23 ديسمبر، 2024 9:31 ص

رمضان يُفَرّقُنا ..

رمضان يُفَرّقُنا ..

فيما يلي مقتطفات من رسالة تلقيتها من مواطن عربي مسلم ، وهو يرجو فيها بث ندائه الى المراجع الدينية الاسلامية الاجلاء في العالم ، وبدورنا ننشر فحوى هذه الرسالة آملين اهتمام المختصين من المراجع والمفكرين الاسلاميين بها ، حيث يقول :
اتوسم المنطق والفكر والرحمة بالمراجع الدينية الاسلامية الاجلاء في العالم ، راجيا منهم الشجاعة في اعادة النظر في تفاصيل وضمون الصيام البدائي التقليدي الارهابي الحالي والمفروض على المسلمين في شهر رمضان من كل عام .
ان المراجع الدينية الاسلامية تتحمل كامل مسوؤلية الاضرار البليغة والخطرة التي يتعرض لها المسلمون ومجتمعاتهم وكامل بشر الارض جراء استمرار فرض صيام شهر رمضان عليهم بنفس الاطر والطريقة والاسلوب البدائي الذي كان متبعا قبل حوالي خمسة عشر قرنا ، كما ان المراجع الاسلامية تتحمل ايضا كافة الاضرار البليغة التي تترتب على المجتمعات الغير اسلامية والتي يقيم فيها المسلمون الصائمون ، موضحين ما يلي :
ان نسبة شلل العمل وتلكوء الحياة عموما في جميع المجتمعات الاسلامية تزداد في شهر رمضان وذلك بقلة العمل والانتاج مع انتشار الغثيان والتعب والعبوس وما يرافق ذلك من جرائم ومشاكل ومشاحنات يومية بين افراد المجتمع عموما ، حيث تزداد نسبة عرقلة وشلل الحياة العامة وكذا تزداد نسبة المعاناة الاجتماعية في كل المجالات بازدياد عدد الصائمين ، وذلك هو نتيجة طبيعية وعلمية متوقعة ناتجة من فرض تفاصيل صيام بدائي ارهابي ذي مضامين لا تتناسب ابدا مع واقع ومتطلبات ومعطيات حياة الانسان في القرن الحادي والعشرين.
فالمسلمون في صحراء الجزيرة العربية قبل حوالي خمسة عشر قرنا كان بامكانهم الامتناع التام عن كل انواع الاكل والشرب طيلة نهارات شهر رمضان بالنوم طيلة النهار والاستيقاض بعد غروب الشمس لكي يفطروا ، ولم يكن لاغلبيتهم مسوؤليات واعمال مماثلة للمسوؤليات والاعمال التي تتطلبها حياة مجتمعات القرن الحادي والعشرين ، فهذا الزمن يوجب عمل اغلب افراد المجتمع على شكل وجبات طيلة الليل والنهار لكي تتم ادارة شوؤن المجتمع الذي يحتاج للعمل في كل ساعات اليوم ، فهناك الدوائر والمدارس والمعامل والمصانع والمزارع ومراكز البحوث ودور رعاية الكبار والمعوقين والمستشفيات والشرطة والامن والطواريء والاسعاف والجيش والمطارات ووسائل النقل وغيرها من الانشطة اللامتناهية والتي تعمل على مدار ساعات اليوم ، ونذكر بانه ورغم بساطة الحياة قبل خمسة عشر قرنا قياسا على وقتنا هذا ، فان المسلمين حينها لم يتمكنوا من الالتزام بمضامين صيام شهر رمضان ، فناهيك عن ما تنقله بعض المصادر الاسلامية عن عدم التزام محمد نفسه بذلك الصيام لاسيما في الجانب الجنسي فيه ، فان جميع المصادر الاسلامية تنقل لنا كيف ان المسلمين المحيطين بمحمد بقوا لعدة سنوات يدّعون كذبا التزامهم بالصيام لكنهم كانوا لا يصومون ، ويظهر ذلك واضحا حينما نستذكر بان الرسول محمد كان قد فرض عليهم عدم ولوج نساءهم طيلة شهر رمضان ، بينما تبين فيما بعد ان المسلمين حينها وبما فيهم صحابة محمد كانوا غير صادقين في ادعاء التزامهم بالصيام طيلة شهر رمضان سواءا في جانب الامتناع عن الاكل والشرب او في جانب ممارسة الجنس ، ولكن بعض خبايا هذا الكذب ، مثلا ، باتت على وشك الانكشاف حينما وصلت الى اسماع بعض الصحابة اخبار تفيد بان بعض النساء ونتيجة خلافات بينهن ينوون ايصال خبايا عدم التزام المسلمين ولاسيما الصحابة منهم بصيام شهر رمضان ، وهنا اضطر أحد الصحابة مجبرا لمصارحة الرسول محمد بحقيقة عدم تمكن المسلمين من الامنتاع عن مضاجعة النساء طيلة شهر رمضان ، وكانت نتيجة تلك المصارحة ان نزلت على الرسول الاية التي تفيد بأن الله يعلم بكذب المسلمين وان الله يغفر لهم كذبهم، وان الله يسمح لهم مجددا بالرفث الى نسائهم في رمضان ولكن بعد غروب الشمس !!
