آيةُ الكُرسي Chaise longue اضطراب الشَّخصيّة الحدّيّة، في منصب رئاسة “ جُمهوريّة العراق ”، بدءً بأوَّل رئيس المُؤمن الطّائفيّ «عارف» الأوَّل مروراً بصدّام العُصابيّ Psychopathy Neurosis، وانتهاءً بالمُتقلّب حزبيّاً وناقل خدماته المُزجاة مِن مُشارك في استمناء استفتاء انفصال شَماليّ العراق إلى رئيس جُمهوريّة العراق «برهم صالح».
رؤساءُ هذا اليوم جنسٌ ثالثٌ * فالرّأيُ فوضى والكلامُ ضبابُ.
ضبابُ رواية “تزوَّجتُ شيوعيّا” رواية “تزوَّجتُ شيوعيّا I Married a Communist” صدرت عام 1998م للكاتب الأميركيّ Philip Milton Roth (19 آذار 1933- 22 ماي 2018م)، قبل 60 عاماً اشتهر عام 1959م برواية «وداعا كولومبوس Goodbye, Columbus»، عن الحياة اليهوديّة الأميركيّة، وحازالجائزة الوطنيّة الأميركيّة للكتاب والرّواية. حصل مرّتين على جائزة الكتاب الوطني، ومرّتين على جائزة النقاد الوطنيّة للكتاب، وثلاث مرّات على جائزة PEN فولكنر، وحصل على جائزة فئة الأعمال الخيالية Pulitzer Prize for Fiction عام 1997م.
بين الفينة والاُخرى، اُراجع ذاكرتي وأتمعَّن في حياتي كأنّها خطاب طويل كُنتُ أستمعُ إليه. أحياناً يكون الخطاب أصيلاً، ماتعاً، وأحياناً قاذورات زور (خطاب مِن مجهول!)، وأحياناً موتوراً، أحياناً واقعيّاً، وأحياناً أشبه بشوكة أو غرزة مُستدقة، واستمعتُ إليه فترة طويلة بقدر ما أتذكّر: كيف أُفكّر، كيف لا أُفكِّر؛ كيف أتصرّف، كيف لا أتصرّف؛ مَنْ أحتقر ومَنْ يُثير إعجابي، ماذا أعانق ومتى أفرّ؛ ما الجَّذل، وما الجَّدير بالثناء، وما الحل، وما الأشر، وما التَّفه، وكيفَ أبقى نقيّ الرُّوح. يبدو إنَّ الحديث معي لا يُشكّل عائقاً لأيّ أحد. رُبتُما هذا نتيجة تجوالي على مدى سنين أبدو كأنني أبحث عمَّن يُحاورني. لكن كائناً ما كان السّائغ، فإنَّ حياتي كتاب أصوات. وآنَ أتساءل كيف وصلت إلى حيثُ أنا؟!، الرَّدُّ يُفاجئني: إنّه “الإصغاء”. أيمكن أنَّ ذلك كان الدّراما المُستترة؟ أكان كل ما تبقّى حفلاً تنكّريّاً يُخفي السَّوء الذي كُنتُ مُنهمكاً فيه بعناد؟ والإصغاء إليهم، الإصغاء إلى أحاديثهم. أي إلى الظّاهرة الجامحة المحض. إلى كُلّ مَنْ يفهم التجربة ليس بوصفها شيئاً يجب اكتسابه بل كشيء يجب اكتسابه مِن أجل التحدُّث عنه. لماذا؟ لماذا يُريدون مِني أنْ اُصيخ إليهم وإلى أناشيدهم؟ أين وُضِعَ قرار استخدامي هكذا؟ أم أنني كُنتُ كذلك مُنذ البَدء، بالميل كما بالاختيار، كُنتُ محض أُذُنٍ تبحث عن مُفردة؟. قال لي ليو ” إنَّ السّياسة المُعمِّم الأعظم، والأدب المُميِّز الأكبر، وليسا فقط على علاقة مُتضادّة بينهما – إنَّ الآصِرة بينهما عُدوانيّة. حيال السّياسة، الأدب شيء سَفِل رخو، لا لزوم له، ومُضجِر، وعنيد، وبليد، ولا معنى له ولا ينبغي أنْ يوجَد. لمَ؟ لأنَّ دافع التعميم الأدب. كيف يمكنك أنْ تكون فنّاناً وتُنكِر الرَّهافة؟ لكن كيف يمكنكَ أنْ تكون رجل سياسة وتسمح برهافة؟ إنّ مَهمّتكَ كفنّان إبراز الرَّهافة. مَهمّتكَ ألّا تُبسِّط الأمور. وإذا اخترتَ أنْ تكتب بأبسط الأساليب، بأسلوب Hemingway، تبقى المَهمّة إضفاء الرَّهافة، وتفسير التعقيد، التلميح إلى التعقيد. ليس محو التعقيد، وليس إنكار التعقيد، بل أنْ ترى أين، داخل التعقيد، يكمن الكائن البشري المُعذَّب. أنْ تسمح بحدوث العماء، للسَّماح له بالكينونة. ينبغي أنْ تدعه يكون. وإلّا فإنَّ مَا تُنتجه دعاوى سياسيّة، إنْ لم تكن لصالح حزب سياسيّ، لحركةٍ سياسيّة، دعاوى سياسيّة غبيّة للحياة ذاتها – للحياة كما ربما تُفضِّل أنْ تُعرَف. خلال نصف عَقد مِن الزَّمَن، أو السَّنوات السّت الأولى مِن الثورات الرُّوسيّة هتف الثوريّون، “حُبٌّ حُرٌّ، سوف يسود الحُبُّ الحُرُّ! “، لكنْ حالما استلموا السُلطة، لم يتمكّنوا مِن السَّماح به. إذ ما الحُبُّ الحُرُّ؟ إنّه العماء. لم يكونوا يرغبون في انتشار العماء. فليس مِن أجل هذا صنعوا ثورتهم الظّافِرة. إنهم يُريدون شيئاً مُنضبطًا بعناية، مُنظَّماً، قابلاً للتوقُّع بأسلوبٍ عِلميّ، إذا أمكن. إنَّ الحُبّ الحُرّ يُشوِّش التنظيم، ويُخرِّب ماكينتهم الثقافيّة، والسّياسيّة والاجتماعيّة. والفنُّ أيضاً يُشوّش التنظيم. والأدب يُشوِّش التنظيم. ليس لأنَّ مواقفه ليست مع أو ضدّ بشَكلٍ صارخ، أو حتى مع أو ضدّ برهافة. إنّه يُشوِّش التنظيم لأنّه ليس تعميميّاً. إنَّ الطَّبيعة الجَّوهريّة للتميُّز أنْ يكون مائِزاً، والطَّبيعة الجَّوهريّة للتميُّز رفض التكيُّف. إنْ تعريف الشيوعيّة: تعميم المُعاناة. والأدب: تخصيص المُعاناة. بذلك الاستقطاب تكمن العِدائيّة. وفي الحِفاظ على حيويّة التخصيص في عالَمٍ يُبسِّط، ويُعمِّم تبدأ المعركة. لستَ مُضطراً إلى الكتابة لكي تُشرِّع الشيوعيّة، ولستَ بحاجة إلى أنْ تكتب لكي تُشرِّع الرَّأسماليّة. فأنت خارج الاثنين. إذا كُنتَ كاتباً فلن تتحالف مع هذه ولا مع تلك. نعم، أنت ترى الفروق، وحتماً ترى أنَّ هذا الهُراء أفضل قليلاً مِن ذاك، أو أنَّ ذلك أفضل قليلاً مِن هذا. لعلّه أفضل بكثير. لكنّكَ ترى الهراء. أنت لستَ موظّفاً حكومياً. ولستَ متعصّباً. ولستَ مُؤمناً. أنت شخص يتعامل بأسلوبٍ شديد الاختلاف مع العالَم ومع ما يحدث في العالَم. إنَّ المُتعصّب يُنتِجُ إيماناً، إيماناً كبيراً سوف يُغيِّر العالَم، والفنان يُنتجُ سلعة لا مكان لها في العالَم. لا جدوى مِنها. إنَّ الفنان، الفنّان الجّادّ، يُنتجُ إلى العالَم شيئاً لم يكن موجوداً مِن قبل حتى مِن البَدء. وحينَ خلق اللهُ كُل تلك لأشياء في ستّة أيّام، الطّير، والأنهار، والكائن البشري، لم تتوفر لديه عشر دقائق يُخصّصها للأدب، “ثم كان الأدب. بعض الناس سوف يُحبّونه، والبعض الآخر سوف يُمسّون به، ويُريدون إنتاجه”. كلّا. كلّا. لم يقُل ذلك. ولو أنّك سألتَ اللهَ حينئذ، “هل سيكون ثمَّتَ سمكريون؟”، “بلى، سوف يكون. لأنّ سوف يكون لديهم منازل، وسوف يحتاجون إلى سمكرة”، “وهل سيكون هناك أطبّاء؟”، “نعم. لأنهم سوف يمرضون، وسوف يحتاجون إلى أطباء ليصفوا لهم بعض الأقراص”، “والأدب؟”، “الأدب؟ عمَّ تتكلَّم؟ ما فائدة هذا؟ ما موقعه؟ أرجوك، أنا أخلقُ كوناً، وليس معهداً. ليس أدباً”.