23 ديسمبر، 2024 6:20 ص

من يتابع سير تبلور الأمور الناجحة في البلدان المتطورة من العالم، سيلاحظ أن أساسها ينبع من تطلع لمستقبل واعد دون انقطاع عن ماضي مجيد وتراث ناصع يفتخر به..
من اهم ما يرتبط بماضي أي أمة هو إحترامها لرموزها وقادتها، وسيرتهم ومراحل نضالهم ومواقفهم.. وتتمحور هذه إلى تطبيق على أرض الواقع.
أهم هذه الأفكار التي يمكن أن نطبقها في بلدنا، هي تلك التي تكون بتماس مباشر مع المجتمع، لأن حفظ تماسكه ومراعاة أفكار ومعتقدات الناس، أهم عوامل التطور، وما يساهم بالترابط بين المواطنين، هو الأحترام..
الأحترام يتمثل في عدة أبواب، أهمها هو تقدير الشخوص التي يتبعها حشد كبير من الناس، فيما أول خطوة في سبيل تفكيك امة ووضع العقبات حجر عثرة في تقدمها، هي بجعل الناس تبتعد عن إحترام رموز البلد، وجعلها تنجر وراء أبواق الأعلام والحركات الضالة، لتهديم مقدسات مجتمعنا، لأنهم يعلمون جيداً أن بداية تهديم أي مجتمع، تبدأ من رموزها.. مثال صارخ لذلك ما حدث في النجف، عند محاولة إحراق مرقد السيد محمد باقر الحكيم.. فلو بحثنا في تاريخ الرجل، لوجدناه بدأ حياته مجاهداً ضد النظام الدكتاتوري، وهجر من وطنه بعد عدة محاولات لأغتياله، لذلك أخذ على عاتقه تأسيس جبهة المقاومة، للتصدي للطاغية، وتخليص الامة من آفة الظلم والجور.
أفنى شبابه مجاهداً للظفر بالحرية لأبناء بلده، أملاً بتحقيق النصر، وإقامة دولة ديمقراطية في ربوع العراق أجمع.
شهد ٢٠٠٤ قدوم الحكيم إلى العراق، وكانت في أستقباله جموع غفيرة، مستبشرة فرحاً ومهللة كأنها كانت تنتظر هذا القدوم بفارغ الصبر، حتى أنهم أستقبلوه بدموع الفرح الغامر.
لم تدم فرحة محبيه كثيراً، فسرعان ما أغتالته أيادي الإرهاب، وهو خارج من أداء صلاة الجمعة في الصحن الحيدري الشريف، كانت الجماهير المشيعة، تأتي من كل المحافظات لتحمل جثمانه الطاهر، وبهذا قد كتب عمره مناضلاً، وأنهى حياته شهيداً، ليتخلد إسمه في قلوب محبيه رمزا.. والرموز تأبى الأفول.
أصبح لضريحه رمزية خاصة تتعلق بمعنى فريد للشهادة، يتماشى مع العدد الكبير من التضحيات التي قدمها واسرته.. ليستحق آن يزوره الناس في يوم أستشهاده..
مثل هؤلاء الشهداء يجب أن يتم أحترامهم، لما لهم من أهمية ودور في تخليص العراق من عبودية الدكتاتورية، ولكن قلة الوعي في مجتمعنا، جعل بعض السذج تتبع نفراً ضالاً، له مآرب سياسية، وتمتثل له الحركات المنحرفة، لمحاولة إحراق هذا الصرح العظيم، محاولين تهديم أهم رمز للشهداء، دون أن يدركوا أنهم إنما يفتحون بابا تهديم المقدسات على مصراعيه، فهل نرجوا تقدماً وازدهاراً، ونحن لا نتصدى لمن يعمل على الاستخفاف بمقدساتنا ورموزنا؟
لو أردنا أن نصعد سلم التطور، علينا أولاً أن نحترم علمائنا، ونقدس رموزنا المضحية، ونحافظ على أرثنا التاريخي من الشهداء والعلماء، عندها سنكون في مقدمة البلدان الراقية، فأحترام الشهداء والمضحين، هو بداية التقدم.