23 ديسمبر، 2024 9:50 ص

روسيا و تركيا .. حسابات معقدة بعد اسقاط الطائرة‎

روسيا و تركيا .. حسابات معقدة بعد اسقاط الطائرة‎

قد يتوقف التطور في قضايا مهمة وملفات ساخنة مفتوحة مثل مكافحة الإرهاب والأزمة في سوريا وغيرها على ردة فعل موسكو وأنقرة والتطورات في الوضع بعد حادث إسقاط الطائرة الحربية الروسية على يد القوات التركية قرب الحدود السورية.”.
الحادث قد يفتح للعالم بأسره أو حتى إشعال فتيل الحرب العالمية الثالثة، الحادث لن يؤثر على مواصلة مكافحة الإرهاب في المنطقة وجهود حل الأزمة السورية والحد من تأثيرات أزمة اللاجئين حيث أنها قضايا دولية تتجاوز روسيا وتركيا وقد يدفع الحادث الى تعزيز التنسيق والتعاون في هذا الصدد، متوقعين في الوقت ذاته أن تقتصر رد فعل موسكو على المجالين السياسي والاقتصادي دون العسكري بشكل مباشر.
.
وتتخوف حكومة رجب طيب أردوغان من أن تقوي الهجمات الروسية المكثفة على داعش من شوكة القوات الكردية في سوريا ما قد يشكل تحديا أكبر للحكومة التركية في المستقبل.
.
وأن موسكو قد تبحث عن فرصة للانتقام في المجالات السياسية أو الاقتصادية، بدلا من اتخاذ رد عسكري مباشر. روسيا قد تتخذ إجراءات دبلوماسية قوية قد تؤثر على العلاقات الثنائية بين موسكو وأنقرة على المدى القصير، لكن لن تحدث اشتباكات قوية وواسعة على المدى الطويل–
بعد وقوع الحادث، ردت الدول الكبرى بسرعة ، معبرة تقريبا عن أملها في منع تصاعد التوتر والحفاظ على الهدوء والتركيز على دفع التعاون والتنسيق في عملية مكافحة الإرهاب.
أما الدول الأوروبية، فإنها تواجه وضعا أكثر دقة وحساسية لسببين، لأن حلف شمال الأطلسي، من الضروري أن يأخذ الإجراءات اللازمة لحماية تركيا، التي انضمت إليه كعضو عام 1952، في حال لو شنت روسيا هجوما عليها. الثاني إن تركيا، التي تعد بابا أماميا لأوروبا على مشارف منطقة الشرق الأوسط ، إذا لم تسيطر على حدودها جيدا وتشدد إجراءاته االأمنية ستسمح لعدد أكبر من اللاجئين بالوصول إلى القارة الأوروبية التي تعاني من أزمة لاجئين خطيرة في الوقت الحالي.
وحتى الآن، يتخذ الناتو موقف متوازنا حيث حث على الهدوء وعدم التصعيد بعد اجتماع جهاز صنع القرار السياسي للحلف.
رغم الآمال في تشكيل “تحالف كبير” في أعقاب تفجيرات أنقرة وسيناء وباريس التي أعلن تنظيم الدولة الاسلامية مسؤوليته عنها فقد أصبح هناك حاجة ماسة الان لتفادي التصعيد لانقاذ القليل الذي تبقى من السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
فاتهامات موسكو لأنقرة “بالطعن في الظهر” ودعم الدولة الاسلامية وما تلاها من تحذيرات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من “عواقب وخيمة” تسلط الضوء على مدى المخاطر في سوريا لكل الأطراف المعنية. وتحطمت الآن آمال احتواء انتشار آثار ما حدث في سوريا.
كذلك فإن دعم تركيا لأشقائها من حيث الأصول العرقية التركمان في منطقة شمال سوريا حيث يرجح أن يكون الطياران الروسيان قد قفزا بمظلتيهما لن يفعل شيئا سوى تعقيد الوضع على الأرض. وما من أمل في تحقيق النصر على الأرض في ضوء الخلافات بين الأكراد والاسلاميين وجماعات المعارضة التي تقاتل الرئيس السوري وقواته المدعومة من روسيا وايران. ولتجنب المزيد من المواجهة في الجو ولمنع روسيا من القيام بعمل انتقامي يجب على حلف شمال الأطلسي إعادة تأكيد دعمه لتركيا والدعوة لفرض حظر على الطيران فوق سوريا على الفور.
وليس من توقيت أفضل من هذا لدور أمريكا الفريد كوسيط بين حلفائها عبر الأطلسي في أنقرة وخصومها في موسكو. فقد كان كثيرون في واشنطن يأملون أن يتم تطوير نهج مشترك لإلحاق الهزيمة بالدولة الاسلامية في أعقاب الهجمات الأخيرة على باريس وما تحقق من تقدم في قمة مجموعة العشرين في تركيا في الأسبوع الماضي. وحتى بعد التفجيرات التي حصلت في العاصمة أنقرة فإن الاتراك يتوجسون من تدخل في المنطقة من الخارج لا يؤدي إلى عزل الأسد ويخشون ألا يتبقى لهم في المنطقة سوى جمع الفتات.
ولابد الان أن يكون جمع روسيا وتركيا على مائدة واحدة جزءا من تسوية سياسية اقليمية أوسع تركز على مصير الأسد. وسيكون من الصعب – وإن لم يكن مستحيلا – وضع استراتيجية حل يكون الأسد طرفا فيها في الأجل القصير وفي الوقت نفسه السماح بالانتقال من نظامه إلى غيره في المدى الطويل. وأي حل من هذا النوع يجب أن يسمح لموسكو وطهران بانقاذ ماء الوجه وتقارب الائتلافات المختلفة. وفي ضوء دعوة تركيا إلى “حلول اقليمية للمشاكل الاقليمية” يجب أن تحصل أنقرة على دعم حلفائها عبر الاطلسي لكي تصبح قائدا اقليميا غير طائفي. ويجب أن يشمل ذلك فرض ضغوط على القوى العربية والسنية لتوفير مساعدات تنمية أساسية لموازنة النفوذ الروسي والايراني في دمشق. وبالتزامن لابد من طمأنة موسكو أنه سيتم الحفاظ على موطيء قدمها في اللاذقية على البحر المتوسط فيما سيؤول إليه الحال في سوريا بعد الأسد.   يتبع