•حكمة
لو كان الشعب حيا لما كثر الزعماء ، فكثرة الزعماء تعني الغباء وتفرق الولاء
••حكاية
صديق لأخي الاكبر مني روى له يوما (وانا صبي استمع) ان الحمار راى طائرا في السماء فاعجبه ان يفعل مثله ، فلما عجز عن فعل ذلك لجأ الى الثعلب الذي لايعرف اذكى منه ليعلمه، فرفض الأخير لاستحالة الفكرة ولكن تحت اصرار الحمار تعب الثعلب فاراد الخلاص فقال : انظر هل ترى ذلك الجبل الشاهق ، قال نعم
قال اذهب واقفز من اعلاه الى هذا الوادي ولكن لاتنس ان تهز يديك ورجليك وانت تهوي كما تفعل الطيور فانها هكذا تعلمت الطيران. صدق الحمار ونفذ ، وحاول وصفق بيديه وقدميه وعالج،، ولكنه سقط على راسه ، وقبل موته بلحظات عاتب الثعلب الذي كان قد وقف فوقه مندهشا ، فقال: لماذا يا اخي يا (ابن آوى) تخدعني هكذا وتودي بحياتي فرد عليه الثعلب
يا اخي ما ذا كنت تتوقع من نفسك لتطير ،، امك حجل ابوك غراب؟ انت (زمال ابن زمال).
•••المقال
الشعب العراقي ابتلي بالفساد وهي آفة العصر عندنا وكادت تختفي من العالم في الخارج ، ولكن البلوى التي لايشاركنا بها احد هي المنازعة على الزعامة بين اطراف لاتليق بهم وليسوا اهلها ولايعرفون معانيها الا من خلال فديوهات لصدام يحمل (البرنو) او يستعرض الجيش او يزور اعلى الشمال ليسوس الامور فيحاولون تقليده ، او من خلال قراءة و استذكار باقر الصدر وهو يفكر ويكتب ويصلح الامور ويحاولون تجديده.
والفريقان لايعرفان عن خصائص زعامة صدام او الصدر شيئا ، فالقدرات القيادية الارتجالية والادارية والقرارات المصيرية بحاجة الى طبيعة قيادية بالفطرة وفهم للمحيط وارتداداته بالموهبة، وتأثير على الناس العوام بالكارزما والرهبة، وتاريخ شبابي حافل بالمحاولات ومنغمس بالنضالات تعطي القيادي ثقة وفخر (من وجهة نظره و من حوله على الاقل) تدفعه للاقدام وتؤهله للقرار وتحميه من التردد وتوفر له مهابة في قلوب اعدائه الذين يعرفون تاريخه وحاضره .وقراءة صحيحة للمحيط الاقليمي واخافته و المحيط العالمي و توجهاته ، وهذا لا يتاتى بارتداء البدلة الرسمية الفاخرة او ركوب المواكب الضخمة ولا بهز اليد على المنصات بحركة هجينة مصطنعة لا يدعمها مايوازيها من قدرة على التنفيذ ، فالعوام وان كانوا ينعقون ويصفقون لكل ناعق ، الا انهم في اللاوعي يميزون بين الهجين الكذاب المدعي للشخصية القيادية المنتحل للشعارات الاخلاقية وبين الحقيقي ، وليس بين ظهرانينا احد حقيقي
والمؤهلات القيادية الفكرية من الجانب الاخر بحاجة الى فكر اصيل غير منتحل وثقافة عميقة غير مجتلبة ولا مدعاة، وعقل جبار في التحليل والربط والتاليف والاستنتاج ليصنع كل هذا النتاج الفكري الذي يؤثر في من حوله ،يدعم هذا كله أثر سابق في قلوب الناس وعقولهم بسيرة نزيهة نقية ومعرفة واسعة فلسفية ، وهذه لاتشترى بلبس العمامة او التلبس بالدين او التمنطق ببضعة سطور حفظت من بطون الكتب او سرقت من فقرات المقالات لايعلم قائلها فحواها ولا سامعها مغزاها. فاشباه المثقفين وان طبلوا لمن يتمنطق بالكلام موهما الناس بالعمق والتفكير الا انهم يعلمون في قرارتهم ان الذي تكلم هو مدع فاز بالسرقة والتقليد او بالاتكاء على رجال فكر يقربونه او يدعمونه وهو ابعد مايكون عن موهبتهم واخلاقهم .
المصيبة بعد كل هذا ان الهجناء من الفريقين لايريدون ان يستسلموا لعطل عقولهم ولا لقصر فضولهم ، بل اصروا على ركوب الزعامة ، فتركوا شغلهم الذي يفهمون فيه من تجارة او طب او طبخ او تهريب سجائر و اغنام و اصروا ان يشتغلوا زعماء ، بواسطة شعب قبل ان يركبه كل من هب و دب دون تمييز او تحقيق.
فبرزت الفحوة وعمقت الهوة ، فصار الامر كفريق من المسافرين يعطي مدع قيادة السيارة التي تقلهم او المركب الذي يسير بهم في بحر سحيق . لمجرد انه لبس ملابس القبطان ، او حلف انه اباه كان سائقا أيام زمان.
او انه و زميله قد لجآ الى امريكا او الى ابن آوى ايران فاضطرت-لحاجتها لعملاء- الى تعليمه كيف يكون زعيما بالقفز من اعلى الجبل ويقفز مرفرفا بيديه ورجليه .
وهنا ابتلي العراق برجال راوا ان لبس البدلة والتحدث على الشاشة اصبح مجانا ولا اعتبار لبقية المؤهلات طالما ان الشعب اصبح عشائريا مناطقيا فوضويا في اولوياته ، وتأكدوا ان لبس العمامة والتوشح بالدين صار متاحا ولا التفات لبقية الشروط مادام الشعب مشتت ولائيا ومؤدلج طائفيا. والشباب الذين خرجوا في تشرين مضحين بدمائهم باع اولياؤهم واهلهم اجسادهم ومنجزاتهم لثلة متسلطة كادوا بهووا بها لولا تخاذل الشعب من ورائهم وانعدام وعيه للحركة الساذجة التي صححت وضع السياسيين الفاسدين بتبديل رجل سارق بنوك بعميل مخابراتي مهلهل العقل هزيل الشخصية بغطاء الاصلاح الذي اوصل الى الغلاء والفوضى وزاد الامر سوءا.
ولاشك ان الامر عندما يكون فوضى هكذا ودون مقاييس ، وركوب للموجة دون تمحيص، وقبول للمدعين دون تقييس ، فانه سيؤول تمسكهم بفرص لم يحلموا بها وبامتيازات ومناصب ليسوا اهلها ومن ثم الى تنازعهم وعدم التسليم لبعضهم ، فهم يفهمون ان الشعب هو “الغشيم الساكت”، والا فان كل منهم يعرف ان الاخر مدع للزعامة ولم تكن “امه حجل ولا ابوه غراب”
وبانتظار السقوط.