في دهاليز القرار الغربي الولايات المتحدة وروسيا تحديداً من يتحدث عن حرب أو حروب سنية- شيعية تأكُل أخضر ويابس النفط والمجتمعات وتعيد الشرق الأوسط إلى القرون الوسطى. وجد الغرب وروسيا بديلاً للصراع بأدوات جديدة وتمويل جديد لمبيعات السلاح. ليس مهماً من هو على حق أكثر أو باطل أكثر. الكل على باطل. ثلاثية الصراع والخراب والموت هي الحق. اكتشفت عواصم القرار والسلاح أن الحروب حاجة دائمة وأن السلام عبء وخمول وقد يجلب الانهيار. الحروب وحدها تنعش الاقتصاد وتعيد إنتاج أسبابها. لم يعد هنالك شيوعية ورأسمالية. لا بد من بديل بعيد عن أرض الغرب. الشرق الأوسط يمكن أن يكون البديل وأرض التجارب. الاتفاق النووي ثم النفطي بين إيران والغرب جاء في هذا الإطار بغض النظر عن موقف إيران وما إذا كانت قد استوعبت أبعاد الصراع الجديد.
لكن ثمة من يسأل هل تغفو أم تبقى مستيقظة الفتنة بوقف إيران تخصيب اليورانيوم..؟
لأن الغرب، أميركا بشكل خاص، واجه مشروع التخصيب النووي الإيراني وصولاً إلى القنبلة بالتحجيم والرفض والتطويق والعقوبات. أخيراً وصل معها إلى حل يفرض التوقف عند نسبة من التخصيب لا ترتفع أكثر من 5% وهي دون القدرة النووية بدرجات. وسُمِيّ المشروع في الغرب بـ(خلع أنياب أفعى إيران النووية وتخصيب سُم الفتنة المذهبية). نجح الغرب بتطويق درجة التخصيب ونجحت إيران بالمحافظة على الدرجة السلمية من مشروعها النووي وهو ما لا يحق لأحد الاعتراض عليه. إلى هنا وينتهي الأمر تحت هذا العنوان.
غير أن مشروع التمدد الإيراني وتوظيف المذهب في اللعبة السياسية والذهاب بالخلاف والتناقض إلى حدود التفجير المذهبي لا يقل خطراً عن التفجير النووي. الفارق هو أن التفجير النووي قد يهدد إسرائيل افتراضاً واحتمالاً، أما التفجير المذهبي فيهدد الشرق الأوسط يقيناً وواقعاً. التفجير المذهبي كالتفجير النووي هائل ويحرق وقد لا يبقى منه سوى روائح الموت وبقايا خراب عظيم لا حياة فيه. يحتاج الشرق الأوسط لمن يطفئ فتيل الفتنة وقد قاربت الانفجار الكبير. إنها النووي الآخر أو (النووي الصامت) الذي يجب التعامل معه بأكثر جدية.. إلا إذا كان تفجير هذا النووي هو البديل المطلوب من النووي الآخر (الناطق)، لأن مخاطره لا تطال غير أرض العرب والإسلام. ولابأس من أن يأكل الخراب مزيداً من الأرض واللحم البشري.