9 أبريل، 2024 1:05 ص
Search
Close this search box.

روسيا بين خليج الخنازير وخليج البعران

Facebook
Twitter
LinkedIn

في اعقاب الفشل الذي رافق محاولة اسقاط نظام الحكم في كوبا في عملية خليج الخنازير ، قام الاتحاد السوفيتي بنشر صواريخ نووية على الاراضي الكوبية باستطاعتها ضرب مختلف الاهداف في معظم الاراضي الامريكية . نشأت ازمة كبيرة جدا ، حينها، بين القطبين الاكبر في هذا العالم ، وكادت ان تتحول لحرب نووية كارثية لولا التوصل لاتفاق في اللحظات الاخيرة قبل الضغط على ازرار الفناء . كان من نتائج هذا الاتفاق سحب الاتحاد السوفيتي لصواريخه من كوبا وسحب الصواريخ الامريكية من تركيا وايطاليا والتعهد الامريكي  بعدم التعرض لنظام الحكم في كوبا . هذه كانت ابرز واهم واكبر حادثة حدثت اثناء الحرب الباردة بين القوتين منذ الحرب العالمية الثانية ، تشاكس الفريقان في احداث اخرى وفي اماكن عدة وتحاربا بصورة غير مباشرة في عدة بلدان في اسيا وافريقيا ودول البلقان ، لكن ازمة الصواريخ الكوبية كانت الابرز لان الحرب كانت مباشرة وساعة الصفر فيها كانت وشيكة جدا .
ظني ان امريكا حسمت امرها بتدمير وتفكيك الاتحاد السوفيتي منذ تلك الحادثة ، امريكا القادرة على تغيير اي نظام على وجه الارض باتت عاجزة عن اسقاط فيدل كاسترو بسبب دعم السوفييت له ، وامريكا التي تحاول ان تنافس الله في قدراته ، وبالذات قدرته في ان يقول للشيء كن فيكون لايمكن ان تقبل ان يعيق احد ماتريده ، وتعلمت من الله الحكمة بان خلق الدنيا في ستة ايام ، صبرت هي وكان لها اسقاط وتفكيك القطب المنافس ، بعد ان وصل لقيادة الاتحاد السوفيتي رجل وشمته الطبيعة بوشمها قبل ان يوشمه اليسار بالعار والشنار ويكون لعبة بيد الامريكان ليفوزوا هم بحكم العالم ويفوز رجال المال والاعمال ، ممن لايتوافقون مع التجربة السابقة ، بقيادة روسيا ويحتفلون بالتخلص من دول اعتبروها طفيلية تعتاش عليهم ، وعاش الدب الروسي بين شتاء روسيا القارص وسباته فيه فيما امريكا تستولي على مناطق نفوذه واحدة تلو الاخرى ، وبين ربيع ينشط فيه الدب على حرارة الهمبركر وطعم البيبسي واناقة بنطلونات الجينز وثروات البترول الجديدة  .
حتى قبل تفكك الاتحاد السوفيتي وبعد ان جاءنا غورباتشوف ببيرسترويكاه الغامضة الا من التخلي عن الدور السابق والاكتفاء بدور التابع الذليل لامريكا فان هذا الرجل لعب دورا في رسم سياسة جديدة يبدوا انها صارت سمة بارزة لروسيا فيما بعد ، لقد لعب دورا قذرا في اغراق ارعن بغداد في وحل المستنقع اكثر فاكثر ، وبناءا على توجيهات امريكية نقلوا له ان الامريكيين لايمكن ان يقوموا باي عمل عسكري ضد العراق وان هذه مجرد مناورات سياسية لغرض حلب البعران ، ابدوا له الكثير من الدعم السياسي رغم انهم دعوه للانسحاب ولكن بلغة هي الاقرب الى تشجيعه على التمسك بقراره ، فقد كانت رغبة الامريكان ان لاينسحب ، وربما قد قبض غرباتشوف مالا سعوديا نظير هذا الدور ، لقد غدر الغادرون كانت اول جملة قالها صدام في خطابه بعد بدء العمليات العسكرية على العراق في عام ١٩٩١ ، نعم لقدر غدر به الامريكان والروس .
تكرر هذا الدور مع صدام في مواقف اخرى وفي كل مرة كانت الخدعة تنطلي عليه ، حتى جاءت عاصفة الصحراء ، قال له الروس لاتخف هذه العملية ستكون محدودة جدا ولن تتعرض لنظامك ، صدقهم مرة اخرى وخرج من الحفرة رافضا اطلاق رصاصة من مسدسه تريحة من ذل العار والهزيمة ،لانه مازال مصدقا ويحسب انه عائد لسدة الحكم .
وجاءت الازمة السورية ووقف الروس مع النظام ولم اكن ولا احد غيري يمكن ان يحمل حمقا بقدر حمق صدام لذلك بقيت متوجسا وقلت هو دور قذر جديد يلعبه الروس في توريط احمق اخر ، وطالت الازمة وفي كل مرة يزداد الموقف الروسي تشددا وتمسكا بالاسد ، بدأ الشك يزول تدريجا مع استمرار تمسك الروس بموقفهم ، واستفاقت في النفس احلاما كنت اظنها ماتت و بدأنا نظن ان الدب الروسي بدأ يستفيق من سباته وانه انتبه للدور الذي لابد عليه ان يلعبه ، تصورنا انه ادرك وانزعج وثار لتجاهله في البوسنه وكوسوفو وجورجيا وليبيا وحدا بنا امل بعد استمرار وقوفه مع سوريا بالضد من الرغبة الامريكية ، وكنا نفرح بتحريك القطع البحرية الروسية ونقول ها قد نمت للدب مخالب جديدة يمكنها ان تحمينا من فكي هذا الضبع القذر الذي يتحكم بعالمنا ، لكن الاشارات الاخيرة الصادرة من موسكو تثبت ان من يظن في روسيا خيرا لايقل حماقة عن اخينا وانهم بارعون في التلون واستغلال المواقف وقبض الاثمان ، تغير كل شيء بعد زيارة بندر بن سلطان ، اختلفت التصريحات تماما معلنة انتهاء اللعبة وتقديم الاضحية ، الاضحية التي كلفت السعودية اموالا طائلة لايجب ان تذبح الا بعد طقوس تتماشى مع عقيدة الصحراء العاب نارية تعبر عن البهجة والفرح بصواريخ كروز وتوماهوك تنطلق من الاردن والسعودية والبحر المتوسط وموسيقى صاخبة تعزفها الطائرات الاميركية القادمة من دوحة المعز لدين الله تميم ، وحين تنتهي الحفلة في السماء ، تبدأ الاحتفالات الكبرى على الارض ،  تتحرك الوحوش الكاسرة في جيش برابرة الصحراء لتحرق الارض والحرث والنسل وفق سيناريو العمة رايس ولن يكفوا حتى نشهد ان لا اله الا امريكا وان سعود عبده ورسوله .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب