كما هو الحال في كل خريف, تعودنا على سقوط الاوراق من الاشجار, وتَلون السماء بلون الغيوم, فتتساقط ألامطار مُعلنة وبكل فصاحةً عما يميز هذا الفصل بالتحديد, لتكون أنطلاقة جميلة بأستثنائية تتغلغل في اعماقها حياة أخرى, خصوصاً بعد تحملنا لعناء صيفاً حار جواً وأحداثاً, والذي كان شاهداً للكثير من الأحداث التقلبات سواء على مستوى درجة الحرارة, أو على مستوى درجة المشاحنات والتصعيدات السياسية, فما أن جاء ذلك الخريف الذي تعودنا فيه على سقوط الحياة مع اوراق تلك الاشجار, وقطرات ذلك المطر, جعلنا نندهش مجيئه بلونً ربيعياً بأمتياز, فأنتعش الجو الطبيعي أولاً, فما كان الأ أن يبرز أنتعاشاً سياسياً في الاحداث, فسقطت اوراق المصالح الشخصية والتفرقة أرضاً, لتعتلي اوراق الوحدة الوطنية عالياً, فتجعل هذا الخريف, يمتاز بربيعه السياسي الخاص به شكلاً ومضموناً.
ما يميز الفترة الحالية, سببين أساسيين كان لهما الدور الجوهري الكبير, في أستقرار المرحلة الحالية التي نسعى لأزدهارها, السبب الأول لا يجعلنا نبحث كثيراً عنه, لأن المنجزين له أجتازوا مرحلة الذكر بمجرد حروف, لأنهم صنعوا الأنتصار فخطوا أسمائهم على كل بقعة من بقاع عراقنا الحبيب, فكانوا رجاله الغيارى الذين صنعوا النصر الذي كان شبه مستحيل في عيون الكثير, ولكنهم رجال الصعاب فلا يقف أمامهم تحدي الأ وأنكسر, أعتلوا سواتر الشموخ بكل وفاءً أخلاص لهذا الوطن, فما كان الأ أن تعلو الهمم وتُخط الانتصارات, فتكون رداً واضحاً لكل من يحاول المساس بسيادة العراق وتهديد أمنه .
أما السبب الثاني مرتبط وبشكل مباشر بحجم الاستقرار السياسي وسيطرة الحكومة المركزية على ادارة الوضع الحالي داخلياً, فالعراق اليوم يعيش فترة أنتعاشً سياسي غير مسبوق, فقدرته على أدارة الاوضاع الداخلية بكل رتيبة وأنسياقاً واضحاً تجاه الدستور, وبخطوات قانونية سليمة, تجعل له دوراً محورياً كبيراً وقوة واضحة في أدارة الازمات والتغلب عليها, وهذا ما رافق الانتصار العسكري المذكور مسبقاً, مما جعل الحكومة المركزية أكثر قوى وحزم في الأتجاه نحو القرارات الحاسمة في هذهِ المرحلة المصيرية, ووضع الحلول المناسبة للأزمات التي لطالما كانت كالسراب يطارد أحلام العراقيين في الاستقرار, والخروج منها ما هو ألا أنفتاحاً لبوابات كانت موصدة لسنوات عديدة .
الأنتخابات القادمة لن تكون الا مفصلية في وضع النقاط على الحروف لمدة لا تقل عن ثلاث دورات قادمة, فالشارع العراقي ادرك كثيراً وأستوعب متطلبات المرحلة القادمة وما تستوجب من مقتضيات, خصوصاً أدراكه لحجم فشل الحكومات السابقة في تحقيق مطامحه, مقارنةً بالوضع الحالي الذي تغير بنسبنة كبيرة عن سابقه, فما بين ضياع الأمل في وحدة وأستقرار وأمن الأوضاع وضياع كل ما هو قابل للضياع, وما بين أسترداد كل ما كان منتزعاً, هناك كفتا ميزان لا يمكن لهما التساوي أطلاقاً …