20 مايو، 2024 10:59 م
Search
Close this search box.

(روبك) الكارتل النفطي الجديد قادم بقوة

Facebook
Twitter
LinkedIn

بدأت روسيا منذ فترة بالدخول الى الساحة السياسية والاقتصادية بقوة محاولة إعادة أمجادها كقوة كبرى في العالم ومحاولة إعادة توازن القوى في العالم بعد أن تفرّدت أمريكا لمدة طويلة في بسط نفوذها كأكبر قوة في العالم, وبعد أن تدخلت روسيا في الملف السوري بقوة من خلال تحالفها مع الصين وإيران وبعض الدول الأخرى وغيّرت الكثير في هذا الملف,سيكون تدخل الدب الروسي هذه المرة في ملف النفط العالمي باعتباره العامل الرئيس في التحكم باقتصادات العالم فبعد التدهور الخطير الذي حصل في أسعار النفط العالمية في الفترة الأخيرة ووصوله الى معدلات أقلقت جميع الدول النفطية في العالم وأنهكت إقتصاداتها ورفعت نسب العجز في ميزانياتها دون أن تستطيع منظمة أوبك من توحيد مواقفها وقراراتها لاتخاذ إجراءات لخفض سقف إنتاجها لإرجاع العافية الى أسعار النفط المتدهورة فاستغلت روسيا جميع هذه الظروف واستغلت الخلاف الذي حدث بين السعودية وأمريكا بسبب موقف أمريكا من الملف النووي الإيراني والذي انتهت المباحثات الطويلة حوله والتي دامت لسنوات طويلة بحل مشاكل هذا الملف والوصول الى اتفاق الأطراف المتنازعة بشأنه وكانت من نتائجه رفع العقوبات الدولية عن ايران ورفع الحجز عن أموالها المجمدة ما أثار إستياء السعودية من هذه النتائج وعكّر العلاقات بينها وبين حليفها الاستراتيجي أمريكا إضافة للتصريحات المفاجئة للرئيس الامريكي أوباما التي أطلقها ضد السعودية وأطلق عليها إتهامات عديدة, ما دفع روسيا لاستغلال هذه الظروف والدخول على هذا الخط وضربت على الوتر الحساس وبدأت الاتصالات والمباحثات بينها وبين السعودية التي بدأت تفكر في ايجاد بديل قوي لها لحماية مصالحها في الخليج والعالم ولم تجد أفضل من روسيا على الرغم من تباين المواقف بين موسكو والرياض بشأن الأزمة السورية، لكن يبدو أن هبوط أسعار النفط قد فتح الأبواب لتحالف جديد بين روسيا والسعودية.
وكان اللقاء بين روسيا وقطر والمملكة العربية السعودية وفنزويلا في الـ 16 من شباط الماضي هو الخطوة الحقيقية الأولى حيث أرادت روسيا أن تأخذ زمام المبادرة في تشكيل تحالف جديد للمنتجين النفطيين لمواجهة هبوط أسعار الخام في الأسواق وتم طرح هذا المشروع الجديد في هذا الإجتماع بأن يضم هذا التحالف كل من روسيا ودول الأوبك ويطلق عليه إسم (روبك) , ولاقى المقترح الاستحسان من قبل المجتمعين وتم الاتفاق على عقد اجتماع آخر في روسيا للفترة ما بين 20 آذار الجاري والأول من نيسان المقبل وسيضم مجموعة أكبر من منتجي النفط العالمين، وستحاول روسيا جاهدة في هذا الإجتماع في بناء توافق في الآراء مهما كانت صغيرة، لأنه سيتم تعزيز موقعها الريادي وستحاول جهدها أن تضم دول كثيرة الى تحالفها المقترح وخاصة العراق وايران ودول الخليج الأخرى.
ويرى الكثير من المراقبين أن ظهور هذا الكارتل الجديد قد يؤدي إلى تغيير موازين القوى على الخارطة الجيوسياسية في العالم وخاصة بحسابات أولية ان هذا التحالف سيسيطر على نسبة 73% من انتاج النفط في العالم بينما منظمة أوبك تسيطر عل ثلث انتاج النفط العالمي, ولاقى هذا الاتفاق ترحيباً من بعض منتجي النفط الأخرى كالكويت وسلطنة عمان والإمارات، بينما دعمته إيران، دون إبداء استعدادها للانضمام إليه.
ويرى خبراء في أسواق النفط أن إيران، التي تسعى لزيادة صادراتها النفطية بعد رفع العقوبات عنها تقف عائقاً أمام أي اتفاق بين المنتجين لخفض سقف الانتاج لأنها تريد التعويض عن فترة العقوبات عليها وتروم الوصول بانتاجها الى أعلى المستويات,وقد علقت روسيا على الموقف الايراني على لسان وزير الطاقة الروسي بأن لإيران وضعاً خاصاً، لأنها عند أدنى مستوياتها الإنتاجية, لذا ينبغي التعامل معها على انفراد وبقرار منفصل.
بالإضافة إلى ذلك فإن روسيا تروج لفكرة التخلي عن الدولار في التعاملات النفطية حيث تقوم موسكو بالاتفاق مع مختلف الدول لسداد عقود النفط بالعملات المحلية، وفي حال نجاح تشكيل هذا التحالف الجديد فإن احتمال الابتعاد عن العملة الأمريكية في النفط سيزيد.
جميع البوادر التي تظهر في الأفق ترجح احتمالات نجاح هذا الكارتل ويرى بعض المراقبون بأن قرار انسحاب روسيا المفاجيء من سوريا له علاقة بهذا الموضوع وان المفاوضات الخفية بين القيصر الروسي والملك السعودي قد ساهمت في اتخاذ هذا القرار.
ننتظر الأسابيع القادمة لنرى ماستتمخض عنه من أحداث, فهل سينجح الدب الروسي في تزعّم الدول المنتجة للنفط والتحكم بالقرارات الرئيسية الخاصة بالنفط ويعيد العافية لأسعاره المتدهورة, وهل سينجح بوتين في إعادة أمجاد روسيا وإعادة توازن القوى في العالم.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب