19 ديسمبر، 2024 6:47 ص

ريم الكمالي / تصنيع المجد ..في روايتها الأولى ( سلطنة هرمز )

ريم الكمالي / تصنيع المجد ..في روايتها الأولى ( سلطنة هرمز )

قراءتي المنتجة ترى في الفصل الأول من الرواية ،وهو بسعة ثمانين صفحة (11- 90) تقريبا ،بمنزلة عتبة نصية ، وإذا استعملنا لغة السينما فنحن في هذه الصفحات نكون أمام وجيز مشهد سينمي للتاريخ والجغرافيا والمستوى المعيشي لهذه الجنة الأرضية التي من إسمائها الحسنى (خصب ) ..تدخلني عين الكاميرا في ممرا ت نظيفة فأراني وسط البساتين وأرى المنازل كالحدائق ،فكل منزل يحتويه بستان نخل ،كأنني في بصرة الله ،قبل الحروب نيابة عن دول الإقتصاد الريعي ..بساتين صغيرة متراصة تضفر مظلة خضراء لتحجب السماء وضياء الشمس عن الأزقة ولا سقف للزقاق سوى سعفات النخيل الخضر المتمايلة، أتوقف مسحورا، لما تسرده زخارف محفورة بنقش متقن الحرفة في الأبواب  أبواب البيوت مثل أكف البشر ومثل قلوب الأمهات : مفتوحة وملأى بالندى بتوقيت شروق الشمس ،بين شجرة ونخلة : مسافة دقيقة ، ثمة أنفاق صغيرة وجسور وقنوات محفورة في باطن الأرض وموصولة بنوافير في أفنية المنازل تزودها بالشرب والطهي والإغتسال .وبشهادة الأمير علي بن معن الدين الزموري أمير إقليم خصب ..سطنة هرمز وهو يحدثنا  بتلقائيته حول إزدهار الاقتصاد البيئي  ..(تجار خصب يتمتعون برغد العيش ،مالكون لأجمل السفن الحاملة لبضائع الأطياب من توابل وأحجار وحرائر تؤخذ عنهم المكوس المؤثرة في بضائعهم وربحهم وقت عبور هرمز../233) 
(*)
الرواية تتغذى من مرجعيات لحظة تاريخية  دامية :غزو برتغالي يسلفن أهدافه الاستعمارية بماركة مسجلة : علامة الصليب !!.تتكون الرواية من ثلاثة فصول ، روزنامة الفصل الأول: عائلة أبراق في قرية خصب جنوب المضيق الهرمزي  :(1507-1490). الفصل الثاني / الأسطول البرتغالي في سلطنة هرمز (   1507 – مارس1508-) الفصل الثالث بين الأسطول والساحل (أبريل 1508)..

 نلاحظ في العنونة : جغرافية التاريخ .وكل فصل من الفصول الثلاثة ، يتفرع حزمة من عنوانات فرعية .وبالطريقة هذه تكون تراتبية السرد ،قد جعلت الطريق سالكة أمام فعل القراءة 
(*)
المؤلفة ريم الكمالي تعقبت الموروث الشفاهي الجمعي ، وسكبته / سبكته في إجناسية سردية يتماهى فيها : الحكائي في الروائي و حسب شهادة ريم ..(نُقلت إليّ عبر بعض الشخوص ،كتراث شفوي ،وكحدث موروث وكحاية في حكايات تم نقلها منذ قرون.) وهنا تنفخ المؤلفة من روحها  الإبداعية لتنفض غبار الغياب عن (الأجساد التي كادت أن تضيع كغيرها ،لأحييها من جديد نصوصا بين السطور، أدونها في رواية../ المقدمة  ) فهل يحق لي كقارىء أن أقترض من جاسبار روديجز : المترجم في الاسطول البرتغالي وأقول (أنا من يملك روح النص وإن لم أمتلك النص ذاته  / 183)..
(*)
التاريخ والجغرافيا يتضافران في سردية شعر بقدرٍ موزون ، فأنال كقارىء حصتي من ذلك الخليط المضروب  (من المسك الأبيض المطحون وعرق الصندل والعنبر والسكر وماء الورد الفارسي والزعفران والزباد ودهن العود وبعض قطرات من روح الورد ../ 13).. في نزهتي ضمن الفضاء الروائي وقد رمت الجبال معطفها على خصب ،رأيت ُ(سماء مختصرة في الأعلى../12)..وكلما أتقدم في قراءتي (ضمنت ُ السلام في مكان مجهول وخفي ../36) المختصر السماوي هل يتعامد مع الرحم المضاء بسراج المخطوطات (في غرفة مُحكمة الإغلاق يقع السرداب / 26) في عتمة السرداب هناك سرود ملجومة تنتظر فعل قراءة يحررها ..سرود بتنويعاتٍ جمة : ترسيمات بصيغة خرائط  للعالمين الأفريقي والهندي .. سرود حروفيات تحتوي : كتباً منضودة : فقهية ،فلسفية ،فلكية ،تاريخ أمم وممالك  .. سرود مخبوءة في صناديق ، سرد المرايا وما تسرده الحلي حين نتأملها فتستعيد كل حلية ٍ ذاكرتها فينا وتستعيد الحقب التاريخية إقتصاديات  عملتها الذهبية وماتيسر من سرود الحجر الكريم .. في سرود السجاجيد الاعجمية : بلاغة النقشة 

ترشق أصغر الربابنة بفتنة السرد : (ذهل دي كامبو من السجاد الصغير المعلق على جدار السرداب ،ليتلمسه بيديه متأملاً تلك النقوش ،ليقول مبتسماً :إنها نقوش قبطية ،سجاد من النسيج القبطي ../ 260) الكلام عن الفن وهويته ، سيحيل إلى فن العمارة والتاريخ ،على لسان بدرة (كان والدي دائما يتحدث عن ندرة نقوشهم ، مؤكداً أن قريشاً في مكة قديما كانت دائمة الاستعانة بنجارين أقباط ، وكذلك الأمويين بدمشق في بناء المساجد ../260) وتنتقل النقشة من العلامة إلى إشارة مرورية نحو علالي السلطنة ثمة رسوم ونقوش لبشر مروا ومكثوا برهة ، في النقوش شفرات عصية على الجاهلين وفي النقوش أنظمة السلوك الجمعي (كونفورميا) من تاريخ وعرف وتقاليد ،رموز استحالت بمؤثرية الزمن إلى أدلاء كما هو حال هذه (الصخرة الجرداء في العلالي  يصعد إليها المهتمون ،بدت ذات حظ كبير حين نقش عليها الناقشون المجهولون لُيعلِموا من في الطريق من المسافرين جهة الشرق من جهة الشمال ../ 261)..
(*)
 خصب : جنة عذراء وسُكانها ملائكة جبلهم الله من روائح زكية وبشهادة التاجر الهندوسي لمستُ عواطفهم تخرج منها الرائحة، وروائحهم تُخرج العاطفة ..(رائحة برودة الأرض ورائحة ثمار الأشجار ممزوجة برائحة أغصانها الرطبة متخللة رائحة الصخور .نعم حتى الصخور بدت لي ذات رائحة، ورائحة قهوتهم آخر نهارهم تفوح لتمتزج برائحة ،،رشوفتهم ،، المعجزة والشافية ../ 218)
(*)
يمكن إعتبار المجد : هو الحبل الذي تعتصم به كافة شخوص الرواية ،وهو القوة الدافعة في فاعليتي الإنتباذ / الإنجذاب ، مجد  الجنرال البحري ألفونسو دلبو كيرك ،يتأثل في تدمير الإقتصاد البيئي ليوتوبيا خصب (القباطنة اتحدوا بقواربهم ونزلوا الشاطىء ليشعلوا النار في الميناء ومعظم منشآت خصب المتبقية أمام البحر ، بما فيها بعض النخيل ../110) وهكذا ينتج الجنرال قراءة كونيالية للسيد المسيح ولإنجيله ، الجنرال يمحو بلاغة سرد الأخضر في خصب ، الجنرال يسرد بالممحاة وممحاته مدفعيته البحرية وممحاته إشعال النار في بيت الله والمعتصمين بحبله .

