23 ديسمبر، 2024 6:22 ص

روح عارية هل لامست العقل

روح عارية هل لامست العقل

كتاب هروب الموناليزا بوح قيثارة  – بلقيس حميد حسن
إذا كانت الأنامل الرقيقة تمتلك سحر الضرب على الوتر بدقة وعذوبة فإنها قادرة لان تكون أنغامها تتدفق بعذوبة وانتشاء تسمو بها النفس الانسانية بما يتناسب وقيم الذوق الشخصي.
والتاريخ يقترن بالتدوين لانه الشاهد الابقى وتخلد الاعمال الجيدة عندما يتحقق التلاحم بين المهارة  على العزف والقدرة  على التذوق.
بيد أن كتاب بلقيس هروب الموناليزا بوح قيثارة افتقد الى خاصية مهارة ضربات القلم لتحيلها الى كتلة متماسكة من الأفكار والخيال المترع بالرمز وأدوات معرفيه توفر صورا ونسقا متصاعدا من الحبكه السردية في سياقها المكاني والزماني.
رغم إني وجب علي التنويه ان الكاتبه يسجل لها جرأتها في تناول جنسا أدبيا حديث العهد في منطقتنا وفي العراق تحديدا وهو ادب الايروتيكيا ( الاباحيه المتضمنة حرية الجسد)- لكن الجرأه وحدها غير قادرٍة على انتاج منتوجا أدبيا إبداعيا.
على الرغم من أن بلقيس قد كتبت سيرٍة ذاتية ومعتمدة ايضا على شهادات نساء عرفتهن / لكن المتعارف عليه ان السيره الذاتيٍة هو أدب محكوم بأصول ومعايير محددة ، أولها ربطه بالزمان والمكان واحيانا يكون موثقا ليصبح مدونه أدب والابتعاد عن كل ما هو ممل وانشائي  في في البوح الداخلي الذي انحسر في الألم الدفين والحسرٍة والتعليقات على أقوال الآخرين فمثلا في في صفحة  ٣٣ تقول : قال شاعر يوناني مجهول ؛ كانت روحي عطشى دائماً وما زالت … لم نعرف اسم الشاعر واين الكتاب الذي ورد فيه هذا النص .
ان الادب الايروتيكي لا يعنى فقط بإظهار الغرائز البايولوجيه ( الشهوه واللذه ) التي كان الكتاب قد تناولها بإسفاف في  مرحله الإحساس لجمال الجسد عن طريق التلصص وهي ضروره سيكولوجية لوعي ذاتها لكنها لم تستطع في شخصيه سومر وهي إمراه تعيش في الخارج تجد نفسها في علاقه مع رجل متزوج وتظل في دائرته وهمها الوحيد استخدام سلاح فتنه الجسد ليبقى معها بأي ثمن. هنا المعالجه مبتوره لانها لم تربط التحرر الجسدي بالعقلي او على اقل تقدير اضمحل الفعل الانساني القائم على ان طرفي المعادله هما الحب والجنس .
ان موناليزا الثالثه وهي شخصية المرأه السياسية  ايضا ظلت مؤطره لم تخرج عن اللوحه الجميله التي رسمها دافنشي في القرون الوسطى فجاءت في سياق القصه تجربة العشرات من النساء  العراقيات السياسيات دون ربطها في السياق العام لمناخ القصه بل ركزت على الهروب من العراق الى سوريا فما علاقتها بموضوع حريه الجسد اذا لم توظف الوعي السياسي في أطروحة التحرر العام  بل انفردت لوحدها ولم تتضح دلالاتها.
الإباحية فاكهة محرمة اقترنت بالعالم السري المقموع لكنها يمكن ان ترتقي الى أدب جميل اذا إقترنت بالمعرفة – الإدراك العقلي  لتستجلي المستور وتفضح انتهاكات العقليه الذكوريه.  
عندما أنهيت قراءه الكتاب لم يترك أثرا في الذاكرة .
——–
الهامش
كتاب هروب الموناليزا بوح قيثارة – بلقيس حميد حسن
دار ميزوبوتاميا – بغداد