الماضي والحاضر لطالما تجرى المقارنات وتعقد باستمرار ولطالما يحاول الجميع استرجاع ذلك الماضي الجميل بلحظاته وبأدق تفاصيله فكيف إذا كان ذلك الماضي هو شهر من العام عاش الكثير منا أجمل ذكرياته وأروع ذكرياته بين صباحاته التي تفيض بالسرور ولياليه الغارقة في بحور النور ومجالسه المؤنسة بين أفراد الأسرة والأقارب نتشارك الهموم ونتقاسمها فيما بيننا.
يطل شهر رمضان شهر الخير والبركة بأيامه التي تسودها الحب والتسامح والمغفرة والعودة إلى الله والاجتهاد في الطاعات والصلاة وقراءة القرآن ويعود به المتخاصمين إلى نبذ خلافاتهم وتتوحد قلوب المسلمين وتتجه نحو قبلة واحدة في صفوف متراصة لا يصيبها خلل وتجتمع العائلة على مائدة الإفطار والسحور اجتماع صادق على الطاعة في مشهد يتخلله الألفة والمحبة والطمأنينة ينتظرون سماع صوت آذان المغرب الذي يسبقه انشغال الأمهات بإعداد المائدة الرمضانية التي يتوق كل منا للإنقضاض عليها وهنا ننهمك جميعاً لتحضريها وتبدأ طقوس دعوة الناس والجيران إلى الإفطار ومراسم توصيل شيء من أطباقنا إليهم وتعزز بذلك مراسم الروابط بشكل أمتن وأوثق.
في المساء عند الانتهاء تنتعش الأسواق وتزدحم بالمارة وتعج المقاهي بالزبائن وبصحبة الأصدقاء والأقارب التي تستمر حتى السحور سارقا منا الوقت تلك اللحظات الجميلة التي تشاركناها معهم ومعلنا نهايتها. تلك النهاية لم تكن نهاية تلك الصحبة فقط بل كانت نهاية تلك الأيام الجميلة والليالي التي عشناها فلم تعد تلك المظاهر بادية الآن ولم يعد لتلك الأشياء والطقوس بأدق تفاصيلها .
فرمضاننا لن يعود كما كان من قبل وسيبقى ذكرى جميلة عالقة نعيشها ونستحضرها كلما أطل الشهر الفضيل علينا في كل عام.
الكاتبة امال العامري