ويسترسل باعث الرسالة قائلا :
الا تفيد هذه الحادثة الموثقة بالقرآن لتدل المسلمين على ان عليهم التعقل والتفكير بما يتناسب مع كل زمان ومكان من اوضاع وظروف ومضامين الصيام؟ والا لكان الله اصر على ابقاء صيام المسلمين عن جماع النساء طيلة شهر رمضان كما امرهم في البداية !!
لكن الله ، وعلى عكس المتوقع ، غقر لهم كذبهم وعدم صيامهم ، وتراجع الله عن اوامره وقراراته وليسمح للمسلمين بمجامعة نسائهم في رمضان ، وذلك هو درس لمن يعقل .
لقد ذكر القرآن بان الصيام كُتِبَ ( اي فُرِضَ ) على المسلمين كما كُتِب على الذين من قبلهم لعلهم يتقون ( يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) البقرة 183 ، ولم يذكر القرآن بان الصيام فُرِضَ على المسلمين من اجل صحتهم او من اجل فقرائهم كما يحاول البعض ذكر ذلك لتعليل الاضرار الكبيرة والخطرة والجسيمة التي يعانيها البسطاء المسلمون في وقتنا الحاضر نتيجة لاستمرار تطبيق صيام شهر رمضان بالطريقة البدائية الخاصة بالفترة التي تعود الى خمسة عشر قرنا من الماضي ، وهنا اقول :
اولا :
بأن الصيام وفي جميع الاديان السابقة للاسلام لم يُفْرض ابدا ( عكس ما يدعيه القرآن تماما ) ، وانما أوجد الصيام من قبل رجال الدين ليكون طوعيا للذي يرغب بالصيام وعلى ان يكون بالشكل والكم والنوع الذي يُحَسسهم بالفعل باحتياجات الاخرين ، لان الاحساس بالاخرين هو احد الطرق التي تقوي التقوى والتقرب الى الله ( حسب معتقداتهم ) ، ولذلك فاننا نرى ان كل اصحاب الديانات الاخرى بما فيها الديانات التي لا نعتبرها سماوية يعالجون ويطورون ويغيرون وضع صيامهم حسب الظرف والوقت لكي يؤدي الصيام دوره الصحيح في عدم تعطيل الحياة العامة للمجتمع وبنفس الوقت لئلا يؤدي الصيام الى اضرار صحية بجسم الصائم وبنفس الوقت لكي يؤتي الصيام بنتائجه الايجابية العامة للجميع ، بينما نجد الان ان القادة الدينيين من المسلمين لم يتعضوا بالدليل الذي ورد في القرآن نفسه ، وظلوا يتمسكون باطار صيام بدائي لمجتمع ما قبل خمسة عشر قرنا ، متذرعين كذبا تارة بالصحة المتوخاة من صيام بدائي تام طوال ساعات الصيف الطويلة ولمدة شهر كامل ، وذلك امر تنفيه نفيا تاما كل المصادر الطبية والعلمية النزيهة لاسيما ما يخص الاعتقاد بصحة حرمان جسم الانسان من الماء اثناء العمل في شمس حارقة طيلة النهار ، كما انه لا سند طبي محترم يقر بصحة الامتناع عن الاكل نهارا وتعويض الاكل كله في الليل !!
