5 نوفمبر، 2024 1:44 م
Search
Close this search box.

رهاب الآخر

رهاب الآخر

الهوس، (مانيا Mania)، موضوع في زاوية الامراض النفسية على محمل المبالغة في الادنى وبالاندفاع الهائج، يقابله تماما الرهاب (فوبيا Phobia)، اي الخوف من شيء زيادة على الحد الطبيعي او من غير مبرر.
 هذه هي المعادلة باختصار في عنوان مقالتنا السياسية غير السايكولوجية. اذ يمكن جعلها متكافئة في عرض محدد او يمكن جعلها متعاكسة في تحليل معين، اما نحن فنؤكد اننا لم نقصد هذه المتكافئة او تلك المتعاكسة، بحال، بل قصدنا تشخيص واقع على طرفي العلاقة العربية الاميركية، فاذا هوس القوة بجانب الادارة الاميركية، ولا حياء، واذا رهاب الضعف في صنف العرب  ، ولا فخر، فهل حقا ان الاميركان اقوياء الى الدرجة التي لا تمكن فيها السيطرة على مشاعر الاستكبار في حيازة السلاح واستعماله لدى ادارتهم في البيت الابيض حتى اصبح تحريك حاملات الطائرات وتحليق القاصفات والمقاتلات وطائرات الانذار المبكر بحجم وتوقيت يفوق الحاجة في حرب اوربية شاملة؟ وهل حقا ان العرب ضعفاء الى الدرجة التي لا يمكن فيها ايقاظ مكامن عنفوانهم وكبريائهم وتراثهم وايمانهم بحجم وتوقيت يكفيان لكي يقولوا للاميركان والانكليز: كفى، انكم على خطأ في تصوركم وعلى خطأ في تقديركم لنا وعلى خطأ في طريقة تقديركم لمصالحكم وسبل تحقيقها معاً؟
ربما كان في الامر لعب، لأن من غير المعقول الا يستطيع السيطرة على المعقول في عالم اليوم، فاذا تنازل الاميركان والانكليز قليلا، واذا تسامى العرب قليلا تغيرت صفحة السياسة في المنطقة والعالم معا، واذا لم يتنازل الاولان ولم يتسام العرب فان اللامعقول في السياسة لا يدوم طويلا، ولكن، ما المتغيرات المنتظرة في مثل هذه الحالة؟ يمكن استبدال كلمة (المتغيرات) بكلمة (المفاجأت) مع احتفاظها بالمعنى نفسه، هذا السؤال يفرض علينا فرضا  ، تصور انتقال القرار من جهة الانكليز واخوتهم من غير امومة ومن غير ابوة الاميركان، الى جهات اخرى قد لا تزيحهم عن المنطقة تماما ، الا انها لن تسمح لهم بالتفرد الى ما لا نهاية، اذ هذا هو المتوقع الآن والمنتظرفعلا، اما في جهة العرب فان تصور انتقال القرار من جهة الحكومات الى جهة الشعب في كل قطر عربي على نحو مختلف او متكافئ في الاتجاه والشدة واقع لا محالة، اليوم او غدا، عندما يصبح قرار ادانة اي عدوان خارجي حدا ادنى ، اذ هو اليوم موضع جدل الحد الاعلى. والفرق بين اليوم وغدا فرق تاريخ وليس اياما.
يفترض بعرب اللاتسامي ان الدمار سيلحق بهم راهناً او مستقبلاً ان هم ظلوا على هذا الحال المزري تجاه واقع العراق او طالبوا له بحقوقه التي ما زالت مغبونة بغير الطريقة الضعيفة الرهابية الحالية، ولا ادري، مع كل انواع القسم، كيف حصل هذا الانطباع او لماذا استمر حتى هذه اللحظة؟ اذا كان الاميركان انفسهم لم يصرحوا بشيء من هذا قط، وكل ما اطلقوه هو تهديدات بحجب المساعدات، مرة عسكرية ومرة مالية عن هذا القطر او ثلم الثقة بين هذا القطر او ذاك، ومرة اخرى زعزعة الصداقة بين القطر العربي (س) والولايات المتحدة او ثلم الثقة بين القطر (ص) وبينها، وقس على هذا اللعب بالالفاظ لتأسيس قاعدة رهابية في النفس العربية.
وقد نجحت اللعبة الاميركية من طرف واحد، اما نجاح العراق في فرض واقعه ومستقبله على الساحة مهما كانت ابعادها فلم يكن موضع استثمار العرب، الاستثمار الصحيح لكي يعيدوا اليه حقوقه من دون يخسروا هم شيئا ابدا، فلقد كان الرهاب العربي سببا في هذا السياق بعد ان كان نتيجة في سياق اللعبة مع الولايات المتحدة  ،اي ان الرهاب العربي من الولايات المتحدة فاق حساسية الصبية اليافعة من فأرة دخلت خزانتها!!وان هوس القوة الاميركي تضاعف، لهذا السبب من غير قوة، بل بفعل جلبة المهووس الذي ايقن رهاب الخصم فعاد يزيد من صراخه وفقراته وركلاته في الهواء الفاسد، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، ولقد بقى العراق متطلعاالى دائرة غير عربية في معالجة هذا الرهاب وذلك الهوس ولا احسب احدا يجرؤ على معاتبيه، لان الاشهر والسنوات تمضي والجوع والمرض والموت يفتك بابناء شعبه من كل الاعمار، والاقتصاد يتعرض الى هزات معقدة وواسعة تمنع عن البلد اعادة وضعه الطبيعي قبل مدة طويلة مع كل ما عرف عن العراق من (عبقرية) وتنظيم. لن تستمر للأسف من قبل حكومات ما بعد 9/ نيسان فهل يصح ان يبقى هذا العراق المدهش يتفرج على رهاب العرب وعرب الرهاب ثم يتوجس من هوس القوة الامريكي وقوة الهوس الاميركية؟
انها فرضية مستحيلة عمليا، بل من المستحيل افتراض هذه الفرضية اساسا، ولكن ما الذي يمكن ان يحدث اذاً؟ انني اقدر على رسم مخطط العمل لتواضع ذكائي وخبرتي عند هذه الحدود، الا انني استطيع تخمين معالجات مشروعة اقليمية ودولية تكتسب الطبيعة القانونية في سياسة المنطقة، الامر الذي تترتب عليه رؤية اعلام اخرى ترفرف في السماء او على الارض وفي المياه بنية متضادة مع نية الاشرار في دول الاستعمار، ولما كان المواطن العراقي قد بلغ به الامر مبلغاً ما عاد يتحمل السكوت عليها فلا تردد في اخضاع الامور الى واقع جديد يجعل الشمس محرقة فوق ظهور المستحمين في مياهنا في ظهر اي يوم من ايام تموز العراق.
[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات