حين تفقد الذاكرة تحت وطأة العمر والشيخوخة،تكون قد اصبت بالزهايمر، مرض يحيط حياتك بسياج النسيان ، فلا تعرف اسمك ولا تاريخك ويصبح كل مايتصل بماضيك مبني للمجهول ، لكن هل سمعتم أو قرأتم عن مجتمع أو شعب يصاب بالزهايمر ..؟
هذا ما يحدث مع المجتمع العراقي الذي يعيش انقلاباّ تاما في منظوماته الفكرية والجمالية والسلوكيه، بما يرشح لنا مفهوما جديدا ينص على ان الشعوب هي الأخرى معرضة لشيخوخة وهرم يصاحبه فقدان ذاكرة..!
دارت في ذهني هذه القناعة وانا اقرأ إجابات لسؤال وضع كإستطلاع تجريبي محدود شمل مائة طالب في المرحلة الإعدادية والسنة الجامعية الأولى ، السؤال يقول من هو ؟ ويضم عشرة اسماء لشخصيات عراقية اشتهرت بإبداعاتها والإسهام الفاعل في اختصاصاتها العلمية والأدبية والفنية والإجتماعية .
لم استغرب من الخطأ الذي طبع غالبية الإجابات ، لكن مالفت نظري أسم الفنان سعدون جابرالذي كان ضمن الإستطلاع ، فقد تعرف عليه ثلاثة تم استطلاعهم ، اثنان أجابا أنه مطرب عراقي راحل ، والثالث وصفه بالموسيقي ..!
وهو مايجعل السؤال عن كوكب حمزة متعذرا بالطبع ؛ “تاهت الطيور الطايرة ياكوكب ولم يبق من الأهل سوى الذكرى “
هل يعقل ان تمسح ذاكرة مجتمع في عشر سنوات ؟ ويغيّب الأديب والفنان والعالم والوجيه ،ليحل بدلا عنهم اشباه البشر من افراد الميليشيات والعصابات الإجرامية وثقافتهم في تدجين الخوف والموت بين الأهالي .؟
هل يعقل ان مئة طالب يقف المستقبل العراقي بانتظارهم ، لايعرفون شعراء مثل بلند الحيدري وحسين مردان وعبد الرحمن طهمازي ..؟
“آه لو تبكي على نفسك يارحمن ساعة ،
انت بعد اليوم قد تحتاج ان تذكر ايام الشجاعة “.
قد تكون اصوات الإنفجارات وكوارث داعش وماقبلها قد ساهم بنسف مااستقر في ذاكرة المجتمع ، وما عاد يتذكر عبد الجبار وهبي وبهنام ابو الصوف وحميد مجول النعيمي ،أو فائق حسن وفيصل لعيبي أو جميل بشير وغانم حداد ومحمد القبنجي الذي وصفه بعضهم بخطيب حسيني …!؟
لاغرابة ان الطلبة أخطأوا بعد هذه العشر الملبدة بالموت والتهجر والمآتم المتواصلة 156يوما في السنة ، لكن المخزي ، من بين ثمانين نائبة بالبرلمان العراقي ثلاثة فقط يعرفن لطفية الدليمي ووداد الأورفلي وعفيفة لعيبي .؟
مجتمع يراوح بين المقابر والمزابل وعطايا المنطقة الخضراء ، يكون الزهايمر أيسر استحقاق له كي يخفف من وقع الألم النفسي وآثار “النستولوجيا” اي الحنين للماضي .
الزهايمر يستر العراقيين من معرفة نجوم المجتمع الجديد من عبعوب الى وزراء الفساد ، ومن البطاط الى البغدادي وسلسلة طويلة من القتلة .
لعل الزهايمر أهون على العراقيين من صيحة المعري ؛
“فياموت زر ان الحياة ذميمة +++ ويانفس جدي ان دهرك هازل “