ويتذرع قادننا الدينيين تارة اخرى بالقول بان الصيام هو لاجل ان يحس المسلم بغيره من الفقراء ، بينما نجد واقعيا من خلال حياتنا اليومية بان الاقبال على شراء الطعام والشراب يزداد في المجتمعات الاسلامية الى الضعف في شهر رمضان بدل ان يقل الى النصف ، كما نلاحظ واقعيا بان افطار الغني يبقى دائما هو افطار الاغنياء وافطار الفقير يبقى هو الآخر افطار الفقراء، ولذا فانك ترى ان الدول الاسلامية ورغم مرور حوالي الف اربعمائة وخمسين عاماعلى تطبيق الصيام فان فقراءهم يزدادون ولا ينقصون، واغنياءهم تزداد ثرواتهم ولا تنقص ، فما الذي فعله ويفعله رمضان اذن سواءا بنتائجه المباشرة على الصائمين ام بنتائجه التربوية على عموم المجتمع الاسلامي ؟
وكم الف سنة اخرى يحتاج رمضان لكي يثبت صحة بعض مُوجِباته حسب تذرع البعض بتلك المُوجِبات !!
ام ان الاجابة ستأتي كالعادة :
الفقراء والمساكين سيعوضهم الله كثيرا ولكن فيما بعد !!
وتلك الاجابة تذكرني بكل النصابين الذين يُخدّرون ويخدعون ويسرقون زبائنهم واعدين اياهم بفوائد وارباح مغرية ولكن في المستقبل !!
بعد مرور قرون طويلة من الزمن اقتنع الكثير من المسلمين بعدم صحة وعلمية عادات المجتمعات القديمة في ختان النساء بشكله العام ، ومن يدري كم الف سنة اخرى يحتاجها المسلمون ليقتنعوا بعدم صحة وعلمية العادات الاجتماعية القديمة في ختان الذكور ، متناسين قدرة الله في الخلق المتكامل للانسان عدا ما يخص حالات مرضية قد تكون في اي جزء من اجزاء جسم الانسان ، وهل سنحتاج الى الاف سنين اخرى لنتفهم ضرورة اقرار نظم ومفاهيم اخرى لصيام شهر رمضان !!
ان علوم ونظم وقوانين وسياسة الادارة والاقتصاد بتطوراتها التي لا تتوقف ، هي التي تؤسس لمجتمع يضمن الحد الانساني من الاحتياجات الضرورية لكل انسان ، وليس فرض قالب صيام ارهابي متحجر مصنوع قبل خمسة عشر قرنا على رقبة فقراء والمساكين المسلمين ، ولذلك فانك ترى ان معظم الدول اللااسلامية نجحت في ايجاد وتوفير الحدود الانسانية المعيشية المعقولة لكل فرد في مجتمعاتها عكس الدول الاسلامية التي فشلت في ذلك فشلا ذريعا حيث يغتني الغالبية من رجال الدين تاركين الفقراء والمساكين يصومون صياما بدائيا قاسيا ظالما لا يصلح لانسان يعمل ويعيش في القرن الحدي والعشرين على أمل ان يقوم الله فيما بعد بمجازاة اولئك الفقراء والمساكين .
نعم ، عموما يتنعم المسلم الغني بالراحة والتبريد والتكييف والنوم وقلة الحركة في صيامه ضامنا لنفسه الدنيا والآخرة حسب ظنه ، في مقابل موت او تعذيب الفقراء والمساكين الصائمين الذين يصاب بعضهم بعوق دائمي نتيجة خلل في اجسامهم نتيجة الانقطاع الكلي عن الاكل والشرب طيلة ساعات نهارات رمضان من كل عام ، علما ان الكثير من فقراء ومساكين المسلمين يضطرون للادعاء كذبا بكونهم صياما لاسباب عديدة منها :
لكي يحموا انفسهم من عذاب ومخاطر الصيام البدائي الذي لا يبرره عِلْم أو منطق أو رحمة مُخَلّصين أنفسهم من ملاحقة وعتاب بقية الصائمين حيث انه من المعروف في اغلب الدول الاسلامية تُغلق كافة المطاعم والمقاهي ، وان الانسان الذي لا يصوم حتى وان لم يكن مسلما فانه يعاني من صعوبات او مضايقات تناوله الطعام اثناء نهارات رمضان ، وتفرض معظم الدول الاسلامية عقوبات على اي انسان يجهر بالطعام في رمضان وتلك سابقة لا يوجد مثيلها في اي ديانة اخرى ، حيث يحاول المسلمون الصائمون فرض صيامهم على بقية الناس باشكال ومضايقات متعددة ، او انهم في الاقل يريدون ان يعرف الكل بصيامهم !!

