في المدينة كان لشهر رمضان في ذلك الوقت ، هناك طعم خاص وأجواء رمضانية لها قدسيتها تتناسب مع أيام هذا الشهر الفضيل.
تجد المطاعم مغلقة بالكامل ولا يمكن الإفطار بصورة علنية في الشارع، لأنه بالإضافة إلى كونه واجبًا دينيًا، الا انه يُعتبر من معيبات المجتمع الموصلي المتعارف عليها…
وكانت الأسواق مفتوحة منذ الصباح الباكر، والناس تقوم بشراء حاجياتها وما يلزمها من وجبات الإفطار من السوق مبكرًا.
كانت هناك أنواع كثيرة تشتهر بها مدينة الموصل من المأكولات المميزة، والتي عادة ما تكون موجودة في وجبات الإفطار. وكانت ربة البيت تقدم كل إبداعاتها وكل ما تعرفه لتجهيز هذه المائدة، على اعتبار أن جميع أفراد عائلتها سيكونون موجودين، وكذلك ستكون هناك دعوات خاصة في بعض الايام الرمضانية على وجبة الإفطار لأفراد العائلة الذين يسكنون في بيوت خاصة خارج منزل العائلة الكبيرة، مثل الابن المتزوج أو البنت المتزوجة. بالإضافة إلى ذلك، تقوم أغلب العوائل بتقديم بعض ما تقوم بطبخه وإعداده للمائدة الرمضانية إلى الجيران أو العوائل المتعففة المحتاجة في منطقتهم. وربما يصادف أحيانًا أن يطرق عابر سبيل الباب ساعة الإفطار وهو بحاجة إلى الطعام….
قبل دقائق من موعد الإفطار، تجد الجميع جالسين قرب المائدة الرمضانية وهم ينتظرون مدفع الإفطار الذي يسمع صوته أغلب أبناء المدينة في ذلك الوقت، ثم بعدها يسمعون صوت المؤذن وهو يكبر لصلاة المغرب ونهاية نهار رمضاني مبارك. تبدأ بعدها العوائل بتناول وجبتهم، وأولها قليل من التمر واللبن أو الماء، ثم شوربة العدس التي تعتبر من الوجبات الرئيسية المتواجدة طوال فترة شهر رمضان. بعدها يقوم الأب وأبناؤه الكبار بأداء صلاة المغرب، وتقوم النساء في هذه الفترة بإعداد المائدة الرمضانية وتجهيزها ووضعها على السفرة.
كانت السفرة ماعونًا كبيرًا مصنوعًا من الفافون، لتتبدل بعدها مع مرور الوقت إلى قطعة كبيرة من النايلون السميك. تجد كل ألوان الفواكه والخضروات مرسومة فوقها.
بعد تجهيز هذه السفرة وانتهاء الأب ومن معه من صلاة المغرب، يجلس الجميع على وجبة الإفطار وهم يدعون لله بالشكر والحمد على ما أعطاهم من نعم كثيرة.
كل شيء في المدينة مختلف عما هو موجود عند أهالي القرى والأرياف. فأسواق المدينة العامرة تجد فيها ما لذ وطاب، وكذلك القدرة الشرائية لسكان المدن واستطاعتهم تجهيز عوائلهم بأنواع المواد الغذائية، سواء كانت اليومية أو الخزين العام للأسرة.
وإلى مقالة أخرى، ورمضان كريم.