21 ديسمبر، 2024 10:55 ص

رواية١٩٨٤ والواقع العراقي

رواية١٩٨٤ والواقع العراقي

تعد رواية 1984 للكاتب البريطاني جورج أورويل إنعكاساً للواقع العراقي الحالي ، حيث إن أحداث الرواية تدور في عالم مضطرب لا تهدأ حروبه بالإضافة الى الرقابة الحكومية على الإفراد والتلاعب بهم ، وتكون مقاطعة ايرستريت تحت سلطة نظام سياسي يسمي نفسه بالإشتراكية ، وهذا النظام يدار من قبل نخبه من أعضاء الحزب الداخلي الذين يحاربون الفكر الحر ويصفونه بالجريمة ، وتكون سلطة الحزب لمصالِحهم لا لمصالح الآخرين.
عندما نلاحظ الواقع العراقي السياسي نجد أن الرواية تنطبق تماماً على ما نعيشه ، فالحكومة تدار من قبل أشخاص يعملون لأجل مصلحة أحزابهم وأسيادهم ، هنالك زعيم مثل الشخص الأكبر يملي عليهم ،حيث عملت الحكومات المتعاقبة في الفترة الماضية وما قبلها على محاربة الأفكار الحرة والقمع وآخرها كان ضحية الصوت الحر الدكتور هشام الهاشمي ، إضافه الى قمع الأصوات الحرة في ثورة ٢٥ اكتوبر وغير ذلك من الصراعات السياسية التي أدت الى الإقتتال الداخلي والتصفية والخ ..
عندما نعود الى الجانب الآخر من الرواية يعد وينيستون سميث العضو في الحزب الخارجي وموظف في وزارة الحقيقة البطل الرئيسي في الرواية ، أما وزارة الحقيقة فهي مسؤولة عن الدعاية ومراجعة التاريخ.
كانت وظيفة وينيستون عبارة عن إعادة صياغه المقالات القديمة وتغيير أحداث الحقائق التأريخية بحيث تتواقف مع إعلانات الحزب ، يتلقى الموظفون تعليمات بشأن ما يجب عليهم تصحيحه
وبعد التعديلات يقوم أعضاء من الوزارة بإتلاف المستندات الأصلية والتي لا تحتوي على التعديلات وبالتالي ضياع أي دليل على كذب الحكومة .
عندها نرى كيف لعب الإعلام والمنابر والأحزاب والتوجيهات الدينية ومواقع التواصل الإجتماعي دوراً اساسياً بعد عام ٢٠٠٣ على تجميل الصورة وتغيير العديد من الأحداث من أجل هيمنة الأحزاب السياسية الحاكمة وبما في ذلك توزيع المناصب المهمة على شخصيات من داخل الأحزاب كما في الرواية
وتعمل هذا الشخصيات بولائها الكامل للحزب الحاكم ، وبمعنى اخر كان إستغلال الدين وهو الجهة المسيطرة على المجتمع العراقي سيطرة تامة في إصدار التعليمات التي أدت الى قبولهم وهيمنتهم ، اضافة الى صناعة رموز لا يمكن للفرد العراقي أن يتكلم او يناقش في فضلهم على العراق ، تسقيط الجهات وتغيير الأزمنة والأحداث وفقاً لمقتضياتِ كسب جهة او فئة من الناس على حساب اخرى ، أدى الى صراع نعيشه خلال هذهِ الفترة .
كل هذا تطرق إليه الكاتب جورج أورويل في الرواية ، لا يختلف الأخ الأكبر والأخ الأصغر عن قادة العملية السياسية في العراق فالأثنان متشابهان في ما يقومان به من تغيير الأحداث ومحاربة الفكر وقمع من يقف ضد أفكارهم وسياستهم .
يقول عالم الإجتماع الدكتور علي شريعتي
” غياب العقل والفكر يصبح الأنسان وسيلة ”
المجتمع العراقي يحتاج الى وعي وفكر كامل لأن من يحكم ما هم إلا مجموعه من السراق والمرتزقة بإسم الدين أو أي إسم ثاني لكي يشكلوا خطوطً حمراء لا يمكن المساس بيها وهذا بدوره كفيل بمعاناة الشعب العراقي المستمرة والجميع يعرف إن السلطة الدينية لها نفوذ والهيمنة كبيرة في المجتمعات كما ذكرت أن الدين يتدخل في جميع جوانب الحياة بينما في اوروبا وبعد الثورات المتعاقبة ، أصبح الدين جانب من جوانب الحياة بمعزل عن حياة الفرد ،
“الدين للفرد والوطن للجميع ”
كإفراد من حق الشخص أن يمارس طقوسه الدينية التي لا تؤثر على الآخرين وهذا ما أوصانا به ديننا الإسلامي.
في الفترة الاخيرة كان لثورة ٢٥ اكتوبر 2019 دور واضح وكبير حيث حطمت كل الحواجز ووضعت ولو خطوة أولى لجيلِ واعِ لديه شعوربالإنتماء إتجاه الوطن فوق كل المسميات . ‏‬