بينما انك لا تميّز في الاديان الاخرى بين مَنْ هو صائم او غير صائم في اي موسم صيام ، فهم لا يعلنون ويطبلون لذلك باعتبار ان ذلك هو أمر خاص بهم ، كما انهم لا يتهربون او يتقاعسون في الانتاج والابداع والفرح في العمل بسبب صيامهم بل بالعكس فان اغلبهم ونتيجة التعمق في أنسانيتهم يزيدون من كفاءة وعدد ساعات عملهم ليساهموا في اسعاد ابناء مجتمعهم وخدمتهم تزامنا وتكاملا مع اصيامهم الذي غالبا ما يكون غير معروفا لدى الآخرين من غير الصائمين.
ثانيا :
ان الصيام في كل الديانات اخرى على الارض ليس فرضا او جبرا وانما هو عمل او طقس عبادة طوعي ونسبي يتغير ويتخذ اشكالا متحركة ومختلفة حسب الظروف الطبيعة والجغرافية للبلد وظروف ونوعية العمل وظروف وقابلية وعمر الانسان الذي ينوي الصيام ، فهناك مثلا :
غني يصوم عن اكل افضل واغلى الاكلات التي تستهويه لمدة يوم او يومين او حتى شهر او شهرين ويتبرع فيما بعد بكلفة تلك الاكلات الثمينة التي حرم نفسه منها الى الجمعيات او المنظمات التي تعني بالاهتمام بالناس الاقل دخلا او باللاجئين او بكبار السن او الاطفال المعاقين او المرضى وغيرهم .
وهناك امثلة كثيرة اخرى لا تعد ولا تحصى من اشكال الصيام المناسبة لعصرنا هذا وجميعها لا تشل المجتمع ولا تؤدي باضرار صحية واجتماعية على القائمين بها وعلى المحيطين بأولئك الصائمين ، وانما على العكس تماما فهي تؤدي الغرض الرئيسي المتمثل بكونها طقسا دينيا يُخصص للخالق وخدمة للانسان الآخر ، وبنفس الوقت فان هذه الاشكال الحديثة من الصيام تُنمي في الصائم قدرته على التحكم باعماله وسلوكه مع نفسه ومع الاخرين ، اضافة الى الفوائد الجانبية المترتبة على مثل هذه الانواع من الصيام وفي مقدمة تلك الفوائد هي الفائدة الصحية والفائدة الاقتصادية المتمثلة بتقليل تناول بعض المواد الغذائية والاشربة المكلفة ماديا ، اضافة الى تزايد طاقة وقدرة ورغبة الصائم بالمزيد من العمل والمزيد من الفرح والارتياح بتواصله مع الله اثناء ممارسة مثل هذه الصيامات التي تخدم بقية افراد مجتمعه ، ولذا فانك ترى ان المجتمعات اللااسلامية تسود جميع افرادها صائمين كانوا اوغير صائمين اجواء الفرح والمتعة والصحة والخير وزيادة الانتاج فعليا اثناء موسم اي صيام ديني تتبعه ، ناهيك عن تحقيق الهدف الرئيس من الصيام في توسيع مساحة محبة الآخرين من البشر المحيطين بكل متبرع بالصيام ، ناهيك عن نيل رضى الخالق على تلك الاعمال الانسانية .
