لآنها زوج رسول الله المبعوث رحمة للعالمين , لذلك كان للسيدة خديجة بنت خويلد موقفا أستباقيا للحجاب هو نموذج للمرأة الرسالية التي تؤمن بالله أيمانا يجعلها قدوة .
وقبل الخوض في موضوع الحجاب وما يواجه من شبهات وتحديات تنطلق من عقول لم تعرف موقعها من الكون , ومن نفوس غلبت عليها الشهوة فأستسلمت متصاغرة أمام ماتجد من لذات ومتع لاتعرف حدودها فراحت تلهو ونسيت واجباتها تجاه أبراز حتمية علاقة ألآرض بالسماء كما قال تعالى ” قل لو أن في ألآرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا ” .
عند بداية الوحي المبارك لخاتم ألآنبياء والمرسلين وما تقتضي تلك اللحظة من وعي وتدبر , بادرت السيدة خديجة زوج محمد بن عبد الله “ص” لتسأله من أجل الوقوف الى جانبه , فقالت : يا أبن عم صاحبك الذي يأتيك هل يمكن أن أراه ؟ فقال “ص” هذا هو أمامي , وهنا تبدأ تجربة السيدة خديجة الرائدة لآعطاء الحجاب بعدا كونيا ترضاه السماء ولا ترضى التبرج , علما أننا نتحدث عن لحظة بداية الوحي في مكة المكرمة والحجاب لم يشرع ألآ في المدينة وسنبين ذلك , والسيدة خديجة توفيت قبل فتح مكة بثمان سنوات .
فعندما قال رسول الله “ص” لخديجة رضوان الله عليها : هذا هو أمامي ويقصد به جبرئيل عليه السلام , قالت خديجة : يا أبن عم أجلس على فخذي ألآيسر قجلس رسول الله “ص” قالت : يا أبن عم هل ترى صاحبك ؟ قال : نعم , قالت يا أبن عم : أجلس على فخذي ألآيمن , فجلس “ص” قالت : يا أبن عم هل ترى صاحبك ؟ قال : نعم , ثم قامت خديجة بخطوتها ألآستباقية التي تحتاج نساء المسلمين ونساء العالم ألآستفادة منها معرفيا بعيدا عن اللجاجة التي تسل الرأي فلا يستبين صاحبه الحق والصواب كما عليه اليوم أغلب نساء المسلمين والعالم والاتي أصبحن فريسة لعصابات ألآرهاب التكفيري بدعاوى لاترتبط بمنهج السماء الذي حدد شروط ومواصفات المجاهدين في سبيل الله وهي غير متوفرة في عصابات داعش , وتلك المواصفات والشروط هي في سورة التوبة المباركة ألآية 112 قال تعالى ” التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون ألآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين ” – 112- التوبة , وداعش وكل العصابات التكفيرية ألآرهابية لم تلتزم بحدود الله , فالقتل على الهوية ونكاح الجهاد وسبي النساء وحرق ألآحياء , وتخريب الممتلكات والمنشأت وأقامة علاقات مع أسرائيل كلها مخالفة لحدود الله , ومن يخالف حدود الله لاتنفعه صلاته ولاصيامه وهو ليس من المجاهدين , بل هو من المحاربين لله ورسوله .
ثم قامت السيدة خديجة بنزع خمارها ” أي غطاء رأسها , ثم قالت لرسول الله “ص” وهو زوجها : هل ترى صاحبك ؟ قال “ص” : لا , فقالت : يا أبن عم , أهنئك أن صاحبك ملك , وليس بشيطان ؟ وهكذا أعطت السيدة خديجة درسا لكل نساء المسلمين ونساء العالم , لتقول لهن كأمرأة تتفهم طبيعة المرأة : أن السماء لاترضى التبرج , ومن لايرضى التبرج فهو مع الحجاب , لآن أختفاء جبرئيل عندما خلعت السيدة خديجة خمارها هو أعلان هوية الحجاب للمرأة , لآننا نعيش في كون مترابط القوانين وألآنظمة , ومخالفة قوانين الكون بلغة علمية يقربنا الى فهم اللغة الشرعية التي تحدث بها ألآنبياء في التنزيل وقام بتوضيحها ألآئمة ألآطهار في التأويل , ونقلها الفقهاء العدول من أيام السفراء ألآربعة للآمام المهدي “عج” الذي مكن له الله تعالى كما مكن للخضر عليه السلام الذي عنده علم من الكتاب وكما مكن لذي القرنين عليه السلام وهو الرجل الجوال الذي بنى أول السدود في العالم .
والحجاب : هو الستر , والستر يراد منه أخفاء شيئ ما له خصوصية , ولاتوجد خصوصية للمرأة أهم من أعضاء بدنها وما فيها من فسلجة وظيفية وهرمونات تتحسسها , ولذلك أذا أردت معرفة عفة الرجل أسأل عنه النساء الذين يعرفنه أو يعملن معه كما هو جار اليوم , وكلمة الحجاب وردت في القرأن مرتين , مرة في سورة ألآعرف ألآية -46- ” وبينهما حجاب وعلى ألآعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون ” -46- ألآعراف – وكلمة الحجاب هنا تعني الحاجز والساتر ولا تعني الحجاب الذي شرع للنساء كما نزل في سورة ألآحزاب ألآية53- وذلك لما بنى رسول الله “ص” بزينب بنت جحش وأولم عليها بتمر وسويق وذبح شاة , ولما رفع الطعام بقي ثلاثة من الرجال , وكان رسول الله “ص” يطعم ومعه بعض أصحابه فأصابت يد رجل منهم يد عائشة , فكره رسول الله ذلك كما كره بقاء ثلاثة رجال جالسين فأستحى أن يقول لهم أنصرفوا فنزلت أية الحجاب كما عن عبدالله بن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير , وكان رسول الله “ص” قد أرجئ من نساءه : سوده , صفية , جويرة , ميمونة , أم حبيبة , وممن أوى : عائشة , حفصة , أم سلمة , وزينب , قال تعالى ” يا أيها الذين أمنوا لاتدخلوا بيوت النبي ألآ أن يؤذن لكم الى طعام غير ناظرين أناه ولكن أذا دعيتم فأدخلوا فأذا طعمتم فأنتشروا ولا مستأنسين لحديث أن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لايستحي من الحق وأذا سألتموهن متاعا فسئلوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنحكوا أزواجه من بعده أبدا أن ذلكم كان عند الله عظيما ” -53- ألآحزاب – ثم ذكر الحجاب بتفاصيل في سورة النور – ألآية -31- ” .. وليضربن بخمورهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن ألآ لبعولتهن أو أبائهن أو أباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو أخوانهن أو بني أخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ماملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي ألآربه من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء , ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا الى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ” – 31- النور –
وفي ألاية “60 ” من سورة النور مايؤكد موضوع الحجاب قال تعالى ” والقواعد من النساء الاتي لايرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم ” -60 – النور –
وفي سورة الممتحنة ما يقرب من ذلك قال تعالى ” يا أيها النبي أذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لايشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن وأستغفر لهن الله أن الله غفور رحيم ” – 12- الممتحنة
وفي سورة ألآعراف ما يرتبط بمعنى الحجاب وهو اللباس للستر والريش للزينة , قال تعالى ” يابني أدم أنزلنا عليكم لباسا يواري سوأتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من أيات الله لعلهم يذكرون ” -26- ألآعراف –
وفي سورة البقرة في الحديث عن خطبة النساء ما يقوي مفهوم الحجاب وصيانة المرأة نفسيا وشعوريا وأبعادها عن الشبهات , قال تعالى ” ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لاتواعدوهن سرا ألآ أن تقولوا قولا معروفا ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله وأعلموا أن الله يعلم ما في نفوسكم فأحذروه وأعلموا أن الله غفور حليم ” -235- البقرة –
وفي سورة ألآحزاب ألآية -36- ما يحسم مسألة الجدل لدى البعض ممن لم يطلعوا على تفاصيل متعلقات الحجاب , ولم يعرفوا من هم الراسخين في العلم ومن هم أهل الذكر الذين يؤخذ عنهم في تفسير القرأن , هذا فضلا عن عدم تأهيلهم العلمي المناسب لمناقشة موضوع الحجاب ومواضيع القرأن ألآخرى وهي كثيرة , قال تعالى ” وما كان لمؤمن ولا مؤمنة أذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ” – 36 – ألآحزاب – وما ورد في نص هذه ألآية الكريمة هو ملزم لفتياتنا ونسائنا الاتي يؤمن بالله وبرسوله ولكنهن يظهر عليهن عدم ألآلتزام بالحجاب لآسباب تربوية تخص العائلة والمدرسة والجامعة وألآعلام والمجتمع والدولة , فالحجاب مظهر حياتي حضاري يحتاج الى حاضنات ترعى مفاهيمه وخصوصياته لما فيه من فوائد للمرأة التي لانريد تركها عرضة للتحرش الجنسي كما يحدث اليوم نتيجة فوضى اللباس الذي جعل التعري موضة العصر ويقف وراء ذلك مؤسسات وشركات وأجهزة مخابرات ودول هي نفسها التي تقف وراء أنتشار العصابات التكفيرية ألآرهابية , لآن هدفهم واحد هو أبقاء السيطرة على العالم .