7 أبريل، 2024 7:37 م
Search
Close this search box.

روس وأمريكان وضرب تحت الحزام

Facebook
Twitter
LinkedIn

أخبار في خيوط رفيعة تمر أمام أعيننا يومياً دون أن تجذب انتباهنا لكنها تمثل نافذة دقيقة لتفاصيل أعمق للحرب بين موسكو وواشنطن وحلفاء كلاهما، علينا أن نقرأ العالم جيداً لأن لتلك الخيوط الرفيعة اسقاطات بالغة الخطورة على حاضر ومستقبل منطقتنا العربية التي ظلت “لقمة سهلة” للقوى العالمية وأرضية مفتوحة لطموحاتهم.

ففي فبراير الماضي، أعلنت الخزانة الأمريكية حظر بنك “أيه بي إل في” الذي يتخذ ريجا العاصمة اللاتفية مقراً رئيسياً له بعد اكتشاف الاستخبارات المركزية الامريكية تقديم البنك خدمات مصرفية لغسيل الأموال ودعم الإرهاب، لكن الأهم أن اغلب تلك الأموال المغسولة كانت لمعاملات مالية وتجارية روسية بالأساس ساعدت موسكو وحلفائها مثل كوريا الشمالية وإيران في التهرب من العقوبات الأمريكية المفروضة عليهم.

البنك ساعد موسكو على دعم برنامج تسليح بيونج يانج بالصواريخ الباليستية وتمويل الطرف الموالي لها في الحرب الأوكرانية، والجدير بالذكر أن هذا البنك اللاتفي يعد ثالث أكبر بنوك لاتفيا وجسر رئيسي لتدفق رؤوس الأموال ما بين بنوك شرق وغرب أوروبا وقرار الخزانة الأمريكية يعتبر حكم بالإعدام على البنك أو بالأحرى “ضربة تحت الحزام” من واشنطن خاصة بعد تأكيد صحيفة وول ستريت على أن البنك قد استخدم شركات وهمية للقيام بعملية سطو على ثلاثة بنوك في دولة مولدوفا وسرقة أكثر من مليار دولار عام 2014، تلك الشركات التي استعملت حسابات ومستندات مزيفة لا تقل خطورة عما فعله الملياردير الأوكراني سيرهي كورشينكو الذراع الأيمن للرئيس الأوكراني الأسبق الموالي لروسيا فيكتور يانكوفيتش، كورشينكو استعمل بنك “أيه بي إل في” في تمرير مليارات الدولارات عبر 9 شركات وهمية لتخليص اتفاقيات توريد غاز مشبوهة خلال الأزمة الأوكرانية.

ولم تتلاشى الأخبار عن تلك الضربة حتى أن تصاعد دخان فضيحة جديدة وهي ايقاف بنك دانسكي الفنلندي في جريمة غسيل أموال لرجال أعمال روس تقدر بنحو 30 مليار دولار بعد أن لفت نظر حكومة تالين تحويل فرع دانسكي الصغير في استونيا لكميات هائلة من الأموال وفق ما ذكرته جريدة فايناشال تايمز البريطانية، ذلك الأمر الذي يؤكد تحول جمهوريات البلطيق الثلاث لباب خلفي أو مخرج طوارئ للروس للهروب من قبضة العقوبات الأمريكية.. وما خفي كان أعظم!

ومن لاتفيا واستونيا إلى ألمانيا التي دائماً تأتي في “وش المدفع” عندما يتحدث ترامب عن فاتورة الدفاع عن أوروبا، ففي القمة السنوية لحلف الناتو التي عقدت في يوليو الماضي فتح ترامب النار على المستشارة الألمانية عقب إعلانها بدء تنفيذ مشروع خط الشمال “نورد ستريم” لتوريد الغاز من روسيا في مايو الماضي وهو خط مزدوج بطول 746 ميل يبدأ من مدينة فيبورج وخليج نارفا في روسيا ويمر في بحر الشمال لينتهي في جرايسفالد بألمانيا لمضاعفة الغاز الروسي المورد إلى 100 مليار متر مكعب سنوياً وتتحمل جازبروم الروسية نصف تكلفة المشروع بقيمة 11.1 مليار دولار أما النصف الأخر يتحمله خمسة شركات في غرب أوروبا وهم يونيبر، إي إن جي آي، أو إم في، رويال داتش شيل، وينترشال.

ترامب وصف ألمانيا بأنها “أسير روسيا” بسبب اعتمادها المفرط في قطاع الطاقة التي تزيد على 50% من واردتها وهو أمر بالغ الخطورة بالنسبة للعقوبات الأمريكية المفروضة على روسيا إذ يجعل منها صعبة التنفيذ بل وضارة للغاية لحلفائها في ذات الوقت.

وذهب ترامب لأبعد من ذلك ليبذل أقصى جهد لديه لإجهاض المشروع ونجح بالفعل في تحريض الدنمارك على رفض مرور الخط بمياهها الإقليمية إلا أن روسيا نجحت في توفير البديل من السويد وفنلندا وفق مقال نشرته صحيفة دويتش فيليه الألمانية في يوليو الماضي!!

وإذا انصاعت برلين لأوامر واشنطن في الحد من واردات الغاز الروسي، فما هو البديل أمام ألمانيا؟

الضرب تحت الحزام مستمر بين الروس والأمريكان، وعلى خشبة مسرح السياسة الدولية تصعد قوى جديدة ستقود القاطرة غداً بلا شك ولا يجب تناسي إلى أي مدى ستلعب تلك القوى وخاصة الصين دوراً حيوياً في تسطير تاريخ الشرق الأوسط بعد غد بقواعد جديدة للعبة.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب