ريشة فنان بمواجهة بنادق الظلام

ريشة فنان بمواجهة بنادق الظلام

في بلدٍ غادرته الإنسانية، حيث صارت الألوان أحيانا أداة للخطر لا للتعبير، وقف رسام الكاريكاتير العراقي أحمد فلاح، كجندي وحيد على جبهة الحرب الثقافية والمعنوية، يواجه برسوماته الفظائع التي ارتكبتها الميليشيات المسلحة، تلك التي تعيث في الأرض فسادا دون رحمة أو ضمير،كان قلمه درعا لا يُكسر، وخطوطه صرخات تُسجل فصولا من الظلم والقهر في بلد يحكمه اللصوص والقتلة ، لم يكن يحمل سوى ريشة وألوان، لكنه كان أقوى من كل المؤسسات التي تدفع الملايين لتشويه الحقيقة أو دعم آلة الظلام، رسوماته كشفت عن وجوه المجرمين، وجعلت من الظلام نورا لمن يبحث عن بصيص أمل في واقع قاتم، وفي وسط هذا الصراع، لم يغفل فلاح في رسوماته  عن إلقاء اللوم القاسي على جيران العراق ودورهم التخريبي في العراق، مُفصّلاً كيف أن ايديهم الممدودة بالمال والسلاح كانت تحرك دمى الفصائل المسلحة، فتُشعل نار الفتنة وتزرع الخراب في وطنه كان صوته يحمل نداءً صارخا، يفضح التآمر ويكشف كيف تتحول السيادة إلى مسرح عبث على يد قوى خارجية تغتال حلم الاستقلال والكرامة، لكن هذا الصوت الحر لم يرضَ أن يُسكت، ولم تخمد عزيمته بالرعب والتهديدات، بق لاخر لحظة يبطش بمن اغتال احلام البلاد والعباد، ختى  أصبح مصيره محصورا بين البقاء وقوفا على حقه، أو الفرار طلبا للحياة والحرية التي انحرفت عن دربها في وطنه، لم يكن وحده في هذا المصير، بل رافقه في رحلة الهروب هذه آلاف الأحرار الذين اختاروا النزوح إلى دول تحترم الحريات الفردية وتكفل أمان الإبداع

رحيله كان شهادة على نضاله، واحتجاجاً صامتاً على استبداد يرفض صوت العقل، ويريد إسكات كل من يحاول أن يرفع راية الحقيقة، فقد أدرك العالم أن رسام الكاريكاتير، بلمسة واحدة، يمكن أن يعادل قوة مؤسسة ضخمة تعمل بلا كلل لمحاربة التطرف،
إن مثل هذه الكفاءات، التي تحمل في خطوطها روح المقاومة والوعي، تشكل عماد نهضة الشعوب وبوابة استعادتها لحريتها وكرامتها. فبدونهم، تبقى الشعوب أسيرةً لظلال الجهل والاضطراب، وبوجودهم يُكتب المستقبل بريشة الحقيقة والقيم.