وبشهادة الجنرال  (البحر غدا كالنبيذ والجثث في الماء قد تملحت منتظرة حيوانات البحر تنهي وجودها../111) الجنرال مطمئن في إيمانه ان الرب معه !! وهو ماض ٍ في فعل التطهير الجماعي للتخلص من الموروس وقرآنهم ونبيهم وبشهادته (ثمة أشياء يجب أن تكون فوق الأخلاق البرجوازية ،فلماذا يتكبر الموروس؟ وهل هم يستحقون فعلاً أن نعطيهم فرصة الاندماج في حياتنا المسيحية ؟../ 107) ..في سنوات الرخاء الرشيقة الطول ،كان التاجر الهندوسي يسرد بالألوان أبواب بيوت خصب بإيعاز من السيدة المبجلة أم مالك ،فهي التي (أقنعت الأهالي بوضع الألوان على كل جدار ،لتقترح صبغ كل جدار بلون يختلف عن الجدار الآخر، وكذلك النقوش المجسدة للنخيل والورود صبغتها بألوان حية مفرحة : مثل الأخضر الذي يتكرر، حيث يطلبه كل بيت ،فهو لون رئيسي في جنة المسلمين ../ 216)  واللون الذي يتطيرمنه أهالي خصب : هو الذي اقتحم خصب وذبح أهلها (لم يحبوا اللون الأحمر الذي لم يبهجهم ،بل كان يذكرهم بلظى النار وشرارتها المهلكة ../ 216) ومع بداية إغتصاب خصب ، يتقدم أحد الغزاة و(يضع على جدران المنازل وأبوابها شارة الصليب راسماً الصلبان عليها ../111) العوائل تهرب من بيوتها نحو اللامكان  والمشهد في عيني الجنرال الغازي : كفرة وناكرون (للمسيح والإنجيل والرب ../111) ليس هذا وحسب ..ف( الرب سعيد لتوسعي ،وهؤلاء الموروس لايستحقون أية حياة أنهم أنكروا تعاليم المسيح الرب وتبعوا شريعة ممادوا../ 116).. ولمفردة مجد  في قلب الإمام الشيخ أبو مرشد عبدالله بن فضل ،إمام المسجد الأبيض بخصب ، معان أخرى (قيادة طقوس الدين مجد ٌ وهيبة ، لم أتوان لأبدو ماجداً مهيبا ../225)..أنطونيو دي كامبو ، أصغر قبطان لأصغر سفينة في الأسطول البرتغالي ، يبحث في المعرفة الإنسانية عن حيز ٍ من المجد يليق بحلمه 
في الكتابة ، لديه وهو في غزوة عسكرية ،أحبار وأقلام وأوراق ومن خلال كل ذلك يعلن (لأبدأ صنع مجدي الجديد..في قرارة نفسي كنت على يقين بأن المجد في الأستدامة لذا سأنقش حروف أسمي في هذه الحياة حتى لايموت كغيره من الأسماء ،ولاشيء سوى الكتاب يجعلني حياً دائما../ 143)..وضمن الغزو يقتل قائد برتغالي
فيستعمل الجنرال فاعلية التسمية لتمجيد القائد المقتول في المعركة (وليعزز ألفونسو دلبوكيرك من مجد دي سوزا الشهيد، قام بتسمية منطقة المعركة باسم سوزا، ليمجد أسمه في مكان ما من أجل راحة ضميره ../151)

(*)
مع الصفحة الأولى من داخل الرواية ، تعلن الشخصية المحورية  بدرة بنت عبد الرحمن الحجازي (يُقلقني المجد الذي لاأعرف كيف أصنعه !) ..نحن هنا أمام سؤال الجندر وحساسية  السؤال تكمن في وعيها المعرفي الذي يشتبك مع طوق المجتمع ،فخصب بالنسبة لها (جنة في قبر) ..و من أجل تصنيع المجد ولايتوقف السؤال عن التشظي وفي السياق ذاته ِ:(لكن لم ياترى يفكر الإنسان بالمجد ؟) ثم تبحث الساردة عن التفارق بين المجد وبين كلمة أخرى تتجاور معها وتختلف عنها بكثافة خيط ٍ نحيل (وهل يختلف المجد عن الخلود ؟) ثم تعود للسؤال الأم ..(وهل التفكير بالمجد غرور إنساني وجوع لايهدأ؟ أم من روحه الطيبة لفهمه أن المجد إبداع نافع ؟) وستعلق إنتاج مجدها بتوقيت إنتظار ماسوف يأتي ..(تزداد عزيمتي، مهدئة إعصار شغفي بصمت الانتظار حتى لاأتبعثر ../ 11) في السرداب تنتقل بدرة بإرادتها من كينونتها إلى صيرورة معرفية ، فالسرداب رحِم معرفي يتخلق فيه كائن معرفي اسمه بدرة بنت عبد الرحمن الحجازي ..
(*)
 يمتزجان : المعرفي وأحلام يقظة الماء فيها (غرقت في القراءة ليلاً ونهاراً تواصلت مع المخطوطات بالعقل وبالخيال../28) بدرة بنت عبد الرحمن الحجازي ،ليست هاملت حتى تكون في قعر جوزة وتدعي أنها ملكة الرحاب التي لاتحد ، وبدرة لاعلاقة لها بذلك الأديب الفرنسي الذي يباهل أنه مركوز في مكانه والشمس تأتي إليه والظل يأتي ، فمعرفيات السرداب  ما أحالتها إلى مياه جوفية ٍ غائرة بل جعلتها تنطلق كنافورات البيوت وبشهادة بدرة (وولجت ُ في سحاب معارف جديدة غير السرداب ، لتأخذني نحو صناعة مجدي الخاص بعيداً عن ولادتي ونسبي وعيشي ،فأستحوذت عليّ فكرة المجد استحواذاً كاملا ً دون معرفة الكيفية ../ 28) مابين القوسين ، يُحيلني الى الهندسة الوراثية  لنصغي إلى ماتسرده عن أبيها عبد الرحمن الحجازي ،فهي مثلما غرقت في ماء المخطوطات المعرفي ،فقد غاصت في التاريخ الشخصي لوالدها ..(أغوص في حياة والدي ،في غرفته المكتظة بجميع أنواع الاهتمامات ،فأتبحر في روحه ..والدي الذي لايتجذر من خصب ..لم يأت ِ من الهجرات القديمة نحو جبال هرمز ،بل كان تاجراً مغامراً، عالماً شاعرا، هجر