منذ عقود طويلة وشيوخ المسلمين يتجادلون حول مشكلة عدد ساعات الصيام اليومية التي يجب ان يصومها المسلمون في البلدان التي تبين فيما بعد بان المدة بين ظهور الخيط الابيض من الاسود وبين ظهور الخيط الاسود من الابيض ( وقت الفجر ووقت الغروب ) قد لا يتجاوز ساعتين او ثلاثة كما في شمال اوربا مثلا ، وهذا ما قد يعني بان المسلم عليه ان يصوم عشرين ساعة او اكثر في كل يوم خلال شهر رمضان ، وهنا قد يتندر البعض بالقول ان الله كان يجهل جغرافية الارض حين انزل تفاصيل صيام شهر رمضان ، بينما من الاجدر باولئك الشيوخ مثلا ان يفتوا بان يعني او يقتصرالصيام على الامتناع عن اكل احد المواد الغذائية التي يستهويها الانسان المسلم عادة في الايام الاعتيادية كأن تكون مثلا : السمك او اللحم او البيض او الخبز او الرز ….. وغيرها من المأكولات ، أو ان يمتنع الصائم عن شرب اي شراب آخر يستويه في الحالات الاعتيادية عدا الماء ، وحين ذلك فان المسلم في تلك البلدان القابعة في شمال اوربا مثلا سيكون قادرا على ان يصوم لساعات طويلة وذلك بحرمان نفسه من اكل الطعام الذي يستهويه أو حرمان نفسه من الشراب اوالعصير او الشاي او القهوة او اللبن او الحليب الذي قد يستهويه دون ان يخالف نصوص ومضامين القرآن طيلة شهر رمضان ، فالقران فرض الصيام عن الاكل والشرب دون ذكر ما الذي سيمتنع الانسان عن اكله وشربه من انواع الطعام حيث ترك الله ذلك حكرا على ظروف وواقع وموقع وتفاصيل ونية وعمر الانسان الذي ينوي الصيام ولكن دون ان يؤذي الانسان نفسه او ان يؤذي بقية افراد مجتمعه ، مٌذكرين باننا لو صدّقنا بان الله يقول بان الصيام كُتِب على المسلمين كما كُتِب على الذين من قبلهم فاننا يجب ان نتعظ بهؤلاء من ذوي الاديان الاخرى لأن ذلك هو الذي سيساعدنا للتوصل الى الوضع الصحيح للصيام المناسب بعد مرور خمسة عشر قرنا على مفهوم وطريقة واسلوب الصيام البدائي الارهابي التقليدي ، علما انه كل اديان العالم المختلفة تُجْرى تعديلات وتغييرات مستمرة على نظم ومحتويات وتفاصيل صيامها باختلاف المكان والزمان والظروف الاخرى ولتصل دوما الى ما تبتغيه من المعاني الدينية والدنيوية للصيام والتي تخدم بمجموعها ( الانسان ) كأفضل مخلوق خلقه الخالق ، بينما ما زال شيوخنا يصرون على التمسك بطريقة الصيام البدائية والتي صام بها المسلمون قبل خمسة عشر قرنا ، وكلامنا هذا كله بافتراض ان المسلمين حينها كانوا فعلا يلتزمون بذلك الصيام واقعيا دون كذب وبأفتراض صحة كون القرآن كلاما من الله ، وهنا نشير بقوة الى ان الرجوع الى التفاسير والاحاديث الدينية المختلفة حول الصيام والتي كُتبت بعد القرآن بعشرات ومئات السنين سوف لن يفيدنا ابدا في الوصول الى معاني ومضامين الصيام المناسبة مثلما ان الرجوع لهذه التفاسير والاحاديث في مواضيع كثيرة اخرى قد يجعل من كل المسلمين دواعش وارهابيين لا محالة !!
ان استمرار فرض صيام رمضان بشكله ومضامينه البدائية الحالية يؤدي الى كوارث اجتماعية وصحية مدمرة ، فهو يساعد في زيادة معاناة الفقراء والمساكين المسلمين والذين يشكلون الاغلبية ، كما انه بالنتيجة يُعرّض فقراء كل المجتمعات الاسلامية الى شلل شبه تام مع تهديدات صحية واجتماعية خطيرة طيلة شهر كامل دون اي فائدة مرجوة يقرها عقل او دين او منطق في زمننا هذا ، فحتى طاعة الله لا تكمن في مثل هذا الصيام البدائي الارهابي ، فحاشى لله ان يبتغي الاضرار بالمجتمع وبالانسان وحاشى لله ان يمنع الانسان من التفكير والتدبير والعمل من اجل بقية البشر .

