23 نوفمبر، 2024 12:32 ص
Search
Close this search box.

 زرق ورق .. طوق نجاة من الهمّ اليومي

 زرق ورق .. طوق نجاة من الهمّ اليومي

جريا على قاعدة بما لديهم فرحون ، فرحت كل الفضائيات بما أنتجت وبثت خلال شهر رمضان وللأسف لم تبادر إحداها الى إستعلام رأي المشاهدين من خلال استطلاع او استبانة للرأي طيلة السنوات الماضية بل اعتمدت على المدّاحين وهم مجاميع على شكل مشجعي النوادي تربطهم علاقات او مصالح مع ادارة هذه الفضائية او تلك فيصورون كل إنتاج لها على أنه الأفضل من خلال جلسات محدودة العدد أو إحتفالية مجاملة . في كل موسم تتكرر هذه الظاهرة ولا يستفيد من دروسها أولو الشأن في فضائياتنا للأسف ولم يوظفها أحد لتطوير انتاجه وكسب مشاهدين كثر بل في الأغلب تعتمد على مزاج أو رأي أو ميل أو هوى صاحب المال وهذا ما يزيد معاناة أصحاب الخبرة والتخطيط والبرمجة المهنية من العاملين معه … ما حدث هذا الموسم وما رافقه من إنكماش في الانتاج البرامجي الرمضاني يجعلنا نبتعد قليلا عن نقد عام ، فلكل فضائية ظروفها المالية الخاصة وخطها التمويلي وهذا قد يختصر علينا الموضوع ويريح جهدنا الذهني بتحليل أسباب هذا التدهور الواضح لفضائيات كان يحسب لها أن تتسيّد الموقف ويتسمّر المشاهدون أمامها ولكن ….. نقطع تفلسفنا هنا وندخل الى تحليل من وجهة نظر خاصة مبنية على آراء من نلتقيهم من شرائح مختلفة يمتد وعيهم بمساحة مشاهداتهم وتمتعهم ودرجة إفادتهم مما طرح في خلال عمل ترفيهي حاز على إعجاب نسبة كبرى من المشاهدين في داخل العراق ، زرق ورق بموسمه الثاني ، ولا اريد ان أنضمّ الى قافلة المدّاحين فقد تربع على قمة نسبة المشاهدة والاعجاب شعبيا والدليل أن إعجاب البعض وصل درجة يتمنى فيها أن لا يزوره ضيف أو يرن جرس هاتفه لكي لا يشغله عن المتابعة ويمكن تحليل أسباب هذا التميز بما يلي :

1- أوجد قالبا رشيقا ومليئا بالأحداث اللطيفة ، فما التنقل بين مشاهد ذات الـ (1-3) دقيقة إلاّ تلبية لحاجة المشاهد في هذا التوقيت بعد الإفطار مباشرة فهو لا يحتمل دراما أو حتى كوميديا متواصلة بلا فواصل .

2- يحوي نقدا موضوعيا مجتمعيا بعمق لظواهر أضحت الحاجة الى طرحها ضرورة وهي سلوك فردي يتشكل بصيغة ظاهرة يجب أن تنتقد بأسلوب واقعي مقبول وفكاهي وكلمات بسيطة وغير جارحة أو خادشة وهذا ما حصل بالفعل حيث عالج عددا منها مثل الفضول ،الكذب، التباهي ،الضيف الثقيل،البخل ، التبذير ، الغناء الهابط ، روتين الدوائر وغيرها ضمن حدود الذوق العام.

3- أعاد للذهن ما فقدناه من مفردات عراقية نتيجة اللبننة أو المصرنة أو الخلجنة في أعمالنا الدرامية وتشبّعَ الذهن بمصطلحات ومفردات دخيلة قد تكون لقصور في ثقافة المؤلف الشعبية أو لعدم ثقته بفهم المشاهد العربي للمفردة العراقية وبذلك ضاعت فرصتنا في الانتشار وفرض ثقافتنا .

4- عرض العمل ما يقرب من 300 موقف خلال شهر ، كل منها نكتة أو طرفة ممتعة بفريق عمل منسجم إذ أن الشاشة تعكس ذلك .

5- نقل المشاهدين العراقيين وهم الفئة المستهدفة مباشرة من واقع حياتي مغبر متردٍ منغص الى أجواء من المرح والمتعة بعناصر تشويق بين تقاطعاته وفواصله تضيع عليك فرصة التفكير حتى في تتبع سقطاته وهي واضحة لصاحب الخبرة .

6- جسد شخصياته ممثلون من الخط الأول كوميدياً وذوو مقبولية جماهيرية مثل إحسان دعدوش المتمكن واللاعب الأساسي لما يمتلك من مساحة ذكاء ميداني وسرعة بديهة وأياد راضي ذي التقاطيع القاسية التي وظفها للكوميديا وقلب معادلة الوجه المناسب وعلي جابر وآلاء حسين التي أثبتت تربعها على قمة الأداء في مسيرتها الفنية هذا الموسم وآخرون بقفشات وأداء مخملي بطانته نقد مباشر لظواهر متجذرة او مستوردة .

7- إستخدام اللهجة البغدادية الوسط والتي لا تدعك تشك أنها موجهة لنقد فئة دون أخرى ديموغرافياً أو عرق دون آخر وبذلك تجاوزت حساسية البعض بخطوة استباقية تسكت المتصيدين طائفيا .

8- تناول في بعض فقراته نقدا للفساد والمحسوبية وهو المرض الخطير جدا في العراق بأسلوب غير سياسي بل ينقد المواطن والموظف والمدير كسلسلة مسؤولة عن الفساد وهذا ما يحرص عليه الفكر المحارب للفساد والرشوة ويعدّه الأساس في ذلك .

9- جاء إختيار العنوان تندّرا كردة فعل شعبية على مفردة أطلقها أحد المسؤولين وبهذا ضمن البرنامج تعاطفا مسبقا محسوما لصالح هوية البرنامج فضلا عن معنى زرق ورق المعروف وهو الفقرات المنوعة والملونة وقد حقق ذلك من خلال تعدد البصمات لأكثر من كاتب تجاوزاً للرتابة والملل الذي سوف يكبّل البرنامج لو كان بقلم كاتب واحد .

أخيرا قد نكون أغفلنا جوانب عديدة تشكل قصورا لهذا العمل ولكن ما حققه من مشاهدة ومتعة وفائدة يخفف من وطأة ذلك مثلا ثبات ديكور بعض الفقرات الداخلية كالعيادة والكازينو وتكرار ملابس أبو الدكايك واللزكة وأظن ذلك تقشفا في النفقات الانتاجية في حين إنتقد البعض الإسهاب في فقرة التحشيش والتماهي الى ما لا نهاية ولكنه قالب جديد نجح شعبيا وسيقلده الكثير في المواسم المقبلة لما حققه من نجاح .

أحدث المقالات

أحدث المقالات