23 ديسمبر، 2024 10:43 ص

زعامة الحكيم منطلق للتسويات

زعامة الحكيم منطلق للتسويات

بعد رحيل السيد عبد العزيز الحكيم،لم نجد زعامة شيعية حقيقية تمثل التحالف الوطني وتجعل له هيبة وقوة قرار كتشكيل سياسي يمثل الغالبية السكانية، حتى أصبح رئيس مجلس الوزراء بلامرجعية سياسية تخط له الطريق باعتبارها الكتلة الاكبر التي انبثق منها هذا الرئيس. ومع الاستمرار بسياسة التفرد واحتكار الفرص، تزامنت مع ذلك ردود الافعال بين مكونات التحالف، وتفاقمت الخصومات خصوصا قبيل كل منافسة انتخابية! حتى آمن الجميع بأن التحالف أصبح جسما يحتضر بانتظار ساعة الرحيل،لتضيع معها منجزات آلاف الدماء التي روت أرض الوطن لتنتج لنا  الحرية التي لطالما غامر بها الفاسدون والمتشبثون بالمناصب !.
خلال تلك الفترة كان السيد عمار الحكيم أكثر المنادين والمتمسكين بوحدة التحالف في زمن طعن فيه الكثيرون جسد تحالفهم باﻷقوال واﻷفعال! مما انعكس ذلك على انتقال هذا التشضي من مساحة المكون الشيعي الى مساحة الوطن، فكثرت الاغراءات والمساومات بين الاحزاب وتقاسموا الكعكات غير آبهين لتوازن العملية السياسية الذي منه يؤتى الاصلاح وبناء دولة المؤسسات.. واستمر الوضع هكذا حتى أصبحنا اليوم أمام كارثة سياسية غير مسبوقة جعلت جميع الجهات السياسية أمام شعب صاخب على المسؤول ،وموازنة خاوية تحد من فرص الاصلاح، وكتل متقاطعة وصل بها حد التنافس السلبي الى العراك بالايدي داخل قبة البرلمان على خلفيات قومية ومذهبية وحزبية!
من يعيد توازن العملية السياسية الى نصابها الصحيح اذا ؟
اختير السيد عمار الحكيم وبإجماع قوى التحالف الوطني ليكون رئيسا للتحالف، وهنا نقول أن عمار الحكيم لن يكون مجرد رئيس اداري يدير عمل التحالف، بل أنه سيكون الزعيم السياسي للمكون الشيعي مع مايحمله من ارث مرجعي وسياسي واداري خلفه له أسلافه من عائلة جده السيد محسن الحكيم، والحكيم بتزعمه للتحالف سيكون محورا مقبولا من الجميع لحل مشاكل البلد، فالتراحيب والتهاني التي شاهدناها اليوم مباركة للحكيم تزعمه التحالف، حملت معها اطمئنان وثقة خالصة من المكونات الاخرى بأمانة ووطنية ومحورية الحكيم المعهودة، وهذا ربما مايعجز جميع القادة السياسيين في العراق  عن استحصاله.
ان هذه الثقة الخالصة لا تحقق التوازن السياسي الوطني فحسب، وانما ستنعكس ايجابيا على قناعات ورؤى المحيط الاقليمي والدولي لتقودنا نحو تحقيق توازن المشاريع الاقليمية وأثرها في ساحة العراق، وهذا ليس بجديد على الحنكة السياسية التي يتمتع بها أبناء محسن الحكيم، فبالامس القريب عندما كان السيد عبد العزيز الحكيم زعيما للائتلاف العراقي الموحد، وفر الارضية المناسبة للحوار الايراني الامريكي الذي انتهى مؤخرا بالاتفاق النووي الشهير بين الطرفين.. وهذا الاتفاق سيتعزز أكثر لتحقيق التوازن في المنطقة مع تصدي السيد عمار الحكيم لرئاسة التحالف منطلقا من محوريته ومقبوليته الوطنية التي فرضت مقبولية اقليمية ودولية واسعة ؛ ﻷن الجميع لايرى في مشروع الحكيم الغاء لخصوصية طرف لحساب طرف آخر، وانما العلاقات السياسية تبنى وفق المصالح المتبادلة لخدمة الشعوب.ومع اقترابنا من نهاية الوجود الداعشي في العراق والتقارب الايراني الامريكي الملموس مؤخرا، وبعد الاتفاق الايراني التركي السوري لانهاء الوجود الداعشي في سوريا، ومع الترحيب المحلي الكبير بزعامة الحكيم للتحالف الوطني، فنحن مقبلون اذا على تسويات محلية واقليمية كبيرة وستراتيجة ربما كان تحقيقها ممكنا قبل عدة سنوات فيما لو استمر المعنيون بمنح السيد الحكيم زعامة التحالف الوطني خلفا لزعامة أبيه التي شهد بنجاحها اﻷصدقاء واﻷعداء.