23 ديسمبر، 2024 10:12 ص

زعامة الحكيم بين مقومات النجاح والانتحار

زعامة الحكيم بين مقومات النجاح والانتحار

إن التحالف الوطني؛ يمثل ركناً أساسياً ومؤسساً للعملية السياسية الجارية في العراق, وكلما أردنا لهذه العملية الاستقامة, يجب إن يكون للتحالف قراراً مميزاً يتابع خطواتها, ويصحح مساراتها, ويعالج أخطائها, وأي إرباك يصيب التحالف نفسه, سينعكس سلباً ليس على العملية ذاتها فحسب, وإنما على الوضع العراقي, وتأثيراته على الصعيدين الإقليمي والدولي.
لذا فأن مسؤولية التحالف الوطني في المرحلة القادمة كبيرة جداً, لاسيما كونه مر بحقبتين مختلفتين في الأداء ومتباينتين في القيادة, وبعيداً عن تقييم أدائه في السنوات الماضية, نجد إن أعباء الزعامة على السيد الحكيم ستكون مضاعفة, وهذا ما يحتاج لمنظومة مجتمعية واعية, تعمل على توضيح موجبات إعادة فاعلية التحالف للشارع العراقي, كون رمزية التحالف الوطنية؛ تشكل عماد الاستقرار السياسي والأمني.
وأن نجاح التحالف الوطني في مهمته القادمة لا تتوقف على دعم تيار شهيد المحراب له, كونه يمثل زعامته حالية, بقدر إشراك جميع القوى في التخطيط والقرار والتنفيذ, والتي تمثل الحالة الأساسية لنجاح التحالف في إدارة الملفات الإستراتيجية للبلاد, وهو ما يعيد العراق لموقعه الريادي في المنطقة, والذي سيساهم بدوره بافتتاح الكبير على أفاق التعاون المشترك بين العراق والدول الجارة والصديقة.
وثمة أمور نحتاج لمناقشتها, والتي تطرح الكثير من التساؤلات حولها؛ هل اتفاق رؤساء الكتل السياسية على اختيار الحكيم لزعامة التحالف جاء اثر صحوة موت؟؟ أم هناك معطيات أخرى أسهمت بإنضاج الاتفاق, الجواب؛ إن الوضع الحالي الذي تمر فيه الكتل التحالف كافة, وأهمية تأثيرها السياسي جعل الإطراف الشيعية المؤثرة تدعم وبقوة هذا الاتفاق, لان نجاحه يعني انتصار لإرادة الأكثرية في المنطقة.
ولا نستبعد التخوفات الواردة نتيجة المعوقات والعراقيل, مقصودة منها أو غير مقصودة, والتي ستقف إمام عجلة تقدم التحالف نفسه, والمضي في تحقيق أهدافه المنشودة, تكمن بضرورة تخطي المشاكل الداخلية, ومعالجة التشضي والانشطار داخل قوى التحالف, والتي يصعب لملمتها, رغم كونها ليست مستحيلة, لان استمرار التقاطع بين الشركاء يهدد إجهاض المشروع, لاسيما وأن التصعيد الإعلامي, وانعكاساته الجماهيرية, تستمد من حالة التفرقة.
كما إن للحرب الناعمة تأثيراً كبيراً يقف أمام تجاوز الخلافات الداخلية, والعمل بروحية الفريق الواحد, وتكون حاجز إمام الاتفاق على الحد الأدنى من المشتركات, والتي تثير التشنجات والمزايدات وعقد الماضي وإرهاصات الحاضر, وتسعى دائماً للتشكيك بالنوايا الصادقة, والدوافع المخلصة, التي تعمل فيها زعامة التحالف الوطني الجديدة, لذا من الضروري تحديد دوافع هذه الحرب, وتشخيص مواطن انطلاقها, ووضع الحلول الكفيلة بمعالجتها.
ويبقى الرهان معقودة على قدرة السيد الحكيم, والأولويات التي سيعمل عليها, وأهمها؛ تحديد البيئة السياسية والنفسية للوضع السياسي المقبل, ونشر ثقافة الحوار والتواصل, وخلق الآليات المؤسساتية في مفاصل التحالف الوطني, وضع أطر علاقة صحية وصحيحة مع كتل التحالف, والإفراد المنضوين ضمن الإطار العام له, واستيعاب الشخصيات المؤثرة, وتصرفات غير المدروسة لبعض القوى, وما يصدر منها من مشاكسات ذات مردودات سلبية.
لذا أمام الحكيم؛ معطيات كثيرة تساهم بشكل فاعل في إنجاح مهمته القادمة, وبنفس الوقت توجد عقبات وعراقيل توضع بتأثيرات القوى الداخلية والخارجية غير المتفائلة بإعادة هيبة التحالف الوطني, وغير الراغبة أصلاً بإعادة قوة تأثير الشيعة في الساحة السياسية الداخلية والإقليمية.