 مكة والحجاز تاركاً أهله ،حاملاً أمواله الكثيرة إلى القاهرة ليتتلمذ ، وينهل من علوم الدين في الأزهر ،ويرحل بعدها صوب دمشق يبحث في علم الشعر والعروض …/27)..القراءة : فعل ناقص ، ولاتكتمل بدون معرفة ما نقرأه ،فما نقرأه يحتاج إلى مفاتيح الخبرة المعرفية ، وقد تكون هذه المفاتيح في طور التكوين فينا ، وعملية حرق المراحل موجودة  في التمرحل الإقتصادي، ويمكن الاستفادة منها في حقل المعرفة ويتجسد ذلك في مَن هو بمرتبة الأعلم منا ، فقد تعرف والدها حين كان في مصر إلى الحاج جمال الدين الخائي ،الذي اناره من سراج الصوفي الأكبر الفيلسوف  شهاب الدين السهروردي وكتابه (حكمة الاستشراق ) كما علمه كيفية المثول في حضرة فصوص الحكم للشيخ محي الدين بن عربي../ 41)..وهاهي بدرة إبنة عبد الرحمن الحجازي مرتهن بمرتجى مؤجل في حياتها المعرفي ..(ماالجدوى بعد إعادة كل تلك القراءات ، غير اللجوء إلى إنسان ٍ قادرٍ عارف ، يمتلك كل تلك الموضوعات والأسماء ،والذي باستطاعته تفسير تلك الكلمات المتجانسة بين بعضها البعض لينفك لغز المعرفة../ 29)..
أصغر الجنرالات انطونيو ، إنشغل في سرداب بدرة في تفكيك شفرات اللغات الأخرى في المخطوطات ..وتعمقت العلاقة المعرفية بين بدرة المسلمة وانطونيو المسيحي البرتغالي ،الذي يتكلم اللغة العربية ولغات أخرى ،وكان رحيما في معاملتها ، تخاطب بدرة نفسها (تراودني الأحلام بألا أترك أنطونيو أبدا، بل سأرحل معه ،فهو الوحيد الذي يحمل معرفة وأعرفه..والدي رحل دون أن يكمل لنا الطريق ، وهو جدير بأن يكمله لي ، وإن كان معتدياً وغريباً  لم يعد يعنيني سوى الرحيل معه ..من سيعبأ بي ، فأنا بأمر ٍ من أبي ظللت رهينة الدار، حتى نسي الرجال وجهي ،لم أستقبل مع والدتي سيدات خصب في الدار كثيرا..لهم أن يعلموا بأنني مت فالغزو لم ينته ولن يحررنا أحد ../263)..مثلما غادر والدها عبد الرحمن الحجازي  أهله ومسقط رأسه مكة ،  سيتنقل فايرس المغادرة في بدرة وتترك خصب ، وحين يعترض القبطان إنطونيو دي كامبو : (لكنك لاتدركين معنى هذه المخاطرة، والدتك وأهلك سيصابون من بعدك ، وأسطولنا خلال الرحلة لاينتصر دائما../ 268) ..فيكون جواب بدرة ..(لقد فكرت ُ ولا رجعة لي ، سأرحل معك للمعرفة ،لقد ضاقت عليّ خصب ،ولم أعد أحتمل حجمها ،لم لاأرحل بعيداً لأكتشف ../268)..