ويسترسل صاحب الرسالة الحديث في الكثير من الجوانب التي تخص سلبيات مواصلة فرض الصيام البدائي على المسلمين في القرن الحادي والعشرين ، متطرقا الى بعض الاحصائيات المعتمدة والتي تدل على تزايد نسب المشاكل والتشاجر والجريمة وشلل الحياة العامة خلال شهر رمضان تحديدا في جميع المجتمعات الاسلامية ، مضيفا القول :
علميا وواقعيا ، تختلف مديات تأثيرات الانقطاع التام عن كل مأكل ومشرب لفترات طويلة على الانسان الصائم وفقا لعوامل عديدة منها :
الظروف الجغرافية واختلاف عدد ساعات الصيام ، وعمر وجنس الانسان وطبيعته الوراثية وظروف ونوعية التغذية اضافة الى نوع العمل الذي يقوم به وعوامل عديدة اخرى ، ولما كان الانسان بفطرته البشرية يحاول دائما الارتقاء بحاله مع بقية افراد مجتمعه او مع بقية البشر عموما ، فان الكثير من الفقراء والمساكين المسلمين ممن يجبرون انفسهم على تحمل ضغوطات ومخاطر الصيام البدائي الشاق عليهم ، يتلهفون لمحاسبة كل انسان غير صائم ، مسلما كان ام غير مسلم ، لان مدى عذاب واضرار ما يتحمله الفقراء والمساكين الصائمون يجعلهم يحسون في دواخلهم النفسية بضرورة ان يشاركهم الجميع بما يلاقونه من ألم وعذاب ، ولكن هؤلاء المساكين والبسطاء من الصائمين يعكسون ذلك الاحساس ظاهريا تحت عنوان الحرص على جعل الجميع يلتزمون بتقوى الله واركان العبادة ، كما ان المتطرفين من هؤلاء الفقراء والمساكين المعذبين هم المادة الاساسية التي يتبرع بها القادة الدينيون الاسلاميون ليكونوا وقودا للعمليات الاسلامية الانتحارية ضد بقية البشر ، ولعل الفقير الذي يقاسي ويتعذب في صيام بدائي طيلة شهر رمضان من كل عام ربما سيجد في دواخله النفسيه ما يساعده فعلا في سرعة تخلصه من ذلك العذاب الارضي، وليفجر نفسه منهيا صيامه وفقره وعذاباته ولكن تحت عنوان التضحية بالنفس من اجل قتل كل كافر لا يصوم من اجل الحق والاسلام !
نعم ، يفجر المسلم المسكين الفقير نفسه لقتل اكبر عدد من الكفار الذين لم يتعبوا انفسهم يوما في تذوق عذابات يوم واحد من الصيام التام عن الاكل والماء في صيف حار ، نعم يفعل المسلم المسكين ذلك تقربا لله واستعجالا بالحصول على حياة ابدية خالية من الفقر والمهانة المزينة بعذابات الصيام الشاق .
نعم ، يفعل المسلم المسكين ذلك من اجل حياة ابدية جديدة فيها كل ما لذ وطالب من طعام وشراب كان يفتقده ذلك المسكين برمضان وبلا رمضان مع نساء وغلمان لا يحصون وماء صالح للشرب داخل بيوت مبنية من احجار الذهب والفضة والمسك !! بينما لا تجد مسلما غنيا واحدا يفجر نفسه في عملية ارهابية لانه يصوم بظروف مريحة ولديه ما يكفيه من النساء والغلمان والماء والبيوت والذهب ، وكل ما عليه هو فقط البقاء على قيد الحياة اطول سنين ممكنة مع الصوم من اجل ان تستمر نفس اوضاعه المرفهة بعد وفاته ( حسب ظنه ) .
ننتظر من المراجع الدينية الاسلامية الوقوف وقفة فكر ومنطق شجاعة تنقذ الشعوب الاسلامية من ورطة الانغلاق والغرق داخل افكار وتطبيقات مضى عليها خمسة عشر قرنا ، الى درجة اصبح فيها صيام شهر رمضان بشكله البدائي التقليدي الحالي ارهابا يضر الانسان الصائم وغير الصائم ، فمثل هذا الصيام يكون ركنا واضحا من اركان الاساءة الى الخالق والى كل انسان على سطح الارض ..