نحن في كثیر من الأحیان نستخف بقیمة الكلمة ، ومع أھمیة العمل إلا أن لكل منھما مجالھا الذي لا یصلح فیھا غیره ،
على مقدار ما تكون جذور الكلمة الطیبة وأصولھا راسخة ثابتة تكون أسالیبھا مرنة نامیة منوعة ، وھذا في حد ذاتھ
أحد مقتضیات ثبات الأصول ؛ فأحوال البشر وأفھامھم مختلفة ، ولذلك تعدد الأنبیاء
فالرسول یكلم الناس بلغتھم التي یتكلمون بھا على أوسع ما تحملھ ھذه الكلمة من دلالات ، والھدف ھو : أن یبین لھم
ما یدعو إلیھ ، وقد أخذ الأسلوب القرآني من العرب كل ٍ مأخذ ، وتحداھم وطاولھم في التحدي ، وأقام علیھم الحجج
فالحياة تبدأ بكلمة طيبة يختارها العقل وتنتهي بكلمة عزٍّ وكرامة يصدع بها الإنسان، أو تبدأ بكلمة خبيثة يختارها الهوى وتنتهي بكلمة خزيٍّ وذلٍّ ينطقها مرغماً إن لم يُخرس وسمح له بالنطق.
فالكلمة الطيبة وهي الكلمة الأولى هي: «كَلِمَةُ اللّهِ» من قول الله سبحانه وتعالى: {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
وكلمة الإنسان هي: «كَلِمَةَ التَّقْوَى» من قول الله سبحانه وتعالى: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}.
ولكن في الواقع نجد اصحاب العقول المتحجرة والنفوس المريضة (الدواعش الكفرة )عمدت الى استغلال هذه الكلمة في القنل و التسلط والوحشية في قطع الرؤوس والتلذذ بحرق الناس وتهديم البيوت على اهلها
ومن خلال التحليل الدقيق لواقعية الكلمة الطيبة فقد بين المحقق الاستاذ الصرخي في محاضرته الموسومة ( 7) من بحث ” الدولة.. المارقة…في عصر_الظهور …منذ عهد_الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم)
بحوث : تحليل موضوعي في العقائد والتاريخ الإسلامي
11 صفر 1438هـ – 12_11_2016 مـ وهذا مقتبس من بحثه جاء فيه :
((الكَلِمَةُ الطَيِّبَةُ: قال (سبحانه وتعالى) {{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ﴿24﴾ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ۗ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴿25﴾ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ ﴿26﴾ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴿27﴾}}. إبراهيم… ظاهر المعنى أنّ الشجرة تعطي ثمارها للآخرين وليس لنفسها، فهي خير وبركة وعطاء لمن يقصدها ويطلب منها ويأخذ منها… ومن الواضح أنّ المعاني المحتملة للكلمة الطيبة موجودة، لكن لا يمكن تصور إتيانها للاُكل بالكيفية التي ذكرناها، بل واقع الحال يُثبت خلاف ذلك من حيثُ استغلالُها في التسلّط، والظلم، والقبح، والفساد، والقتل، وسفك الدماء، كما فعلها أهل النفاق والزندقة، فادّعوا الإسلام، ورفعوا كلمة لا إله إلّا الله، شعار الإسلام، فتسلّطوا بها على رقاب المسلمين والمستضعفين، فأوقعوا فيهم أقصى وأقسى أنواع الظلم والفساد والإفساد، فصارت وَبالًا ونَقمة على الناس .))
إنها كلمة راسخة الجذور يستحيل اقتلاعها، فمهما كانت عواصف الفساد والنفاق والغدر الاجتماعي شديدة؛ ومهما كانت أمواج الكذب والتزوير الإعلامي متلاطمة؛ ومهما كانت أعاصير الظلم والجور والاستبداد السياسي عاتية؛ ومهما كان طوفان الاحتلال والاستكبار والإرهاب الدولي فائرة، فإنها عاجزة عن اقتلاع أصغر جذر من جذور الكلمة الطيبة، لأن كل العواصف الشديدة والأمواج المتلاطمة والأعاصير العاتية والطوفان الفائر ما هي إلا نفثة أفواه متحشرجة متقطعة منقطعة؛ في قبال كلمة النور الإلهي الذي لا ينطفئ ولا يُطفئ، قال الله سبحانه وتعالى: {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} وقال الله سبحانه وتعالى: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}.