فتاة صغيرة لا تتجاوز الثالثة عشر من عمرها ترفل بفستان زفافها الابيض وهي بكامل زينتها مع مساحيق صارخة تغطي ملامحها الطفولية، تحيط بها قريباتها وهن يتراقصن أمامها تبادلهن ابتسامة باردة ونظرة حائرة لما يحدث أمامها، فقد غدت امرأة الان وبعد قليل تزف الى عريسها وقد ودعت الطفولة وخبئتها في حقيبتها المدرسية التي غادرتها، هل كانت زهراء راضية، سعيدة أم مرغمة لا أحد يعلم، فمن صمتها فهموا أنها موافقة !!
حالات طلاق
هل تعرضت هذه الطفلة الى عنف وقسوة لاجبارها على الرضوخ ؟ أولم يستعجل الاهل في زواج الفتيات الصغيرات؟ هل البنات هم كبير فعلا وينبغي التخلص منهن بأسرع وقت؟
لم لا تراعى القوانين التي تمنع الزواج الاجباري و زواج الصغيرات، كل يوم تشهد المحاكم الشخصية حالات طلاق أغلبها لفتيات صغيرات لم يبلغن الثامنة عشرة . من المسؤول عن تدمير حلم فتاة وحرمانها من دراستها للزج بها بلجة حياة زوجية لا تعي اسرارها وأصولها بعد، كيف التعامل مع زوج غالبا مايكون أكبر سنا تفصلهما فجوة التقارب العمري يطالبها بكافة الحقوق وعليها تنفيذ الاوامر صاغرة ؟
بسبب الاوضاع زواج الفتاة اصبح ضروريا !
أم زهراء قالت : تزوجت وانا أصغر منها، حياتي طبيعية لم أشعر بالظلم وانا الان أم لسبعة أبناء وابنتي لم تمانع أو تعترض لذا قررنا تزويجها مبكرا لان الظروف والاوضاع في الشارع مقلقة وأصبح من الصعوبة ترك الفتاة لوحدها هذه الايام . جميع العوائل تخشى على بناتها، وايضا انتشار الهواتف المحمولة والستلايت والافلام وغيرها تشكل خطرا على الفتيات ومصدر خوف وقلق للاهل والكثير منهم يفضلون تزويجهن على اتمام الدراسة .
اشكال العنف
ان مصطلح العنف الذي جاء في لوائح حقوق الانسان يشير الى أن العنف ضد المرأة في الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة :” أي فعل عنيف قائم على أساس الجنس ينجم عنه أو يحتمل ان ينجم عنه أذى أو معاناة جسمية أو جنسية أو نفسية للمرأة، بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحريـة، سواء أوقع ذلك في الحياة العامة أو الخاصة ” .
من التعريف نفهم أن العنف هو أي فعل مقصود أو غير مقصود يسبب معاناة نفسية أو جسدية أو جنسية للمرأة . فالعدوان عنف والإهانة عنف وكل ما يخلق لها معاناة من قهر وخوف وتهديد هو عنف، فكل فعل يمارس من قبل الرجال في العائلة أو المجتمع ابتداءً من الشتم والتحرش الجنسي واستخدام القسوة ضدها والانتقاص من قيمتها كإنسان وإجبارها على فعل مالا تريد وحرمانها من حقوقها وانتهاءً بالاغتصاب أو القتل هو عنف ضد المرأة . نتسائل هنا هل يدخل الزواج الاجباري للصغيرات كشكل من اشكال العنف ضد المرأة ؟ .
الإكراه في الزواج في قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم188 لسنة 1959 المعدل(الزواج القسري)
المعاون القضائي الحقوقي رافد عبد الرحمن الجبوري يتناول الزواج القسري بأعتباره شكل من أشكال العنف العائلي ضد المرأة قائلا :
عالجت أحكام الزواج بالإكراه أحكام قانون الأحوال الشخصية العراقي حيث تنص المادة 9 فقرة1 ( لايحق لأي من الأقارب أم الاغيار إجبار أي شخص سواء كان(ذكرا أم أنثى) دون رضاه ويعتبر عقد الزواج باطلا إذا لم يتم الدخول كما لايحق لأي من الأقارب أو الغيار منع من كان أهلا للزواج بموجب أحكام هذا القانون من الزواج)
شرح المادة:
إن عقد الزواج إذا تم عن طريق الإجبار أي دون رضى احد الزوجين أو منعه إذا لم يتم الدخول يعتبر باطلا وان بوسع من تعرض للإكراه أن يقيم الدعوى بطلب إبطاله أمام محكمة الأحوال الشخصية إن كان مسلما والمواد الشخصية لغير المسلمين، فتحكم المحكمة بإبطال عقد الزواج وكذا الحال إذا اقر شخص أمام القاضي أثناء إبرام عقد الزواج انه غير موافق أو مجبر عليه فلا يعقد لهما القاضي، هذا في حالة عدم الدخول. أما إذا وقع الدخول بناء على إجبار أو قسر فانه للمرأة أن تطلب التفريق بناء على إجبارها وذلك بالاستناد للمادة 40 من قانون الأحوال الشخصية.
فقرة/2 من نفس المادة :(يعاقب من يخالف أحكام الفقرة 1 أعلاه بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا كان قريبا من الدرجة الأولى أما إذا كان المخالف غير هولاء فتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد عن عشر سنوات أو الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات).
الشرح/الفقرة 2 وضعت عقوبات جزائية على من يقوم بإجبار أي شخص على الزواج وهي الحبس مدة ثلاثة سنوات إذا كان من أقارب هذا الشخص من الدرجة الأولى أي الأب أو إلام أو الجد أو الجدة أما إذا كان الذي قام بالإكراه غير هؤلاء فتكون العقوبة تصل إلى عشر سنوات أي سواء كان أخ ابن عم شخص غريب نفس العقوبة وكذلك يعاقب بنفس العقوبة من قام بالنهوة العشائرية وهذا متداول في العراق بان شخص ينهى على أقاربه أو بنت عمه فان القانون وضع له تلك العقوبة .
الزواج المبكر لا يعني زواجا اجباريا !!
السيدة رابحة ابراهيم عبد الجبار من وزارة المرأة تتناول في بحثها المعنون (( الزواج الإجباري وتأثيره على الأسرة والمجتمع )) والذي جاء فيه :
·القفز على أهمية اكتساب الخبرة الحياتية من المحيط الأسُرَي أولا ً وهو يُعتبر الأساس الذي يبُنى علية اكتساب التجارب من المحيطات الأخرى كالمدرسة والعمل والجامعة .
·إن الزواج الإجباري لا يتعلق بالزواج المبكر بل هو ظاهرة إن وجدت تعم كل الفئات العمرية .
·لا توجد إحصائية دقيقة في حالات الزواج الإجباري لكي يبنى عليها طلب تقنينها بقانون وان وجدت إحصائية فأن وصلت إلى 30 % فهي ليست ظاهرة حتى تبلغ 50 % .
·استخدام مصطلح الزواج المبكر وتسميته بزواج الطفل غير علمي وغير دقيق فهناك فرق شاسع بين الزواج المبكر وزواج الأطفال .
·ظاهرة غير معممة وغير موجودة ولا يمكن إسقاط الحقوق التي تضمنتها الاتفاقية على حقوق الطفل على الزواج الإجباري .
·تقرير لا يعُتمد مأخوذ من تقارير أخرى وهو عبارة عن تجميع غير موفق من مصادر ينبغي الرجوع إليها فهي دراسة بسيطة من شخص غير مؤهل للبحث وهو أقرب إلى الموضوع الإنشائي منه إلى البحث العلمي .
·لا يَحرم الزواج المبكر الفتاة من أي حق من حقوقها المشروعة إذا كانت تلك الحقوق لا تعارض إي من العرف المجتمعي .
·الخطأ من اعتبار الزواج المبكر من أسباب حرمان الفتاة من التعليم الضروري للتطوير الشخصي بل على العكس من ذلك فانه لا يعيق الزواج المبكر البنت من تكملة تعليمها وانا شخصيا اعرف فتيات تزوجن في سن مبكرة وكان الزوج يشجع الزوجة على تكملة الدراسة وحتى ان قسم منهن وصلن الى درجة الماجستير والدكتوراه وهن امهات لاطفال .
·إن جعل الزواج الاجباري هو الزواج المبكر هو خلط للحقائق على ارض الواقع لان الزواج الاجباري لا يرضى به مجتمع او تقليد او دين وهو على عكس الزواج المبكر الذي تشجع به المجتمعات والتقاليد والاديان فهو وقاية من الانحرافات والسقوط في هاوية الرذيلة.
* مواقع