المعرفة والبحر أو علوم البحار في لغتنا المعاصرة ، هي كل أداة سلطان بن بحر الزين ، هذا الكائن المرجوم بأحجارٍ شتى :(سلطان أسمي ،لكن لاسلطان لي إلا على البحر كربان وملاح ،أما هنا فيدعونني سلطان بن بحر الزين النغل. ،،النغل ،، أبي ذلك الواهن الذي لم أعرفه ،سفاح الجبل الذي مات حيث أكلته الفاقة ،فلم يعش كغيره منهوماً أو مقدسا، بل رقيقا استخدموا يده كعبد في السوق ..فمات من الوهن والوجل ،عاش مع أمي حتى عوقب بالبعد ،ليموت كمدا، فيحملني اسم النغل بدلا من اسمه ..كم ميزني بهذا اللقب ؟ لتصبح إنسانيتي محرمة فلا يجوز لي الولوج إلى الحياة /76) لكن سلطان إنتج جوابا معرفيا على اسئلة التخلف (تحديتهم بالمعرفة الملاحية وتميزت بشهادة الملاحين الكبار ) جوابه المعرفي الكبير ،جعلهم يموتون غيظا ،فأزدادوا خسة ً، وبشهاده أمه وهي شهادة غير مجروحة :(هو بلا والد وبلا ظهر لذا لايُحترم مهما بلغ أدبه /74) وهكذا استمروا  (…لاهروب من إسماعهم لي كل يوم لقبي الذي التصق بي إلى الابد : اللقيط ابن العبدة ../76)..مفتاح الدين الحنيف ،لايفتح قفلاً ضاع مفتاحه  ،مفتاح الدين هو بوظيفة مرتجى مؤجل (يوم القيامة سنُنادى  جميعا بأسمائنا مقترنين بأسماء أمهاتنا/78 ) ثم يهرب سلطان ولكن نحو العلم (هربت ُ إلى سرداب الدار لأترك بؤس واقعي بين مخطوطات وأوراق البردي والرقوق والجلود../ 79) في رحِم السرداب تكون ولادة سلطان بن بحر الزين ، ومن المخطوطات يقتبس ضوءاً وبشهادته (النصوص تُضيئني …/79)..ومن السرداب الى هواء المعرفة الطلق مشفوعا برسالة من سيدته أبراق ..إلى الملاح شمس الدين بن تميم صاحب المدرسة ..هنا سيكون سلطان في المكتبة / الصيدلية ، كلما عرج في معارج السراج، كلما الزيت خيّط  جروحه الاجتماعية ..(مكتبة ابن تميم ظلت تداويني عن ما أختزل بي من أمراض القهر ومعاناة التصنيف من خلال مخطوطاتها وآلاتها الفلكية ،لأبدو في سلام ..)..

وكل ذلك بجهود بدرة بنت عبد الرحمن الحجازي ، التي وجدت في سلطان تلميذا نجيبا وأهلاً للمعرفة وأخا في الإنسانية ..بمافلات معرفية سيقترب من البحر ،ليفكك شخصيته الزرقاء المتماوجة الصخابة الطرية العنيفة ..(أداة بعد أداة تلمسها يدي وتستخدمها ،ليتفكك لغز البحر ويتحول علماً بلا متاهات ووضوحا بلا أسرار ../ 82) وهنا ستكون الولادة الثالثة للملاح سلطان بن بحر الزين ..(تسيطر المعرفة على عقلي فأولد من جديد )..نلاحظ ان المعرفية : هي الشحصية المطلقة في الرواية ،وقد تجسدت في نسق رباعي ، ثلاثة أنساق رجولية ونسق نسوي 
*عبد الرحمن الحجازي
*سلطان بن بحر الزين 
*إنطونيو دي كامبلا
*بدرة بنت عبد الرحمن الحجازي ..
والمشترك الثاني بينهم : هو المتحول الجغرافي الذي يرفض الاستقرار ويواصل البحث عن ينابيع الرؤيا ..
*المقالة منشورة في جريدة الزمان / 21/ 12/ 2016
*ريم الكمالي / سلطنة هرمز / دار كتّاب للنشر والتوزيع / دولة الإمارات العربية المتحدة / ط2/ 2014

أحدث المقالات

أحدث المقالات