23 ديسمبر، 2024 11:13 ص

روبرت ليسي : خالد الفيصل وليا للعهد السعودي

روبرت ليسي : خالد الفيصل وليا للعهد السعودي

في احد مطاعم منطقة سلون سكوير في لندن كنت على موعد غداء مع كاتب السير الملكية البريطاني روبرت ليسي، ما كنت اسمع عنه انه شخص ودود ومتواضع وسهل التعامل وجدته حقيقة في ذلك الرجل الذي تحدثت معه وتناولنا الطعام على طاولة واحدة ، قبل اللقاء كنت مشغولا بمجموعة أسئلة عن الفرق بين ليسي صاحب كتاب “المملكة” الذي صدر عام 1981 وليسي الجالس أمامي صاحب كتاب “المملكة من الداخل” الذي تُرجم إلى العربية مؤخرا ؟ ما الفرق بين الكتاب الممنوع الأول والمسموح الثاني ؟ لماذا كان ليسي من أصحاب الشمال المغضوب عليهم في الثمانينات وألان أصبح من اصحاب اليمين المقربين من البيت السعودي ؟ كنت حريصا على تدوين ما يقوله أو على الأقل أهم ما يقوله في مفكرتي الخاصة أثناء حديثنا وعندما سألني هل هذا لقاء صحفي أجبته بل هي ملاحظات استفيد منها في مقالي القادم عن هذا اللقاء
اخبرني انه يؤيد الملكيات ويرى أنها أفضل الموجود ،كان معجبا جدا بالنظام الملكي في السعودية ومستاءً جدا من الشعب السعودي الكسول الذي يعيش في مستويات معيشية مرتفعة بدون تعب أو جهد،ويعتبر ان المجتمع السعودي هو المعيق الرئيس للجهود الملكية في الاصلاح لأنه لا يتجاوب مع رغبة الملك عبدالله بن عبدالعزيز في التطوير والتنمية، ليسي يعتقد أو انه يريدنا ان نصدق انه يعتقد ان العائلة الحاكمة في السعودية تسعى للإصلاح رغم الموانع والصعوبات الموجودة اصلا في تكوين الشعب السعودي المنغلق!!!.
امتدح ليسي شيعة السعودية وقال انهم تعاملوا معه بشفافية وصدق اكثر من السنة خاصة فيما يتعلق بأسماء واعداد المعتقلين السياسيين ، كان الشيعة السعوديون يزودونه بمعلومات دقيقة وتفصيلية عن معتقليهم في السجون السعودية، في المقابل كانت عائلات المعتقلين السنة والمهتمين بقضاياهم بين متخوف حذر وبين مبالغ مندفع يصعب الوثوق بما يقول ، ويبدوأن المواطنين السنة الذين صادفهم والتقى بهم تعاملوا معه بتحفظ مبالغ فيه ،هذا الانطباع الذي ترسخ في ذاكرته جعله يظهر موقفا إيجابيا تجاه الشيعة وقضاياهم ولكن في حدود لا تغصب العائلة المالكة التي تبادله كما فهمت الاحترام والتقدير بكل اشكاله .
عبد الله بن عبد العزيز الملك العظيم الذي يدفع شعبه للأمام بحسب وصف روبرت ليسي قام بخطوات جيدة وجريئة في قضايا المرأة والتسامح الديني والحوار بين الحضارات بعكس إخوانه السابقين له في الحكم ، ليسي لا يرى ان الفساد في السعودية بلغ درجة كبيره وينتقد التهويل في قضايا الرشاوي ونهب المال العام ويقارنه بما يحصل في بريطانيا ويقول حتى هنا يوجد سرقة ورشاوي انتخابية فلماذا تبحثون عن الديمقراطية !!.
سالت ليسي عن موقفه من توقعات بعض الباحثين والكتاب السياسيين الغربيين الذي ذهبوا الى سقوط الانظمة الملكية في الخليج وخاصة السعودية فأجاب مباشرة : يحلم من يتخيل السعودية بدون آل سعود ، وقد فهم ليسي أنني اقصد مواطنه “كريستوفر ديفيدسون” الباحث المتخصص في شئون الخليج الذي اصدر كتابا بعنوان (ما بعد الشيوخ :السقوط القادم لملوك الخليج) وقد تجاوز ديفيدسون في كتابه المثير والمربك، مرحلة السؤال عن إمكانية سقوط الانظمة الى مرحلة  تحديد فترة السقوط ، ليسي هاجم هذا الطرح وكال الاتهامات لديفيدسون صاحب الكتاب ، وقد ظهر لي انه ملكي أكثر من أمراء الأسرة المالكة الذين نعرفهم ونتابع تصريحاتهم ونقرأ عنهم  .
عقب الانتهاء من تناول الغداء اخرج ليسي من جيبه مجموعة صور لأبنائه وأحفاده وقال انه يستعد لبناء بيت جديد غير الذي يسكنه حاليا وهو فخم كما شاهدته في الصور ولم يعلم أنني مواطن لا املك كغالبية السعوديين ربع منزل فضلا عن منزل كبير كالذي يسكنه أو كالذي ينوي بناءه ، ولا اعلم ان كانت هناك أي علاقة بين زيارته القريبة التي ينوي القيام بها للسعودية وتحديدا لمدينة جدة وبين إعجابه بشخصية الأمير خالد الفيصل وثنائه على قدراته وصفاته ،روبرت ليسي قال صراحة انه يتوقع تولية خالد الفيصل منصب ولاية العهد السعودي في المدى القريب ، وحتى هذه اللحظة مازلت أفكر في واقعية هذا الاحتمال السياسي خاصة في ظل وجود أعمامه من ابناء المؤسس الراحل الملك عبدالعزيز الذين ينتظرون دورهم في منصب ولاية العهد والملك .
ليسي متفائل بمستقبل السعودية في ظل الحكم الملكي المطلق ولا اعرف تحديدا سبب هذا التفاؤل ولا استطيع فهمه في هذه الظروف السياسية والمعيشية الحرجة التي يعيشها المواطن الذي يعتقد ليسي انه متنعم بنصيب وافر من عائدات النفط وانه يحصل على حقه في العمل والعلم والعلاج والرعاية الاجتماعية ،كان حديثه معي صريحا جدا إلى درجة أنني فهمت أن الرجل حدد مصلحته وعنوانها وكيفية تحقيقها وعرف ما الفرق بين ما يُعلم وبين ما يُقال ويُكتب .