في زمن ما قبل الربيع تكون أيام العيد ذات طعم خاص ..
يشعر الواحد أن جسمه نثر ذنوبه مثلما نثر بعضا من بدانته ..
صار خفيفا . بل رشيقا ويتفكر أن الثلاثين يوما مرت مسرعة .
في البيوت يتحضر الجميع لليوم المنشود ويخرج الصغار مع الآباء والأخوة لانتقاء ملابس العيد ..
بينما تنشغل الأمهات بتهيئة المعجنات والحلويات وإحضار مستلزمات الضيافة للمهنئين , ويتقاطعن من بيت لبيت كل تُطعم جارتها أو قريبتها مما صنعت ..وتعود محملة بما صنعوا .
تلك الليلة توقف الزمن ..
الذين خرجوا لم يعودوا ..
لصوت مفزع ملأ الكرادة ضجيجا ..
ولهيب النار أضاء سماء بغداد ..
برائحة الشواء البشري الذي تفحم بثواني .
أقزام الربيع العربي صكوا أسماعهم عن عويل النساء وبكاء الآباء وصراخ الأخوة
مهندسو الربيع قالوا ما زالت الأوراق الرابحة في تصاعد .
المجرم ومن خلفه قرأوا التعويذة سائلا الله أن يفوز بمهمته .
منظر الكرادة المحترق لوحة من جهنم
العراقيين أُصيبوا بالوجوم المطلق ..
إلا من تنهدات وحسرات وحشرجات ثم قالوا :
– لا الله غيرك هكذا يستبيحون حرمة شهرك المطهر ويستقبلون عيدك .
الكرادة أغلقت أبوابها كمدا ..
فما زال دم الشهداء عبيطا يلون الجدران ..
وما زالت ابتسامات وضحكات من كانوا يتسوقون ترن بالآذان
لقد سرقوا حلاوة كل شيء ..
حتى صار الحزن مقيما دائما .