22 ديسمبر، 2024 11:20 م

رؤى مختلفة حول خطاب يوم النصر – ١

رؤى مختلفة حول خطاب يوم النصر – ١

في مساء يوم الاثنين 10 تموز 2017، نقلت الفضائية العراقية من مدينة الموصل، خطاب السيد القائد العام للقوات المسلحة العراقية، الدكتور حيدر العبادي، وهو يعلن فيه حسم معركة العراقيين مع الدواعش، و تحرير مدينة الموصل، بعد اسقاط ما يسمى بدولة الخلافة الداعشية، و التي اصبحت تعرف بعد النصر بدولة الخرافة.
فقد بدأت معركة تحرير الموصل يوم 19 شباط 2016، و انتهت يوم 10 تموز 2017، باعلان الانتصار على داعش، من قبل السيد العبادي. لقد كان خطاب السيد العبادي (الذي لم تتجاوز مدته، اربع دقائق و نصف الدقيقة فقط)، معرض اعجاب البعض و معارضة البعض الآخر. و كانت وجهات النظر كالآتي؛
وجهة نظر المؤيدين للخطاب:
هذا الفريق يرى، ان الانتصار بحدّ ذاته، يُغني عن جميع الخطابات و الكلمات، التي تقال في مثل هذه المناسبات. فالمهم هو النتيجة و حسب. و هذا الموقف تبناه، سواد كبير من المعلّقين، على وسائل التواصل الاجتماعي، و المشاركين في استضافات العديد من الفضائيات العربية.
وجهة نظر المعارضين للخطاب:

اصطف مع فكرة الدكتور (سليم الحسني)، التي طرحها في مقاله المنشور، على صفحته في برنامج الفيسبوك، و الذي يحمل عنوان:
(أفسدت علينا فرحة النصر بخطابك يا حيدر العبادي/ https://www.facebook.com/hasani2003). و الذي نشره بعيد ساعات قليلة، من اعلان بيان النصر من قبل السيد العبادي.
و قدّ بين الدكتور الحسني في مقاله اعلاه، أن حجم الحدث و ضخامته، يجب ان لا يُختزل بكلمات عابرة و بسيطة، في خطاب القائد.
أقول:
ان خطاباً يُلقى من قبل القائد العام للقوات المسلحة العراقية، رئيس مجلس الوزراء العراقي، يجب ان يحتوي على مواقف صارمة، يحدد فيها مسارات سياسة الدولة، التي تتناسب مع حجم الحدث. يبين فيها القائد، مسؤولية الاطراف الدولية و الاقليمية و المحلية، التي تسببت في احتلال داعش، لمدينة الموصل.
كما يجب ان يتناول الخطاب مواقف دول المنطقة، و مواقف الدول الأخرى، من حرب العراق مع الارهاب. هذه المواقف التي ادت الى سلسلة من الحروب الطائفية، و التناحر السياسي، منذ عام 2004 و لحدّ الآن.
هذا التناحر الطائفي، الذي ينعكس على الواقع السياسي العراقي، ما هو إلاّ مشروع مدعوم من الخارج، القريب من محيط العراق. و مدعوم ايضاً من الخارج، البعيد عن حدود العراق. أدت هذه المشاريع التخريبية، الى الدمار الكامل لمدينة عراقية، لها وزنها الحضاري، في معيار التاريخ الانساني، كما سببت للعراق و شعبه نكسة تاريخية، أدت الى تدمير اقتصاده الوطني، و بناه التحتية بشكل مرعب.
لقد جافى السيد العبادي الكثير من الحقائق بخطابه المبسّط، و ضيع مسيرة من التضحيات الجسام، و أي تضحية يقدمها الانسان أغلى من النفس؟. حيث جاد العراقيون بأرواحهم، من مناطق الوسط و جنوب العراق، من أجل تحرير الموصل.
و لو نظر ابناء الوسط و جنوب العراق، الى موضوع محاربة داعش، و احتلاله لمدينة الموصل، بنظرة السياسيين المصلَحيّْين، الذين تُسيّرهم دولارات دول الخليج، و إرادات دوائر المخابرات الاقليمية و الدولية، لما أكترثوا بالأمر اطلاقاً. فالموضوع برمته يخص سنّة العراق و مدينتهم فقط. لكن هؤلاء الابناء البررة لكل العراق، اعتبروا كل شبر من العراق هو وطنهم، و كل فئة من شعب العراق هي أهلهم.
و اللافت للنظر، أن عدم حضور قادة الحشد الشعبي، مع القادة العسكريين، اثناء القاء السيد العبادي لخطاب النصر، يوحي بأن هناك بخس، لحق هذه القيادات المضحية، التي افترشت الارض، و التحفت السماء، و أكلت من نفس طعام المقاتلين دون تمايز، و هي تقاتل الدواعش في سوح الوغى وجهاً لوجه.
كما أنّ من الواضح للجميع، ان قوات الحشد الشعبي، كانت تشحن المقاتلين، بشحنات قوية من المعنويات. حيث كانت قطعات الحشد الشعبي تتقدم، أَمّا امام القوات المسلحة، او جناً الى جنب معها. صحيح ان السيد العبادي، اشاد بدور المرجعية في خطابه، لكنه لم يتناول أبداً دور الحشد الشعبي، الذي لولاه لما حُسمت المعركة، لصالح العراقيين الشرفاء. للموضوع تكملة في الحلقة الثانية من هذا المقال ان شاء الله تعالى.