23 ديسمبر، 2024 4:56 ص

روسيّاً – اوكرانيّاً .. قراءة عسكرية اولية لمعركةٍ لم تنتهِ !

روسيّاً – اوكرانيّاً .. قراءة عسكرية اولية لمعركةٍ لم تنتهِ !

على الرغم من أنّ الحرب بين اوكرانيا وروسيا لا تزال مجهولة النتائج من الناحية العسكرية , وبرغم وجود هدوءٍ تكتيكي في طرفي الصراع إثر انسحاب القوات الروسية من الجبهة المقابلة للعاصمة كييف والمدن القريبة منها < وهذا ما يعتبر فشلاً بارزا للجيش الروسي في اقتحام كييف , وهذا ايضا ما يستفاد منه في الدروس العسكرية في مجالات الدفاع المكثف ضد قوة عسكرية مقابلة ومتفوقة عسكريا في العدة والعدد > لكنّ كل ذلك يمثلّ قراءةً تكتيكيةً اوليّة , وبجانب انّ وزارة الدفاع الروسية اعترفت بتكبّدها لخسائر فادحة جرّاء القصف الصاروخي الأوكراني في الجو والبرّ , وهي بالتأكيد اقلّ بكثير من خسائر الأوكرانيين عسكريا واقتصاديا وعلى صعيد البنية التحتية لبلادهم المتآكلة اطرافها من عدة مناطقٍ واراضٍ , لكنه ومن زاوية نظرٍ اخرى فقرار موسكو بهذا الأنسحاب المشار اليه , يبدو قراراً صائباً او حكيماً الى حدٍ ما .! , فلم تجد القيادة الروسية ضرورةً قصوى لتكبّد خسائر اخرى وكبرى في الأرواح والمعدات في محاولة اقتحام العاصمة الأوكرانية المحاصرة , بالإضافة الى ردود الأفعال العالمية جرّاءٍ ازالة مناطقٍ واحياءٍ عن بكرة ابيها وبمن فيها ! في حالة حصول ذلك ” وهي قادرة على ذلك ” اثناء الشروع والمضي في قضم الخطوط الدفاعية الأولى والثانية ” التي تستخدم البنايات والأحياء السكنية والمناطق الصناعية ” في العاصمة الأوكرانية المحصنة بشرياً ودفاعياً , ولا ريب انّ القيادة العسكرية الروسية قد إرتأت حلولاً وبدائلاً اخرى في تطوير الهجوم ومن قبل انسحابها الأخير والذي كان بمبادرة ذاتية روسيّة . ويبدو أنّ السادة الروس في طريقهم لإستكمال استحضارات المعركة القادمة , حيث من المرشح ان تكون وجهة الهجوم من الجانب الشرقي لأوكرانيا , مع احتمالاتٍ استهداف مناطق اخرى عبر الإلتفاف والإنزال الجوي وسواها كذلك . كما يبدو انّ رئاسة الأركان الروسية ترسم بأتجاه عدم الهجوم الجبهوي وعلى عدة جبهات , ولكن ليس جميعها .!

   ولعلّ الأهمّ من ذلك اوما يوازيه , فإنّ الموقف الدولي او الغربي ضدّ الروس , سواءً بالعقوبات الأقتصادية الهائلة والمؤذية , او من خلال امداد الأوكرانيين بكمياتٍ هائلة وبسرعةٍ فائقة من الصواريخ المضادة للجو وللدروع ومع الطائرات المسيّرة المحملة بالمتفجرات  , بجانب ما يلعبه الإعلام الغربي من دَور حيويٍ في التضليل والتزييف وتضخيم الحقائق او قلبها بشكلٍ معاكسٍ , وربما لبعضها , فكلّ ذلك وسواه يجعل موسكو في وضعٍ حرجٍ للغاية في حالة بقاء الوضع العسكري الروسي على حاله الأني , ودول الغرب تدرك ذلك مسبقاً ,  حيثُ بدأوا يدرسون الوسائل الدفاعية المضادة لمواجهة الهجوم المقبل .

وعلى الرغمِ ايضاً بأنّ هذا الهجوم الروسي المفترض هو أمرٌ مفروغٌ منه , لكنّ ما تتطلّبه موسكو ستراتيجيا ليس النتائج العسكرية التي لابدّ لها لتغدو حاسمة ومؤثّرة فقط , وإنّما لتغيير المعادلة السياسية القائمة على كلا الصعيدين الأوكراني الداخلي وارغام الموقف الدولي لإعادة حساباته بشكلٍ او بآخر , وإرغام جماعة زيلينسكي بمزيدٍ من التنازلات , بعدما قدّموا تنازلاتٍ اخرى عمّا سبق , ورفضتها موسكو .

   إنّه الهجوم الروسي المضادّ < سياسياً كما عسكرياً > , ولا رهانات مسبقة على النجاح او الفشل , والأمريكان ومعظم الأوربيين في حالة إنذارٍ واستنفارٍ قصوى لذلك , ومع هذه التطورات التي قد تقود الى متغيّرات , فإن دَور الصين وما قد تلعبه قد يشكّل المفاجأة المفترضة الكبرى في هذا الصدد , برغم أنّ قراءة الإعلام لذلك لا تتعجّل الأمر.!

   إحدى أهمّ الدروس المستخلصة في هذه المعركة المستمرة , هو الإختبار الأول لدَور ” الدرونز ” او الطائرات المسيّرة المسلحة في هكذا معركةٍ كبرى , ولعلها في منتصفها إن لم نقل في بداياتها المتقدمة .!