22 ديسمبر، 2024 8:42 ص

زرازير الأجر والثواب

زرازير الأجر والثواب

ما أن تقف في التقاطعات وإشارات المرور في الطرق المختلفة حتى تجد شباب بأعمار صغيرة يقبلون عليك عارضين بضاعتهم للحصول على المال. بعضا من هؤلاء يعمدون في إيذاء القلب وتحريك مشاعر العطف والشفقة لغرض تحريك المقابل وإجباره على دفع المال. هؤلاء هم الذين يمسكون طيور الزرازير المهاجرة بشكل بشع ويقومون بتعذيبه أمام العامة كي تصدر صوتاً يجبر السامع أو المشاهد على دفع الأموال لغرض تحرير هذه الطيور.
هذه الطيور أو الزرازير المسكينة وضعت بأعداد كبيرة في أقفاص ضيقة ليس فيها أي مأكل أو مشرب. بعض هذه الطيور تحظى برعاية المشتري ويشمله العفو حتى يتحرر ليعود إلى الحياة من جديد، وبعضاً منها يموت جوعاً في حبسه.
إنها تجارة بالمشاعر الإنسانية قبل أن تكون شيئاً آخر. العملية برمتها نموذج حي لتجرد البشر من العطف والشفقة. تعذيب كائن حي وحرمانه من أقرانه وتقييد طيرانه ومنعه من الهجرة مع باقي الطيور من نسله إنما ظلم من نوع خاص.
هذا الظلم لا يقتصر على الشخص الذي يمسك الزرزور من قدميه ليتعذب ويصيح ومن ثم يجذب عطف أحدهم فيدفع ليحرره فحسب، بل أن وزر ذلك يقع كذلك على من يدفع لتحرير هذا الطير. فالشخص الذي يعذب الطير كل هذا لن يفعل ذلك إذا لم يجد من يدفع له. فالذين يدفعون الأموال لتحرير الطيور هم من يشجعون هؤلاء الظلمة على تعذيب هذه الطيور وحرمان هذه الزرازير من أسرابها.
الأمر تماماً كما يفعله الشعب في دعم الطغاة وعدم التصدي لهم في طغيانهم ومدهم الغاشم في هضم حقوق الناس. فالسكوت على الظلم هو شراكة غير مباشرة مع الظالم واسناده بما يقوم به.