22 نوفمبر، 2024 11:50 ص
Search
Close this search box.

ريثما يختمر العجين – 10 الرمادي يزيح الأخضر!

ريثما يختمر العجين – 10 الرمادي يزيح الأخضر!

أتمنى ألا يتبادر للذهن أن القضية تتعلق بفريقين لكرة القدم فلا ضير ولا ضرر ولا ضرار، فالعالم مشغول بهذه الكرة الساحرة التي طالما لعبنا بها صغاراً ونتطلع إليها كباراً الى حد الهوس في كل مونديال وفي كلّ لعبة عالمية أو دورية وطنية بل وحتى الى الصغار حين لا يمتلكون كرة فيعملونها بأيديهم الصغيرة من الخرق.. ليقضوا بها وقتاً ممتعاً.. ورحم الله الرصافي الذي وجد نفسه مرة يقف على ساحة وشباب يلعبون ويتقاذفون الكرة بأقدامهم فوقف مشدوداً إليهم:
ليت الورى كاللاعبين طبائعاً – يتنافسون وكلهم بسّامُ
بقي هذا البيت وأخوته منقوشاً بالذاكرة، أتذكره كلما حصلت مظاهر عنف تصحب أو تعقب اللعبة الجميلة والحديث في هذا الجانب لا أظنه يسرّ القارىء..فلنصفح عنه الى موضوعنا الأهم الذي بات يقلق الناس في شتى أنحاء “المعمورة”..
***
أمس مررت على ممر الزهور، منتشياً جذلاً كعادتي أرقب الزوارق الرائحة والغادية، وأمر على القنوات ومتفرعاتها وأتفقد الأشجار المثمرة وهي تحمل من ثمارها: المانغو والبابايا وفاكهة البيشيون، وفاكهة جاك العملاقة ( جاك فروت) والموز بأنواعه ومتسلقات اللبلاب والخيار البري والزهور الحُمر والصُفر والبنفسجيات…الخ حتى اقتربت من الجسر فهالني ما رأيت!! الغُوَيْبة الجميلة التي أقف أمامها متأملاً أشجارها المتشابكة الأغصان وأشم منها عبقاً خفيفاً يستوقفني أكثر، وأسمع شدو طيور تتناغى وتتنادى فيطول وقوفي وتأملي.. وأتطلع الى حركة بين شجيراتها فأرى أرنباً يفِرّ من وزغ عدواني كبير كأنه تمساح..
الغويبة الراقصة هذه قد اغتيلت وطُّوِّح بأشجارها فحزنت أيما حزن ووقفت حسيراً على أطلالها.. ولا شك في أنْ سيقام على مُقامها برج سكني رمادي، تماماً كما حصل مع غيرها.. ولله در أخيْ ذبيان:
وقفتُ فيها أُصيْلاناً أًسائلُها – عَيّتْ جواباً وما بالربعِ مِن أحّدِ
حين أقف كل صباح ومساء على الشرفة أرقب الناس كنت أرى بناية المركز الإسلامي وجامعها وقاعتها التي تحملها قوائم مستوحيات من زهرة البلوميريا الرشيقة.. حتى شُيِّد برج سكني فحجب قبة المركز الإسلامي الزجاجية العملاقة الزرقاء والأعمدة وحديقة المركز الساحرة حجزها عن المشهد برج رمادي سكني!! وفي منطقتي المدينة الجامعية تشيد الآن ست بروج في مساحة لا تتعدى كيلومتراً مربعاً واحدا..
وقبل يومين فكرت أن أنزل لبعض مناظق العاصمة التي لم أنزلها منذ أكثر من عام لضرورة مُلحّة؛ فوجدتها قد تغيرت كثيراً ووجد مساحات خضراء قد تلاشت وحلت محلها أبراج سكنية.. والقرآن الذي أقسم بال “والسماءِ ذات البروج”.. والآن أصبحت الأرض ذات البروج!!
كل هذا ويسألونك عن الانحباس الحراري!!
الركن الشرقي

أحدث المقالات