رغم دخولنا عالم التكنولوجيا وعصر التطور والانفتاح والتقنيات والبرامجية الحديثة … ورغم حداثة الابنية الشامخة في عموم مناطق السويد المتعددة الطوابق والمصممة وفق أرقى واحدث التصاميم العالمية والتي تستورد أفضل الموديلات وأخر الصيحات للسلع المعمرة والبضائع الاكثر اهمية في حياتنا اليومية … الا أن أمواجا من الناس تغزو وتقتحم الاسواق الشعبية المنتشرة في عموم المناطق السويدية يوميا ، حيث يقتنون البضائع التي تمثل التراث الجميل والسلع القديمة والنادرة والماركات العالمية المعروفة والتحف الاثرية وغيرها ، اذ تشكل هذه المقتنيات النادرة والثمينة حضورا أستثنائيا لدى المتسوقين والمهتمين بها ، والتي تكون وسيلة جذب الى الاغنياء والميسورين ، من اجل شراء هذه البضائع ودعم ومساندة الفقراء والمحتاجين في جميع بلدان العالم .
بعض الاسواق تدار من قبل الجمعيات الخيرية ، وتكون معروفة ومألوفة من قبل الجميع كونها تبيع سعلها القديمة والجديدة والمستعملة بأسعار باهضة جدا ، حيث ان مصدر هذه الاسواق هم المواطنين الميسورين والذين يرغبون من التخلص من بضاعتهم القديمة او المنتهية موديلاتها ، وتقدم الى هذه الاسواق ( مجانا ) ، وتقوم الجمعيات الخيرية بالتعديل الطفيف على المواد وخصوصا الخشبية التي تحتاج الى الطلاء ، وبيعها على المتسوقين الذين يزدحمون عليها ، وهنا يبدأ سباق الركض على حجز هذه المادة وشرائها فورا ، وكأنك في سباق المراثون ، حيث ان ريع جميع هذه المواد ترسل شهريا الى البلدان الاكثر فقرا في دول العالم ، وتتبرع بها السويد التي تعتبر من البلدان المنتعشة اقتصاديا ، كما توجد ايضا في هذه الاسواق مخازنا كبيرة لحفظ وخزن البضائع التي تصل اليها خلال الاسبوع ، فيما يكون جميع البائعة في هذه الاسواق يعملون ( مجانا ) وطوعيا لعمل الخير ودعما للفقراء ، ومن جانب اخر فأن الاسواق تخصص قاعة كبيرة تكون للاستراحة وأشبه بالكافتريا التي توفر الاكلات السريعة والشعبية أضافة الى تقديم الشاي والقهوة وبأسعار زهيدة ايضا ، ويتعمد السويديون بأن يكون فطورهم الصباحي في هذا المكان وذلك دعما للفقراء اولا ، ولقضاء اوقاتا ممتعة وسط المتبضعين وتباديل الاحاديث فيما بينهم .
ان الاسواق الشعبية في السويد هي محطة استراحة وملتقى لكل الجاليات العربية ، حيث يتواجدون بأستمرار لقضاء اوقاتا تكاد تكون فريدة من نوعها ، ويتبادلون الاحاديث الشيقة ، كما هي فرصة للتبضع بأسعار زهيدة قياسا ببقية الاسواق التي تبيع المواد بأسعار عالية الثمن والتي لا تستطيع اقتناءها ، كما ان هذه الاسواق توفر المواد الاستهلاكية والمنزلية والمكتبية وحقائب السفر والهواتف والقرطاسية وحتى الملابس ، وغيرها من المواد التي تفتقد في بعض الاحيان ، وتجدها بسهولة في هذه الاسواق دون ان تبذل جهدا او وقتا للتفتيش والبحث عنها في اماكن اخرى .
ريع الأسواق الشعبية في السويد … لفقراء العالم
ريع الأسواق الشعبية في السويد … لفقراء العالم
سمير ناصر
صحفي عراقي عضو عامل في نقابة الصحفيين العراقيين منذ عام 1986 ، ,وعضو الاتحاد العام للصحفيين العرب ، وعضو منظمة الصحافة العالمية ، عملت في العديد من الصحف والمجلات المحلية العراقية والعربية في بغداد ، صدر لي كتاب بعنوان ( على مائدة الفن ) عن دار الجواهري وطبع في مطابع بيروت يتضمن لقاءات فنية مع فنانين عراقيين وعرب ، سيصدر كتابي الثاني بعنوان ( السلطة الرابعة تحتضر ... والاصوات الحرة تنتظر رصاصة الرحمة ) عن دار النهار للصحافة والاعلام يتضمن معاناة الصحفيين والاعلاميين العراقيين في تحجيم حرية الصحافة وتكميم الافواه ، شاركت في العديد من المؤتمرات الصحفية والمهرجانات داخل العراق وخارجه ، حصلت على العديد من الجوائز التقديرية كأفضل محرر صحفي ولسنوات عديدة ، حاليا اتواجد في مملكة السويد واساهم في كتابة التقارير والاخبار والتحقيقات في العديد من الصحف والمواقع العراقية والعربية وايضا السويدية .
مقالات الكاتب