8 أبريل، 2024 8:10 ص
Search
Close this search box.

رمضانيات 2 / المضاربون بالدولار !

Facebook
Twitter
LinkedIn

أذكرُ جيدا بداية العقد التسعيني من القرن الماضي كنا نعمل في تصريف العملة عند شارع الكفاح وسوق الشورجة وشارع النهر وتكون أستراحتنا في ساعة الظهيرة داخل مقهى (حسن عجمي) حيث العديد من الاصدقاء الادباء ، كنا حامد الحمراني ورياض ابراهيم رحمه الله واخي ستار وانا نقضي النهار في الضحك والتصنيف على نظام صدام حسين وما أوصل العراق الى مرحلة كارثية اسمها الحصار ! كان غالبية الناس من المهشمين نفسيا ومعنويا وماديا ، وكان من يسيطر على سوق العملة في بغداد اقارب نظام صدام فثمة حسين كامل وعدي وارشد توفيق الذي كان يتاجر بآثار العراق ويحضر مزادات شارع النهر كل يوم ، في تلك الايام اصبح صعود الدولار جنونيا فقد قفز من ال 150 دينارا الى ال 200 دينارا.. الأمر الذي احدث ارتباكا في سوق العملة واصبح الطلب على أشده على الدولار !
في ذلك اليوم كنا عادة ما نذهب مساء الى معرض بغداد الدولي عند منطقة الحارثية التي تعتبر السوق الثاني للدولار ، وعند دخولنا عصرا وبينما كانت الناس تبيع وتشتري فيما بينها مع صعود قوي للدولار سمعنا صوت اطلاقات نارية مع هجوم شرس لقوات النظام على تجار العملة وكل من يقف في الشارع واعتقلتهم بطريقة همجية ، وظلت اموال الناس تفترش الارض ، لقد اختفى رياض ابراهيم مع زحمة الناس وصراخهم على اموالهم التي غالبا ما يكونوا قد اقترضوها من اقارب لهم . كنت أحمل مبلغا كبيرا في جيبي عائديته الى تجار في السوق ، وقد صعدت واخي ستار الى عمارة الاطباء المكتظة بالعيادات وكان دخولي في عيادة نسائية الامر الذي رفضت دخولي ممرضة العيادة التي شرحت لها موقفي ووافقت ان تخبئني في غرفة داخلية ومن ثم تنزل معي بعد اكثر من ساعتين لتمسك بيدي وتنقذني من السيطرات التي كانت منتشرة في الشارع ، اخي ستار كان قد دخل في عيادة نفسية ليقوم بتمثيل دور المريض النفسي ويتمكن من الافلات من عصابات الامن الخاص التابع للنظام والذي في ذلك اليوم سيطر على اموال لا تعد ولا تحصى للمضاربين الذين يعيشون على تصريف العملة .
كان صديقنا الناقد علي عبد الحسين مخيف رحمه الله  قد تم اعتقاله في شارع النهر مع مجموعة من التجار الذين نفذ بهم النظام المجرم حكم الاعدام على الفور ! ليبعد تهمة حرق السوق عن  حسين كامل وعدي وارشد وعبد حمود وهلم جرا ! وقد نجا باعجوبة علي عبد الحسين مخيف من حكم الاعدام لكنه لم ينج من الطائفية فكان احد ضحاياها بعد سقوط النظام المجرم !
هذه الحادثة تذكرتها اليوم بعد ارتفاع سعر صرف الدولار الذي وصل اليوم الى 147 الفا في بغداد !
لقد سرقت الحكومة والبرلمان قوت الشعب وثرواته ولم تبقٍ دولارا واحد في خزينة الدولة بينما حيدر العبادي رئيس الوزراء قال يوم امس انه سيضرب بيد من حديد على المضاربين بالدولار .
ما اشبه اليوم بالبارحة ايها العبادي ، لقد اعدام صدام الابرياء وحاربهم برزقهم ولم يعدم رؤوس المضاربة بالدولار في ذلك الوقت ، وانت اليوم ستضرب بيد من حديد على الفقراء وتترك الفاسدين الذين دمروا اقتصاد البلاد ودمروا العباد !

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب