أغلى امنية على قلبي أن يفاجئني الأجل وأنا أكتب داعيا الى الله والحق والعدل والحرية، بل أسمى رغائبي أن أدخل الجنة لأقرأ فيها وأكتب خالي البال متحررا من الاشغال وهموم العيال وكم مر بخيالي هذا السؤال.
اذا انعم الله علي بالجنة فهل أكون بطالا؟وهل يتسنى لي فيها ان اقرا واكتب ؟ وإجيب نفسي اجل ان فيها ما تلذ الاعين وتشتهي الانفس حتى لو تشتهي القراءة والكتابة ويعود السؤال بصيغة ثانية لمن اكتب واهل الجنة كلهم في غاية الجمال؟ ..
بهذه الكلمات يبدأ رحلته مع القران مفسرا واضعا (التفسير الكاشف للقران ) الاسم الذي تحمله سلسله تفسير القران متنقلا في بحور السور والنصوص القرانية .هكذا يتأمل الحياة الاخر بعد ان خبر الدنيا ذائقا ويلاتها من جوع وظلم وصراع مع الجهل والتخلف .سماحة الشيخ محمد جواد مغنية فارس الكلمة رجل الدين المعاصر. عرف عنه غزارة الفكرية وإنتاجه الضخم ،ابتداء بفلسفات اسلامية ثم عقليات اسلامية الى كتابه الضخم المقارن بين المذاهب والمسمى (الامام الصادق والمذاهب الاربعه) .كان رضوان الله عليه شديد التواضع مخلص في عمله بسيط جدا في حياته. تعرض للعديد من المضايقات اثناء عملة في المحكمة الجعفرية في لبنان، حين عرضت عليه قضية لأحد المتنفذين، حكم لخصم هذا المتنفذ ولم يقبل المساومة في القضاء , مما اضطره لترك العمل. حين تتزاحم المبادى تعرف معادن الناس لذلك عانى ما عانى بسبب مواقفه الشجاعه ضد الظلم والفساد مدافعا عن حقوق المظلومين .من بين أشهر القابه لقب بـ(قلم الشيعة )لما تميزت به كتاباته من تبسيط للمفاهيم والافكار سواء داخل الوسط الحوزوي او خارجه . مقدماً الافكار المادية والشيوعية، بأسلوب سهل للمتلقي في زمن كانت وسائل التواصل معدومه بالاضافة الى غلاء اسعار الكتب وقلتها.عرف عنه شظف العيش الا ان هذه لم يمنعه من التواصل مع اخر صيحات الفكر، حيث كان يخصص وقتا للاطلاع على المجلات والكتب والدوريات المختصة في مختلف فروع المعرفه.عرف عنه مفسرا للقران وباحثا عميقا بالتاريخ مبدعا في مجال الفقة والكتابات الفلسفية ،تميز بتنوع الفكر وعذوبة الاسلوب، الطرح الشيق ،وضوح الافكار . كان من اشد الدعاة للوحدة بين المسلمين ،بما قدمة من اطروحات فكرية في مختلف المجالات تدعوا لتماسك المسلمين ووحدتهم .ان ما عاناه الشيخ مغنية من قسوة الحياة من الفقر والحرمان جعل منه صوتا للمحرومين والفقراء ،إنموذجا يتأسى به من كان داخل الوسط الديني وخارجه لصدق الموقف ونبل الاحساس، ومواساة للفقراء والمحرومين والدفاع عنهم ضد كل الوان الظلم والاستبداد والجهل.ما نحتاجه الان خاصة في زمن وسائل التواصل الاجتماعي كذلك الانفجار العلمي والتقني، رجال دين معاصرين يواكبون التطور حداثويين صادقون المشاعر نماذج مكلله بالامانة، يحتذى بهم بالتواضع والعلم والابتعاد عن مرض السلطة ، وان لاتغرهم الدنيا. لا تخدعهم المغريات لأن اختبارهم الحقيقي في هذه الحياة . وظيفة رجل الدين ان يحارب الجهل والتخلف ان يدفع الناس للتفكير النقدي، ان يوقد بهم روح الحماسة للعلم والمعرفة ،لا ان يعزز الجهل ناشرا التخلف والبدع والخرافات والاسؤء يحجب عن الناس نور العقل ليفكر عنهم ويقودهم كالقطيع. بل على العكس عليه ان يعلمهم مبادئ الحرية والكرامة حتى لا تسرق حقوقهم .أن يكون نموذج صالح يقرب الناس الى الله لا أن يكون قاطع طريق ولص بأسم الله.
ومضة :
هناك نوعين من الرجال: رجال عقلاء ورجال متدينون .
ابو العلاء المعري