تنتظر الرئيس الايراني الجديد حسن روحاني، وقفة تاريخية خطيرة على مفترق طرق، في ليلة مغبرة العصف.. مدلهمة، لا قمر في سمائها ولا نجوم.
فبمن يهتدِ؟ لاتخاذ القرار الحاسم.. حرب على الاستكبار العالمي، ممثلا بالشيطان الاكبر.. امريكا، كما يحلو لصانع الثورة الايرانية الامام روح الله الخميني، تسميتها؟
أم سيحبط اندفاعة الاسد الفارسي الذي ورث سيفه مرتسما على العلم، منذ اول وحتى آخر شاهنشاه.. محمد رضا بهلوي، الذي اسقطت الثورة الاسلامية، عرش امبراطوريته عام 1979؟
غير هذين الخيارين مذاهب عدة، يتوجب على روحاني اتخاذ موقف بشأنها، لا تنحصر بتخصيب اليورانيوم والاستمرار بتصنيع الاسلحة النووية واستفزاز الوكالة الدولية للطاقة، انما سوى الروم خلف ظهر حسن روحاني روم!
العقبة الانتخابية تخطاها روحاني بجدارة، من خلال فارق كبير عن اقرب منافسيه، خاصة بعد انسحاب محمد رضا عارف لصالحه، من خلال بيان رسمي اصدره المجلس الاستشاري للاصلاحيين والمعتدلين الذي شكله محمد خاتمي اعلن ان “حسن روحاني بات مرشح المعسكر الاصلاحي”.
وبهذا اجتمعت ارادتان لدعمه؛ اذ حظي حسن روحاني بدعم الرئيسين السابقين اكبر هاشمي رفسنجاني المعتدل ومحمد خاتمي الاصلاحي.
وروحاني رجل دين يبالغ من العمر اربعة وستين عاما، قال يوم الاثنين الماضي خلال تجمع في كردستان “ساتبع نفس الطريق الذي سلكه خاتمي ورفسنجاني” بهذا التصريح اكد انه رجل اللعب في الدقائق الاخيرة التي تسبق الانتخابات، وهذا هو المنهج العالمي الجديد.
ما نستدل منه، بان ايران من خلال تنصيب روحاني رئيسا، بهذه الطريقة الحرة في تداعي الارادات وتوجيه الموقف الشعبي العام، باسلوب العصا والجزرة، تثبت انها بلد حضاري، قادر على تخطي عقبات الاندفاع المراهق في السياسة، والتعاطي مع الاسرة الدوليسة، بحيوية الشباب وحكمة الشيوخ.
فقد قال بصراحة: “لا اوافق على السياسة الخارجية الحالية للبلاد. سنسعى الى توافق جيد (مع الدول الاجنبية) لتخفيف العقوبات تدريجيا ورفعها بالكامل”.
وهذا هو عين الصواب الذي سيطمئن دول القرار العالمي؛ كي تعيد ايران الى الاسرة الدولية، قبل ان تنخرها العقوبات التي نخرت نظام الطاغية المقبور صدام حسين، متهاويا مع دخول اول دبابة امريكية الى قطر في العام 2003.
والامثال تضرب ولا تقاس!
يدعو روحاني الى سياسة مرنة اكثر في المفاوضات مع الدول الكبرى في مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين الى جانب المانيا) لتسوية الملف النووي الايراني.
وفي ظل رئاسة خاتمي كان روحاني امين سر المجلس الاعلى للامن القومي. وبصفته هذه كان مسؤولا عن المفاوضات النووية بين ايران والدول الاوروبية الثلاث (فرنسا وبريطانيا والمانيا) لحل الازمة النووية الايرانية بين 2003 و 2005.
وكانت ايران وافقت على تعليق برنامج تخصيب اليورانيوم وتطبيق البروتوكول الاضافي لمعاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية الذي يتيح عمليات تفتيش مباغتة للمنشآت النووية الايرانية.
كل هذه.. بمجموعها، تعني ان ارادات متعددة اجتمعت في شخص حسن روحاني؛ جعلت الشعب ينتخبه مطمئنا ودول العالم تبارك هذا الانتخاب ثقة منها بأن الطمئنينة المتبادلة.. كل يؤمن الآخر، ايران والعالم، حال حالة لا محالة! بعد نجاح الشعب الايراني بتوحيد ارادته الديمقراطية في شخص روحاني حسما لقلق مفتعل أخذ ايران الى منطقة العقوبات المدمرة.
اكد فوز حسن روحاني برئاسة الجمهورية الايرانية الاسلامية، ان الانتخابات نزيهة ولا صحة للتوقعات التي شككت بها مسبقا.
فقد اراد الله بالمنطقة اصلاحا على يد الاصلاحي روحاني اظنه.. وهذا ما اتمناه.. سيصلح (خرابات) كثيرة في ايران والدول لصيقة القرار بها.