بعد ايام قليلة من الاحتلال الامريكي للعراق ، ذهبت الى فرن الصمون القريب من دارنا ، لشراء صمون الفطور كالعادة . فوجدت منشورا معلقا على حائط الفرن ، كتب في اعلاه هادم اللذات . . ودفعني الفضول لقراءة هذا المنشور ، وانا في انتظار دوري لاستلام الصمون . فاذا به يحذر من الموت ، ويشرح عذاب القبر ، مع صور توضيحية مقززة . . فاشمأزت نفسي من هذا المنشور الذي يشيع الحزن والكآبة . . ولم اكن اعلم ان وراءه سيأتي حكاما يتاجرون بالدين . ودواعش يذبحون الناس على الطريقة الاسلامية . . حتى ادركت انهم جميعا ومن كل الطوائف لهم هدف واحد ، هو اشاعة ثقافة الموت بين المواطنين ، لاستلاب عقولهم وعواطفهم ، والتربع على عرش الحكم المغري، وهناك دول وجهات عديدة ذات اطماع اقليمية تمولهم
انهم يعلموننا الدين ليس لصفاء النفوس والدعوة لمكارم الاخلاق ، انما لاشغال الناس والهائهم من خلال نشر المفاهيم الدينية التي تدعو للخوف والقلق . ومن ثم مصادرة الفكر وحرية الاختيار
جاءت كل هذه الافكار في خاطري في بداية شهر رمضان وانا اقرأ مسجات تدعو الى التشدد ، وتحريم المسلسلات والفوازير وتحذر من عذاب الاخرة . . ولا يعلم المرسل انه اداة لمخطط يهدف الى نبذ الحياة واشاعة ثقافة الموت ليس في رمضان فقط انما خلال ايام السنة كلها . . انهم يعلموننا كيف نموت في سبيل الدين . ولا يعلموننا كيف نعيش من اجل مبادئ انسانية ساميه وجد الدين اساسا لترسيخها
ولقد كان الناس صياما وهم يلعبون المحيبس والقصخون يروي لهم قصص الحب والفروسية في المقاهي . وكان شعارهم دائما ساعة لقلبك وساعة لربك . . ولم يكن هناك ما يدعو الى الخوف والقلق والشعور بالذنب من خطايا لم ترتكب . وكان التآلف والحب يسود بين الناس من داخلهم لصفاء النفوس ،. وهم يتحلون بالشهامة والغيرة على الجار والصديق والضيف الغريب . حتى جاء الدين الجديد ليكون مصدرا للخوف والقلق من الحياة ومن المستقبل المظلم . والدعوة الى نبذ كل ما هو جميل من الفن والموسيقى والثقافة
ان الايمان نعمة من الله تعالى . . الا بذكر الله تطمئن القلوب . . والدين الحق هو دعوة لحياة مفعمة بالحب والانسانية . . ولكن هل هي مصادفة ان تأتي هذه المفاهيم التي ترسخ الكره وتشيع العداوة والبغضاء بين الناس بعد الاحتلال الامريكي. ،. ام ان هناك من كان يعد العدة لنا منذ زمن ليس بالقصير ليستعمر عقولنا. ويخطف الفرحة من قلوبنا. ،. حتى اصبح الانسان عندنا اشبه بالمومياء المحنطة. ،. والناس مغمضي العين وهم يسيرون وراء غربان تنعق على رؤوسنا ليلا ونهارا. هذا حرام وهذه بدعة وتلك ظلالة
لقد حولوا مجتمعنا بشكل كامل الى منظومة تتبنى ثقافة الموت ،. بدل اشاعة الامل والحياة . . ان ثقافة الحياة لا تنفصل عن الابداع الفني والثقافي والانساني . واذا كان ادعياء الدين يحرمون الموسيقى والفنون بالوانها الجميلة فهم يسبغون الوانهم الرمادية والسوداء على مجمل حياتنا
ان الحياة تعني الولادة والفرح والانفتاح على خلائق الله الجميلة الزاهية بالوانها البهيجة . اما ثقافة الموت فأنها تدفع الى القتل والكره والحرب والنزاعات والخصومات . . لقد احيط بنا الموت من كل جانب ولم نعد نتنفس الحياة . . لنقول جميعا وبصوت واحدلكل هؤلاء الذين يشيعون الكراهية بأسم الدين ارحلوا عنا ايها الاموات فنحن نحب الحياة ،. نحب الايمان. ونحب الجمال
ان الايمان ايها الاحبة وسيلة للحياة وليس للخوف والقلق والفزع من الموت وما بعده . . علموا اولادكم كيف يعيشون بالايمان ،. ولا تعلموهم كيف يموتون . . الله جميل يحب الجمال خلق الانسان ليعيش . فارادة الحياة اقوى من ارادة الموت . هذا ناموس الطبيعة منذ بدء الخليقة الى يومنا هذا
لا تستعبدوا الناس بالدين. . حرروهم بالايمان. ،. بالحكمة والموعظة الحسنة واجعلوا من رمضان شهر الرحمة والبر والتآلف بين الناس. . كل الناس . وكل رمضان وانتم بخير