أن المهزلة الخيانية التي حصلت في تسليم مدينة الموصل الى داعش بدون قتال ، قد هزت الكيان السياسي العراقي عامة ( الوطنيين منهم ) والشيعي خاصة بل جعلته يقفز فزعاً من هول المصيبة التي حلت في كيان الدولة العراقية ، هذا الكيان الذي أنغمس في متاهات الأزمات والمعاهدات والشروط من أجل تبادل المصالح الفئوية والشخصية ، وجعلوا الساحة العراقية ملتهبة بتصريحاتهم وأتهاماتهم وإذا تقارب كيانان من بعضهما البعض أصبح مكسباً سياسيا كبيراً ترقص له الجماهير فرحاً ، حتى أصبحت الكيانات السياسية الشيعية (القانون ، المواطن ، الأحرار) تتقوقع في زوايا مثلث يصعب تقاربها بعضاً مع البعض الأخر نتيجة تنافسها على قيادة الساحة الشيعية من أجل السيطرة على أكثر ما يمكن من مواقع القرار ، وهكذا دخلت هذه التنظيمات الثلاث في تنافس ومشاحنات أربكت الساحة السياسية على الرغم من معرفتهم بأن الفرقاء الأخرين لا يحملون أي هم من هموم العراق وشعبه ولكنهم أخذوا التوجه الى هؤلاء الفرقاء لتقوية جبهتهم من أجل ضرب أخوتهم الذين يحملون نفس الهم والهموم ، وأستمرت هذه المشاحنات والأزمات منذ التغير الى هذه الأيام العصيبة التي أظهرتها إزمة الموصل وأظهرت حقيقة كل الفرقاء والشخصيات السياسية العراقية التي تدعي بالوطنية والولاء للوطن وشعبه ، لقد عاش الشارع الشيعي حياة قلقة يشوبها الخوف من المستقبل نتيجة العلاقات المشحونة ما بين التكتلات الشيعية التي تخللتها في كثير من الأحيان الإتهامات البعيدة عن الخلق السياسي الرفيع ، وقد كادت هذه العلاقات السيئة مابين زوايا المثلث الشيعي ( القانون والمواطن والأحرار) أن تُخرج قيادة العراق من سيطرة الأغلبية الشيعية نتيجة التمزق والتفرقة التي عان منها الكيان السياسي الشيعي ، وقد أظهرت التحركات السياسية خلال الفترة الماضية على أن السياسي الشيعي لم يعي ظروف المرحلة وصعوباتها بل عاش في نزوة الحكم والمغريات المادية وأدار بظهره الى قواعده الشعبية ولا يلتفت إليها إلا في فترة الإنتخابات والحاجة ، لهذا لم يقدم المصلحة العليا ولم يعظ على الجراح الشخصية والحزبية من أجل الشعب الذي عانا وقدم التضحيات الجسام ويتجه الى التوحد والوحدة مع أخوته في المذهب والنضال والأهداف والغايات ، ولكن بقت هذه الكتل الثلاث متباعدة ومتناحرة تميلها الرياح السياسية أينما مالت لأنها أصبحت جميعاً بحاجة الى الأخرين ؟؟ أيُ أخرين الذين يقدمون مصالحهم العليا التي تتقاطع مع مصالح الكيانات السياسية الشيعية الثلاث التي تريد العراق الموحد الذي ينعم بالخير والسلام والديمقراطية لأن الأول يريد الدولة المستقلة والثاني يريد عودة سيطرة الأقلية على الحكم ، لهذا نرجوا من هذه الهزة العنيفة التي نتجت من سقوط الموصل أن يستيقظ السياسي الشيعي ويعي ما يدور حوله وأن يقدم المصلحة العليا على مصالحه الشخصية والفئوية الضيقة ويتجه الى أخوانه من السياسيين الذين يشتركون معه في الأهداف والغايات ويقوي بعضهم بعضاً ويقدمون لنا موقف موحد في كل شيء كما قدمته الساحة الشعبية وأظهرت أرقى وأجمل صورة للوحدة أمام كل التحديات الجسام ، لهذا نقول رُبَّ ضارة نافعة ينتج منها كيان سياسي شيعي يمثل هموم كل مواطن عانا الويلات نتيجة السياسيات الدكتاتورية الظالمة بحقه .