رمضان بين الماضي والحاضر – المقالة الواحدة والعشرون

رمضان بين الماضي والحاضر – المقالة الواحدة والعشرون

كانت الطقوس الرمضانية مختلفة في المدينة، ولها عادات وصيغ اجتماعية مميزة عن باقي الأيام.
وربما تختلف من مدينة إلى أخرى، فمدينة الموصل مثلاً أجواؤها الرمضانية تتميز بطقوس مختلفة عما هو موجود في العاصمة بغداد، وهذه الاختلافات لم تأتِ من فراغ، وإنما هي تراكمات اجتماعية تاريخية أصبحت من ضمن العادات والتقاليد الموجودة لكل مدينة. فتجد أبناء العاصمة بغداد وطقوسهم الرمضانية ولعبة المحيبس الشهيرة بين أبناء محلاتهم السكنية الكبيرة، فيما تجد في مدينة الموصل أن أغلب كبار السن يذهبون بعد أن تنتهي صلاة التراويح للجلوس في أحد المقاهي القريبة من منازلهم، والتي تكون مغلقة بالكامل في أوقات النهار اثناء الصيام. كذلك تجد تزاوراً فيما بين العوائل لقضاء أمسيات رمضان التقليدية،
وان من الملفت للنظر ومن ضمن عادات اهالي الموصل وفي شهر رمضان المبارك ربما تجد أن مراسم الزواج في هذا الشهر قليلة جداً، وإذا كان هناك من جهز نفسه لهذه المناسبة فإنه بالتأكيد سوف ينتظر نهاية هذا الشهر ويكون زواجه متوافقاً مع أيام عيد الفطر المبارك.
كانت هناك مناطق تجد أسواقها عامرة كل الليل أثناء شهر رمضان، وتجد الازدحامات واضحة فيها، وأغلب أهل المدينة يقصدونها لشراء وجبة السحور أو لتناول السحور هناك، مثل منطقة باب جديد ومنطقة الميدان ومنطقة شارع الفاروق والمستشفى، إضافة إلى منطقة سوق النبي في الجانب الأيسر. هذه المناطق تجد أسواقها تعج بالزوار بعد صلاة العشاء، ويبقى الناس فيها حتى أوقات السحور ثم صلاة الفجر والذهاب إلى منازلهم…
وللموصل ومطاعمها أيضاً أكلاتها المميزة التي يقدمونها في وجبات السحور أو الإفطار مثل الباجة والگص وأنواع المشويات، إضافة إلى المطاعم الصغيرة التي تقدم لفات الطعام أو ما هو متعارف عليه بالسندويچ.
وقد اشتهرت في مدينة الموصل صناعة مادة المخللات والتي تسمى الطرشي أو المخللة، ونظراً لإقبال العوائل الموصلية على شراء هذه المادة، فتجد محلاتها عامرة ومزدهرة أثناء شهر رمضان المبارك، وتجد إقبال الأهالي على شراء مادة الطرشي اللذيذة، والكثيرون يعتبرونها من أحد فقرات المائدة الرمضانية. وربما هناك تسميات لمحلات عديدة أصبحت من ضمن الماركات التجارية مثل طرشي الشفاء أو طرشي الصقال أو طرشي الشيخ وغيرها من الماركات الأخرى المتعارف عليها في المدينة…
كذلك انتشرت في المدينة محلات خاصة لبيع انواع  من العصائر، وفي مقدمتها شربت الزبيب، والتي تعتبر من ضمن مفردات الوجبات الرمضانية.. وقد عرف بعض أصحاب هذه المهنة بأسمائهم ومحلاتهم التي يتوافد إليها الناس لشراء هذه العصائر وتقديمها أثناء وجبة الإفطار، وكانت عصائرهم تُجهز وتُصنع من مواد غذائية طبيعية لا يدخل فيها أي شيء من المواد الصناعية غير الغذائية مثل الأصباغ وغيرها.
وإلى مقالة أخرى قادمة… ورمضان كريم…