19 ديسمبر، 2024 12:14 ص

روزا باركس تصنع موقف في زحام الطغاة.

روزا باركس تصنع موقف في زحام الطغاة.

أولاً يتجاهلونك، ثم يسخرون منك، ثم يقاتلونك، وبعد ذلك تفوز.
المهاتما غاندي
أنها ليست امرأة سنية أو شيعية أو مسيحية او صابئية اويزيدية أو شبكية …أو بوذية …أو سيخية,أنها روزا باركس دخلت التاريخ من باب الإصرار والإرادة في أثبات الوجود,أمريكية الهوية سوداء اللون بيضاء القلب من أصول افريقية لا تعرف الخنوع والخضوع,رفضت الامتثال لأوامر وضعوها أشخاص بأن تترك مكانها في الحافلة ,لرجل ابيض بحجة أن السود لا يحق لهم الجلوس في مقاعد أي حافلة ,دافعت عن كرامتها وإنسانيتها من الضياع في زحام الخوف من الحديث في التعبير عن الظلم والطبقية واتخاذ الموقف الذي خلدته أجيال أمتها وأبناء جلدتها ,عاصية بذلك أوامر سائق الباص,أطلق ذلك حركة مقاطعة الباصات في مونتغمري،والتي شكلت بداية عملية إلغاء التمييز العنصري الذي كان سائداً في ذلك الوقت، لتكون إحدى أهم الأحداث في تاريخ الأمريكان الأفارقة.

أشار السائق لإثنين أو ثلاثة من الركاب البيض الواقفين، ليجلسوا في وسط الحافلة والتي كانت قد مُلئت بالركاب السود, طلب السائق من أربعة من الركاب الجالسين بالجزء الأوسط بأن يتنازلوا عن مقاعدهم للركاب البيض, بعد عدة سنوات، تتذكر باركس أحداث ذلك اليوم قائلة:” حينما أشار لنا السائق الأبيض في ذلك اليوم وأمرنا بأن نترك مقاعدنا أحسست بمرارة تغطي جسدي كله كالحاف في ليلة ممطرة”.

قال لهم السائق بليك :”أنتم جميعًا عليكم ترك مقاعدكم” وكانوا أربعة امتثل ثلاثة منهم وقاموا ليجلس البيض بينما رفضت روزا باركس القيام وترك مقعدها ، نهرها بليك :”لماذا لم تقفي وتتركي مقعدك؟ ” فأجابته: ” لا أعتقد انه يجب عليا القيام” فاستدعى بليك الشرطة لتقبض على عليها, تقول باركس في لقاء لها مستعيدة هذه الحادثة عام 1987 “قال لي السائق إن لم تتركي مكانك سأستدعي لكي الشرطة لتقبض عليك، فرددت عليه: يمكنك أن تفعل ذلك ! “.

وقالت باركس خلال مقابلة إذاعية مع سدني روجرز بغرب أوكلاند 1956 :”بعد عدة أشهر من إعتقالي أردت أن أعرف لمرة واحدة وإلى الأبد ما كان لي من حقوق إنسان وحق المواطنة .

ترى كم نحتاج مثل باركس ونحن نعيش ظاهرة التنازل عن مواقفنا ومبادئنا ؟الثوابت تريد صبراً وعطاءاً ,ما قيمة الموقف وهو يباع ويشترى به بثمن بخس ؟باركس حسمت قضيتها من أول جولة وان كانت النتائج سجنها وتعذيبها ,لا يمكن للجلاد أن يستمر في جلد ضحيته لأجل غير مسمى,هو يجلد جسد ويرهقه من الألم والتعذيب ,لكنه لا يستطيع ان يجرد فكراً من الحرية والتحرر والعبودية المترسخة فيه ومؤمن بها,لا يستطيع سلخه عن مبادئه التي أتخذها طريقاً له ,ومنهجاً في حياته ,هنالك من يلهثون وراء الغنائم المكاسب ويطالبون بالأفضل وبشعارات كتبت بالمانشيت الكبيرة,دون أن يقدموا أي تضحيات ,ليس لديهم أي رغبة ذاتية في الإصلاح ,لأن الإصلاح سيجعلهم على المحك ويكشف زيفهم ,وزيف خطابهم الذاتي وموقفهم الكاذب .