسعاً. (أي حتى موته) البخاري، المجلد 7 الكتاب 62 العدد 88 صفحة 65
اما الاستدلال على زواج غير البالغة الطفلة بالمصطلح اللغوي والطبي من القران الكريم في قوله تعالى شرح اية ( وَالْلآئِي يَئَسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتِهِنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَالْلآئِي لِمْ يَحِضْنَ (الطلاق4 ) ذهب علماء المسلمين بالاجماع على ان قوله تعالى والائي لم يحضن هن الصغيرات لان الكبار في السن قد ذكرهن في مطلع الاية المباركة . ومن هنا اتى استدلال علماء المسلمين على جواز الزواج حتى من الرضيعة ولا يتم الوطء حتى تبلغ بنص القران الذي ورد سلفا وعليه كان زواج الصغيرات حكما من القران والرواية وثبت باجماع المسلمين ومن يشكك عليه ان يكون فقيها ويناقش الفقهاء حتى ياتي بغير ذلك .
اما بخصوص تقنين الحكم الشرعي هنا يبدا الاشكال وعليه لا يمكن تقنين الاحكام الشرعية الا في بلاد اسلامية كاملة يحكمها ولي مسلم يطبق الاحكام الشرعية فلا يجوز تطبيق حكم على كافة المجتمعات دون النظر الى باقي المكونات وحتى وان تم الاخذ بعين الاعتبار الاختلافات الفقهية سوف تكون هناك اشكالات في تطبيق الحكم بحد ذاته كالاجبار والاكراه كما يراه الولي للفتاة الصغيرة التي لا تمتلك سوى الموافقة حسب الشرع وربما تكون المصالح شخصية للولي وليست للفتاة ولهذا انا بدوري اقول انا ضد تقنين الاحكام الشرعية وخصوصا هكذا احكام من شانها ان يراد منها في بعض الحالات الاجبار والكراه وربما يصنف على انه اغتصاب بالمعنى الحقيقي للصغيرات وماكان هذا المقال الا لتبيان الحقيقة ولا غير ومن ادعى غير ما ورد فهو اما غير مسلم ويريد تشويه الدين او لا يفقه شيء ويتحدث بما لا يقبل منه حديث . السيبل للحديث بهكذا امور هو عدم تقنين الاحكام الشرعية التي فيها شك في تطبيقها داخل المجتمع او التفقه في الدين والتيان بغير ما اتفق عليه المسلمين والله من وراء القصد .