شعر: جيم أولويل*
ترجمة: سامي الكيلاني
في كل مكان في نابلس، أراني صديقي كيف تجري الأمور
وفي كل مرة كنا نعبر الشارع، تمتد يدٌ وتصافح، وهناك من يحيينا “السلام عليكم”.
يمكنكم أن تقتلوا أخاه بالرصاص،
وأن تبقوا على صديقي خمس سنوات في السجن،
وأن توقفوا سيارته في ذلك الطريق المغبّر، وتتركوه على حافة الموت.
ولكن لن تجعلوا الكره يستولي عليه،
إلاّ كراهية الجهل والعنف.
مشينا معاً إلى البلدة القديمة، قديمة قدم مدينة القدس.
أشعر بالخوف، وأرى الفزع، دبابات تطارد الأطفال.
علينا أن نعبر هذا الشارع، لا نستطيع أن نصرخ
توقفوا!
وهل هناك من سيستمع إلينا.
شارع رئيسي يجبرنا أن ننضم إلى الأطفال
نركض باتجاه شارع جانبي ضيق جداً على الدبابات، تستدير، ولا تطلق النار، في ذلك اليوم.
فيها أطفال مجندون، جنود يدفعون الثمن، ليسوا جميعاً سعداء بأن يكونوا هناك.
إلاّ أنهم كانوا هناك، ركض المتظاهرون خلف الدبابات التي تراجعت
أقوياء بحجارتهم ونداءاتهم الساخرة، وصرخاتهم التي تنطلق من أحلامهم المكسّرة،
نهرب إلى البلدة القديمة حيث يزرع الناس الأزهار من أجل الأمل، من أجل الجمال.
تستمر اللعبة دون أن نكون هناك.
مع هذا العالم بجهله الكبير،
من الصعب أن تتخيل مستقبلاً بأطفال مع حجارة، أطفال مع دبابات،
سيجلسون بعد سنوات في مقهى يتحدثون العربية والعبرية، يتذكرون
لعبة القط والفار في ذلك اليوم، الشغف، والشجاعة، ومسؤوليات عمرهم كشباب.
من الصعب أن تتصور، أي دولة، أي مستقبل، دون شجاعة، دون سلام.
لا أقول كلمة “بطل” عن صديقي، المجهول خارج نابلس، وبلدتها القديمة، وحركة السلام،
ولكن مثل مانديلا،
الذي دخل السجن من أجل مجتمع غير عنصري،
وخرج بعد عشرين عاماً يؤمن بالأمر ذاته.
هذه طريق صديقي،
بعد كل المعاناة يؤمن بالسلام، بدولتين، بحقوق الإنسان، وبكل الحريات.
عن وعي يدفع الثمن الذي عليه أن يدفعه.
نتذكر
كيف كنا مرة على الدرب الصحيح،
حتى مع إذكاء الكراهية، صار صديقي أقوى.
*جيم أولويل (Jim Oiwell) شاعر كندي من أصل إيرلندي مقيم في مدينة مونتريال، كيبك. ينظم منذ سنوات فعالية شعرية شهرية بعنوان “ارفعوا الصوت” للتبادل الشعري التفاعلي. هذه القصيدة صدى لإحدى زياراته لمدينة نابلس في العام 2002.