27 ديسمبر، 2024 10:22 ص

زمال عانه..ولكن؟!!

زمال عانه..ولكن؟!!

أقسم لكم أن جاري عنده حمار (من أصل عراقي) , أتمتع بنهيقه بضعة مرات في الأسبوع , وقد وفر له مقومات الحياة الكريمة السعيدة , وآواه في بيت يعزه ويكرمه , ولو أنه أذله , لتم فرض غرامة عليه , لأنه قد أخلّ بقوانين رعاية الحيوان والعناية به , ولو أنه لا يجري له الفحوصات الطبية اللازمة , فأنه سيكون في مشكلة يحاسبه عليها القانون.

وهذا الحمار , الذي نسميه “زمال” , ونكنيه “أبو صابر” , ما عاد يفهم لغة “هوش” , “دي” “لا تصك” , وأصبحت غريبا عنه تماما , ولا يريد أن يعرفني , لأنني أذكّره بقسوتنا عليه وعلى والديه وأجداده!!

– هوش, هوش , وحمار جاري رأسه يكبر ويتكبر عليه!!

“أبو صابر” الذي ينظرني شزرا , ويأبى إلا أن أعامله برفق وإحترام!!

وأنا أتأمله وأستمتع بنهيقه , تذكرت قصة ” زمال عانه”.

إذ يروى أن أحد الولاة العثمانيين على بغداد , قد لاحظ أن أهالي بغداد يضعون أحمالا كبيرة على ظهور الحمير ويرهقونها ويؤذونها , فأصدر أمرا بعدم السماح بذلك , وأن تكون حمولة الحمير معقولة , رأفة بهذا الحيوان , الذي يقدم خدمات جليلة للبشر وعلى مر العصور.

وأخذ الجندرمة يجوبون المدينة ويعاقبون الذي يضع على ظهر الحمار أكثر مما يطيقه من الأحمال.

ويُحكى أن أحدهم جاء من مدينة عانه , وقد كدّس على ظهر حماره حملا عظيما , وهو يضربه لكي يسير , وصادف أن مرّ من أمام بيت الوالي فشاهده الحرس , وأمسكوا به وعنّفوه , وكان الوالي في جلسة النظر بأمور الناس , فأتوا بالحمار وصاحبه إليه , وكأنهم يريدون أن يقولوا بأن هذا الرجل يستحق أشد العقوبة , لأنه يتحدى أمر الوالي ويمر من أمام بيته , وقد أثقل ظهر حماره بالأحمال.

والرجل في دهشة وحيرة وإضطراب , وقد تقرر إنزال العقوبة الشديدة به , فنظر من حوله , وما كان عنده من خيار إلا أن يحتضن حماره وينهال عليه بالتقبيل , وهو يبكي ويصيح: ” إعذرني , مروّتك إعذرني , سامحني يا أبو الغيرة”!!

فاستغرب الحاضرون في المجلس من الذي يحصل , ولماذا يبكي ويحتضن الحمار ويعتذر منه, فكان جوابه عندما سألوه: “ما ﭽنت أدري عنده أعمام وأخوال”؟!!

فضحكوا من سلوكه وخففوا عقوبته , وخرج مذهولا في طرقات المدينة وهو يردد عاليا: “يا ناس زمال عانه طلعوله أعمام وأخوال”!!

فلنعتذر من حميرنا , فلكل منهم أعمام وأخوال وأكثر من ذلك بكثير , ولهذا كل يوم عسير ومرير!!