في هذه المقالة، وبما أننا نتحدث عن شهر رمضان الكريم بين الماضي والحاضر، سأكتب لكم عن شهر رمضان المبارك وكل ما يتعلق بجوانبه عندما كنت في الجمهورية العربية السورية، وتحديداً في مدينة حلب بين الأعوام 2007 إلى 2010. كنا نسكن في منطقة تُسمى سيف الدولة قرب كلية العلوم. في سوريا،
كان رمضان موجوداً داخل محيط الأسرة فقط، فلا توجد له مظاهر كبيرة في المحيط العام لعدة أسباب، أهمها الوضع الاقتصادي الصعب الذي كان يعيشه الشعب السوري في تلك الفترة، والذي يُعتبر بالنسبة لهم وضعاً طبيعياً. ولأننا نحن الشعب العراقي نمتلك اقتصاداً قوياً في كل الأزمان، فإننا نرى ما كانوا يعيشونه صعباً جداً بالنسبة لنا.
كان شهر رمضان المبارك وموائده الرمضانية بالنسبة لعموم الناس هناك وجبة أكل واحدة بسيطة، وأغلبها نباتية، وخاصة ما يُسمى بالمحاشي. وعندما تسمع هذه الكلمة، تتصور أنها من أنواع اللحوم، ولكنها في الحقيقة مكونة من بعض الخضراوات مثل الباذنجان والكوسا ومحشوة بالأرز وقليل من اللحم..
. في سوريا، عندما كنت أذهب لشراء اللحم من القصاب، تجد أنهم يبيعون اللحوم الهبر فقط، ولا يوجد من يبيع اللحم بالعظم كما هو موجود لدينا. وبما أننا نحتاجه في وجبة الإفطار، كنا نعاني من هذه الظاهرة الموجودة لدى بائعي اللحوم هناك. في ،
كل شيء موجود في اسواقهم هو منتجات محلية، ولا يوجد لديهم مستورد، فكنا نذهب إلى حقول الدواجن ونشتري الدجاج الطازج، وفي قرب كل بائع دجاج توجد ماكينة لذبحه وتنظيفه بالكامل….
بالنسبة لشهر رمضان المبارك، لم أرَى أي دعوة كبيرة لعدة أشخاص في منزل معين لتناول وجبة الإفطار كما هو موجود لدينا في العراق. وكانت صلة الأرحام قليلة جداً، ما عدا أبناء الريف الذين لهم عاداتهم وتقاليدهم الخاصة، وربما القريبة من عادات وتقاليد الأرياف العراقية. أما بالنسبة للمدينة، فإن أهل المدينة لا يلتقي الأخ بأخيه، ولا تلتقي العوائل إلا في الأماكن العامة. كانت اكثر لقائاتهم في الحدئق العامة ، لأن الجميع كانوا يسكنون في شقق سكنية، والبناء الموجود لديهم كله عمودي، وقليل جداً ونادر ما تجد بناءً ارضيا منفرداً. الحياة كانت صعبة جداً في شهر رمضان. وعلى اعتبار أننا كنا نسكن في مدينة حلب، وهذه المدينة لها قدسيتها الخاصة، إلا أننا لم نجد قدسية شهر رمضان التي كنا نراها ونعيشها في العراق. حتى صلاة التراويح كانت هناك قصيرة جداً ومختصرة، وكذلك صلاة العيد كانت مختصرة وتبادل التهاني محدود جداً…
ورغم أننا كنا ضيوفاً لديهم، ونشكرهم على حسن ضيافتهم، حيث كان هناك يتواجد أكثر من مليون عراقي بسبب الظروف الصعبة التي حدثت في العراق في تلك الفترة، فكانوا عونا لنا وخاصة في تسهيل امورنا في الاجراءات الرسمية من ناحية دوائرهم فكانوا يهتمون بنا ويستقبلوننا استقبالاً جيداً ويقدمون لنا كل التسهيلات..
. ولكن الوضع الاقتصادي العام صعب وكانوا يعانون منه. وبما أننا متعودين على معيشتنا في عراق الخير والخيرات، فلا يمكننا أن نقارن أي بلد آخر بالخير الموجود في العراق،..
أدامه الله علينا وأبعد عنا شرور الأعداء، وأدام الله الأمن والأمان والرخاء في هذا البلد المبارك.
وإلى مقالة رمضانية أخرى، ورمضان كريم.