من منا كعراقيين لايعيش ومنذ ما بعد الاحتلال الاميركي هاجس الخوف بأسوأ انواعه وهو الذي يطلق عليه المتخصصين الخوف من المجهول ( الفوبيا )؟! كلنا قلقون ويتلبسنا الخوف عدا قلة من السياسيين الذين اجتهدوا فزرعوا في مجتمعنا بطائفيتهم ومحاصصاتهم ونفعيتهم هذا المرض الكبير .. نعم ليس في الامر من مبالغة فالرجل والمرأة والشيخ والشاب والفقير والغني الطبيب والاعلامي الكاسب والمحامي وغيرهم كلهم خائفون فالقاسم المشترك والهم الاوحد الذي يلتقي فيه احدنا بالاخر هو داء الخوف الذي يتيح للفاسدين من السياسيين فرص ممارسة مهنتهم التي لايجيدون غيرها النهب والخراب والقتل والدمار فهم بتعمد وسبق اصرار زرعوا الخوف وقتلوا الديمقراطية التي جردت من معناها وشوهت مبادئها ..قد يكون الاعلام بمختلف اشكاله صورة للواقع الذي نعيشه فهو اما تابع لهذه الكتلة او تلك من الكتل المهيمنة على المشهد السياسي برمته فلا ينشر ولايذيع الا ما يملى عليه ويعيش اصحابه بعض بحبو حة الامان او ممول من اطراف محلية او اقليمية وربما دولية فيلعب لعبته في استثمار مصالح كل طرف من هذه الاطراف ويبقى الطرف الاضعف المستقل الذي يحاول ان يشق طريقه وسط الغام المصالح والتناقضات بين كواسج العملية السياسية ونادرا ما ينجح !!ومن المؤكد ان من يختار هذا الطريق سيكون عرضة اكثر من غيره للايذاء ناهيك عن ان مردوده المادي ضعيف ..ليس ادعاءَ القول ان حياة الاعلامي الباحث عن الحقيقة وغير المرائي في خطر كبير في دولة اللاقانون التي نحن فيها حيث تضيع
الحقائق وتسجل الحوادث ضد مجهول ..وكلنا نتذكر قضية اغتيال الاعلامي هادي المهدي فهو لم يكن يحمل بندقية ولايجيد حتى استخدام السلاح ومع ذلك اغتيل بطريقة خسيبسة لمجرد انه كان يدافع عن مصالح الشعب وليست ببعيدة قضية الناشط المدني جلال الشحماني الذي اختطف من المطعم في وضح النهار وكذلك الناشط علي الذيبحاوي في النجف وغيرهم كثيرون ..
لقد زرعوا الخوف وجعلونا كمواطنين نعيشه في كل لحظة لكي لايعلوا صوتنا فيفضح فسادهم في تعيين البنات والاقارب في رئاسة الجمهورية كما فعل رئيس الجمهورية فؤلد معصوم او في تسويف وتمييع عمليات الاصلاح من قبل رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي وابقاء رموز الفساد في مأمن من العقاب ولن يكون مجلس النواب بمعزل عن كل عمليات الفساد كما اوضح وزير الدفاع المقال خالد العبيدي الذي اتهم رئيس البرلمان سليم الجبوري بالفساد ودفع ثمن كلمته اقالة وتشهير !!
وسط مسلسل الخوف اليومي اخترت الاعلام ومارسته في احدى المؤسسات المهمة لكن الخوف جعلني اخفي مهنتي ومكان عملي عن الكثير من الاقارب والجيران ودفعني طوحي لاختار صحيفة الموقف الرابع المتواضعة في صفحاتها الغنية والعميقة بموقفها وكتبت عدد من المواضيع لكن الخوف لم يفارقني خاصة وان اشباح الشهداء كانت تلازمني .. فغادرت بحثا عن مكان آمن لم اجده الى الان .. وباختصار ما جنيناه من الكتل ضياع وتشرد فكيف يمكن لوطن ان يبنى وابناؤه يتهددهم الموت في كل لحظة بانفجار او ميليشيا طائفية تجاوز عددها المائة او عصابة داعشية ارهابية ؟! ومتى ينتهي الخوف الذي زرعتموه فينا فصار احدنا
يشك بالاخر ؟! لقد زرعتم الخوف وقتلتم الديمقراطية وضيعتونا فلا بارك الله فيكم جميعا .