22 ديسمبر، 2024 9:02 م

ري آكشن، لوكيشن…

ري آكشن، لوكيشن…

تربطني ذكريات عزيزة بإذاعة جمهورية العراق تمتدّ إلى أكثر من ثلاثين عامًا، أي حينما كانت تُسمّى بإذاعتي بغداد، وصوت الجماهير!

فقد استطعت بعد سلسلة من الاختبارات الصعبة أن أدخل معهد التدريب الإذاعي عام 1989 بصفة مذيع متدرب، وكانت لجنة اختبارات المذيعين مؤلفة في ذلك الوقت من المرحومين غازي فيصل، وحسين حافظ، والمذيعة القديرة أمل المدرس، لكنني لم أُكمل المعهد لأسباب ليس من المناسب ذكرها الآن

وما تزال ذاكرتي تعجّ بمواقف شهدتُها آنذاك، وكانت تُنبئ عن الاعتزاز باللغة، والوعي بأهميتها، وكيف كان لزامًا على المذيع، أو مقدم البرامج يومئذٍ أن يُتقنَ العربية اتقانًا تامًا، وتراني ما زلتُ حتى اليوم أحرصُ على سماع نشرات الأخبار من هذه الإذاعة الأثيرة إلى نفسي، لاسيما وأنا في طريقي المعتاد إلى مقرّ عملي كلّ صباح، لكنني هذا اليوم الثلاثاء الموافق للحادي والعشرين من الشهر الجاري- وعلى غير المألوف كنتُ استمع إليها مساءً، وتحديدا في الساعة الخامسة بينما كنتُ في مشوار لأداء واجب اجتماعي ، وقد هالني بصراحة أن أسمع خلال هذه الساعة برنامجين اثنين ، أحدهما يُسمّى ( ري آكشن)، والآخر بعنوان( لوكيشن)، وكلا الاسمين مستعارٌمن اللغة الإنكليزية: Reaction, Location، وكلاهما كما لا يخفى على أحد- له أكثر من مقابل عربيّ، ولا أريد التطرّق إلى تفاصيل محتوى البرنامجين، ففيهما من الأخطاء مما لا يُغتَفر، أقول: مما لا يُغتفر؛ لأنّ السيد مذيع برنامج (لوكيشن) مثلًا -وكان يتحدث عن كربلاء- ارتكب أخطاءَه حتى في نطاق التلفظ ببعض مشاهير أعلام المدينة التي يعرفها جلّ المتعلّمين وغير المتعلّمين أيضًا…

وتحصيل القول في هذه المسألة هو التعجّب من ظاهرة استعمال ألفاظ أجنبية، وإهمال مقابلاتها العربية في إذاعة يُفترض أن تكون ناطقة بالعربية، وهذا وغيره بسبب عدم وجود منظومة تشريعية حاكمة تمنح لهذه اللغة الكريمة أي العربية الاهتمام الذي تستحقه، كما هو الحال في كل الأمم الحيّة والبلدان المتحضرة، ولعلّ سرّ هذا الخلل يكمن في أحد أسبابه الرئيسية في وجود قانونين للغة العربية أحدهما قانون 64 لسنة 1977، والآخر قانون رقم 7 لسنة 2014 وهما قانونان ساريا المفعول من جهة، ومتناقضان من جهات أخرى...