القسم السابع
الجمهورية الثانية والثالثة
جمهورية الأخوين
لم يكن تخصيص المكافأة الشهرية بعنوان الراتب لرئيس الجمهورية بمقدار (800) ثمنمائة دينار إعتبارا من 8/2/1963، إلا سابقة سوء إداري أحلت سفك دماء وهدر روافد المال العام في الأشهر الحرم ، وجعلته سائبا سحتا مستساغا لكل ناهب سارق سالب مختلس ، وربما كانت تمهيدا لشرعنة أول وأعلى مقدار مالي يمنح من خزينة الدولة للمسؤول الأول عن حماية المال العام ، قبل إضافة الفقرة (د) إلى المادة السابعة من قانون خدمة الضباط رقم (89) لسنة 1958 ، بالنص على أنه ( إذا كان القائد العام للقوات المسلحة أو رئيس الجمهورية حاملا رتبة عسكرية ، فإن راتبه لا يكون حسب رتبته العسكرية ، وإنما يكون حسب راتب المنصب ، وعند إحالته على التقاعد فإن تقاعده يحسب على أساس الراتب الأخير ووفق قانون التقاعد العسكري ) ، بموجب القانون رقم (51) لسنة 1964 .
*- أما بالنسبة لأعضاء المجلس الوطني لقيادة الثورة ، فقد نص القانون رقم (25) لسنة 1963 على أن ( راتب ومخصصات عضو المجلس هما راتب ومخصصات الوزير المعينان بالقوانين المعمول بها . ويستحق عضو المجلس راتب التقاعد في حالات الإستقالة والإقالة والوفاة وبإنتهاء عمله في المجلس لأي سبب كان . ولا يقل مع المخصصات عن نصف الراتب والمخصصات التي يتقاضاهما بصفته عضوا في المجلس ، هذا إذا كانت له خدمة يستحق بموجبها التقاعد بموجب أحكام القوانين النافذة . وإذا لم تكن لعضو المجلس المدة التي تعينها القوانين لإستحقاق التقاعد ، فإنه يستحق راتبا تقاعديا مع مخصصات مقدارهما نصف الراتب والمخصصات التي يتقاضاهما بصفته عضوا في المجلس الوطني لقيادة الثورة .
*- وتبدو ردة الفعل جلية واضحة بعد نتائج يوم الثامن عشر من تشرين الثاني 1963 ، وما قامت به القوات المسلحة من وضع ثقتها بالمجلس الوطني لقيادة الثورة بتكوينه الجديد . الذي إقتضى التغيير بإلغاء القانون رقم (25) لسنة 1963 آنف البيان ، الذي لم يعد يتلاءم ووضع البلاد التي تتطلع إلى الإستقرار ، وتعمل من أجل الإزدهار في ظل دستور تثبت فيه قواعد الحكم ، وتنظم به علاقة الدولة بالفرد والمجتمع خلال فترة الإنتقال . حسبما جاء بالأسباب الموجبة لإصدار قانون المجلس الوطني لقيادة الثورة رقم (61) لسنة 1964. حيث نصت المادة الناسعة منه ، على أن ( لا يتقاضى عضو المجلس الوطني لقيادة الثورة راتبا أو مخصصات لقاء عضويته أو عمله في المجلس ، ويعتبر حكم هذه المادة نافذا من 18 تشرين الثاني 1963 ) . كما نصت المادة العاشرة منه على أن ( لا يستحق العضو المجلس الوطني لقيادة الثورة عن عضويته في المجلس ، راتبا تقاعديا لأي سبب من الأسباب ، ويعتبر حكم هذه المادة نافذا من 8 شباط 1963) .
*- وعليه تم إلغاء المجلس الوطني لقيادة الثورة ، وإعطاء صلاحياته التشريعية لمجلس الوزراء ، إستنادا لأحكام التعديل الثاني للدستور المؤقت ، بموجب القانون رقم (137) لسنة 1965 – قانون الغاء قانون المجلس الوطني لقيادة الثورة المرقم (61) لسنة 1964 ، ويلغى بوجه عام كل نص في القوانين الأخرى يتعلق بالمجلس الوطني لقيادة الثورة . تلك واحدة من معايير الموازين التي يستخدمها الحزبيون والسياسيون في الجزاء والوفاء لزملاء الدرب بالأمس القريب ، مثلما أعدم عبد الكريم قاسم زملاءه من أعضاء تنظيم الضباط الوطنيين الأحرار سنة 1959 ، العميد ناظم الطبقجلي والعقيد رفعت الحاج سري ومن معهم ، حيث تم تصويرهم قبل وأثناء الإعدام ، ودعى أنصاره لحضور جريمة الإعدام لعدم ثبوت الأدلة فيما يتعلق بإتهام العميد ناظم الطبقجلي على أقل تقدير ، حيث إطلاق الشعارات والهتافات التي تمجد برئيس الوزراء عبد الكريم قاسم ؟!. وليكون الرد قاسيا بقتل الزعيم وإخفاء أثره ، ومن ثم إصدار قانون بالرقم (95) لسنة 1965 بشأن تخصيص رواتب تقاعدية لعوائل شهداء ثورة الشواف .
*- وفي نيسان 1966 إنتهى حكم المشير عبد السلام محمد عارف بوفاته إثر حادث سقوط طائرته المروحية في البصرة ، ليتولى شقيقه اللواء عبد الرحمن محمد عارف منصب رئيس الجمهورية ، بإجماع المسؤولين حينها على إختياره أمام المرشح المنافس رئيس الوزراء عبد الرحمن البزاز ، من دون تدخل أي حزب داخلي أو دولة خارجية ، ليكون ثالث رئيس حاكم للعراق بعد إعلان الجمهورية . للفترة من 16 نيسان 1966 إلى 17 تموز 1968. حيث كانت فترة حكمه من أهدأ الفترات في تأريخ العراق . ويبقى النص على تقاضيه ذات الراتب البالغ (800) ثمنمائة دينار شهريا ، ويبقى في قوانين الميزانية العامة للسنوات المالية (1963- 1967) ، أن ( لوزير المالية أن يدفع رواتب التقاعد التي لا تتجاوز -/15 دينار شهريا لكل متقاعد لثلاثة أشهر دفعة واحدة ) ؟!.