23 ديسمبر، 2024 2:50 م

ريموت كونترول

ريموت كونترول

لا نستطيع الأستغناء عن هذا الجهاز في حياتنا اليومية ، فكيف سنتحكم في جهاز (الستلايت) ، أو (السبلت ) أو التلفزيون أو سيارتك لغرض تحصينها ضد اللصوص ؟ ، ولكن سطوة هذا الجهاز ، لا تستطيع تجاوز حدود منازلنا .

يستطيع العالَم الغربي تغيير سياسييه ، بل واقع بأكمله بكبسة زر من جهاز ريموت سحري يمتلكه ، ولكن استيراده محظور عندنا ، وهذا جزءٌ من حصار غير منظور .
هنالك ريموت كونترول خفي يتحكم بنا وبمصائرنا وكأننا بيادق على رقعة شطرنج ، فاذا ما لمسنا مُنكرا وقصورا في سياسيينا وحكامنا ، لن تنفع اليد ولا القلب ولا اللسان ولا أضعف الأيمان في تغييرهم ، وتبقى كل فعالياتنا وكفاحنا مجرد هواء في شبك ، وعندما تلمس (اليد) التي تتحكم بهذا الريموت الجهنمي تصلبا وإصرارا بشكل قد يهدد تلك اليد ، ستنتقل الى قناة الديكتاتورية وإرهاب الدولة ، عندها تخفت أصواتنا ، ونتحول حرفيا الى دواجن تنتظر الذبح (كغنم الفاتحة) ، وستشعر تلك اليد بعد حين بالملل من المشهد الساكن الرتيب لجماهير تخفي وجوهها لأنها مطأطأة الرؤوس ، وستتحول هذه المرة الى قناة (الأكشن) ، حيث افتعال الحروب وقمع الثورات ، وستستمتع تلك اليد ، بمشاهد الدم السوريالية ، وربما ستتحول الى قناة جديدة اسمها (الربيع العربي) ، والوازع ليس أخلاقيا ، ولا مللا من مشاهد العنف ، فهذه القناة مفضلة لديها ، ولا بدافع الضمير ، لأن تلك اليد لا ضمير لها ، ولكن بسبب ضغط والحاح الرأي العام العالمي الحُر والقيل والقال بشكل قد يزعزع يافطة (حقوق الأنسان) المزيفة التي ترفعها باليد الأخرى ، لتحوله الى دعاية لصالحها ، ومن باب أعطاء فرصة وتبرئة الذمة ليد ٍ بلا ذمة ، ثم لا تلبث أن تغير القناة الى (الديكتاتورية) وحكم العسكر ومسلسلها الممل ، كما يحصل الأن مع (مصر) ، أو تتحول الى قناة الفوضى والدمار كما في سوريا وليبيا واليمن ، وستوعز (لكومبارس) القاعدة وأخواتها من (بوكو حرام) و(حركة شباب المسلمين) من العراة الذين لا يمتلكون قضمة خبز ، كهياكل عظمية ، لكنها تحمل البنادق ! ، وقد ملأوا العالم خزيا وباسم الأسلام ، لتقف مكتوفة الأيدي متذرعة بخوفها من (صنيعاتها) تلك ، ونحن لا نملك الا أن نمتثل لأوامر ذلك (الريموت) ، لأن (اليد) المتحكمة بذلك (الريموت) ، تعلم جيدا أن لدينا قصور شديد في النظرة للمستقبل وفهم الحياة ، وأننا لا نعرف ماذا نريد ، وأننا نسيء استخدام الحرية ، وسنبقى مراهقون ونزقون سياسيا حتى لو بلغنا أرذل العمر .

هذا ما يحصل في الدول العربية عموما وفي العراق خاصة ، فها قد انتهت الأنتخابات ، وها هي الدول ، اللاعبة الكبرى في القضية العراقية تستعمل (ريموتاتها) المتمثلة بسياسيينا الذين يهرعون اليها باعتبارها (وليّة النعمة) ، في تغيير المشهد وبشكل يخالف الرغبة العامة والتوقعات ، دون أن تتعب تلك الدول نفسها في تحريك قدم عن قدم ، كيف لا والخدم يصولون ويجولون حولها كالذباب ؟.